انضمّت الحدود الشمالية للبنان امس الى حدوده الشرقية في تلقّي «تشظيات» الحرب السورية التي لفّ دخانها امس المناطق المتاخمة لريفيْ دمشق وحمص سواء في عرسال بقاعاً او وادي خالد شمالاً في امتداد لمعركة يبرود التي نجح النظام السوري بإسقاطها بدعم من «حزب الله» في تأمين ربط دمشق بالساحل مروراً بحمص.ففيما كان لبنان يرصد نتائج انتشار الجيش اللبناني داخل عرسال على صعيد إعادة «الجمر الى تحت الرماد» في العلاقة بين هذه البلدة المؤيدة للثورة السورية في البقاع الشمالي ومحيطها الذي كان فرض حصاراً عليها بعد اتهامها بانها مصدر السيارات المفخخة والصواريخ التي تستهدف مناطقه، سرقت منطقة وادي خالد في عكار الأضواء مع تعرّضها لقصفٍ من الجانب السوري رافقَ معارك بلدة الحصن - التي تُعتبر آخر معقل لمقاتلي المعارضة في ريف حمص الغربي - وفاقم من وطأته استهداف عائلات ومقاتلين خلال نزوحهم في اتجاه الاراضي اللبنانية اذ تعرضوا لقصف من الجيش السوري عند مجرى النهر الكبير، ما تسبب بمقتل واصابة العشرات.ومع تكشُّف حصيلة القصف الذي اكد مصدر عسكري سوري انه عبارة عن مكمن نصبته قوات النظام لـ 11 مقاتلاً معارضاً خلال فرارهم من بلدة الحصن في اتجاه الاراضي اللبنانية ما ادى الى مقتلهم، وتأكيد مصدر امني لبناني الى ان القصف استهدف نازحين خلال محاولة عبورهم الى لبنان وبعضهم اصيب داخل الاراضي اللبنانية، عمّ الغضب شمال لبنان الذي شهد عمليات كرّ وفرّ من قطع طرق في عكار وطرابلس احتجاجاً على استهداف وادي خالد، لتتفاقم مظاهر الاحتجاج مع التقارير عن قفل الجانب السوري معبر البقيعة الشرعي مع لبنان ما أعاق عبور الجرحى.ووسط مظاهر الاحتجاجات الصاخبة التي بلغت حد قفل معبر العبودية الحدودي مع سورية لبعض الوقت، برزت الخشية من ان يكون لبنان امام مشهد مكرر لـ «انتفاضة» التضامن مع عرسال التي حصلت يوم الثلاثاء وشملت قسماً كبيراً من المناطق في الشمال والبقاع وصولاً الى بيروت وصيدا تحت عنوان «فك اسر عرسال»، في ظل قلق متعاظم من امكان ان يأتي التوتر في وادي خالد ليصب «الزيت على نار» الغليان في مدينة طرابلس التي تشهد منذ نحو اسبوع مواجهات بين جبل محسن وباب التبانة وكانت ارتفعت فيها قبل ثلاثة ايام تهديدات بمحاصرة «الجبل» رداً على حصار عرسال التي تعرّضت امس لسلسلة غارات سورية بدت مربكة ومحرجة للمؤسسة العسكرية اللبنانية.واضطرت السلطات اللبنانية الى مواكبة هذا الملف المستجد الذي دهم جلسات الثقة بالحكومة حيث عقد وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير الصحة وائل ابو فاعور اجتماعاً لمتابعة قضية الجرحى والنازحين الى عكار قبل ان يوجّه المشنوق نداء الى المحتجين لفتح الطريق لتسهيل نقل الجرحى الى المستشفيات.وكانت بلدات في وادي خالد تعرضت للقصف من الجانب السوري ولا سيما في البقيعة اللبنانية وبلدة بني صخر وخط البترول. وافيد عن احتراق منزلي جاسم البحيري واحمد الساطم كما اصيب مسجد قرية بني صخر بقذيفة. فيما اعلن تلفزيون «المستقبل» ان «النيران اشتعلت بعدد كبير من المنازل عند مجرى النهر الكبير الجنوبي جراء القصف السوري وعدد القتلى قد يصل الى 10 بين لبنانيين وسوريين».وقد ناشد الاهالي الجيش اللبناني وجميع الجهات المعنية بالدولة المسارعة الى التدخل وحماية الاهالي وسحب الجرحى السوريين والعائلات السورية التي كانت لا تزال عند الحدود من دون ان تتمكن من بلوغ الاراضي اللبنانية بفعل اطلاق النار والقصف الذي كان بدأ مع تعرض عدد من المسلحين الذين كانوا يتحصنون في قلعة الحصن لهجوم عنيف من الجيش السوري ما اضطرهم الى الفرار مع سكان البلدة الى الجانب اللبناني حيث تم استهدافهم في طريقهم ما ادى الى سقوط عدد كبير من الجرحى.وفي حين اعلن الصليب الاحمر اللبناني انه نقل قبل الظهر 45 جريحاً وصلوا الى الجانب اللبناني، رجح مسؤولون في الجمعية الطبية الاسلامية في وادي خالد وصول أكثر من 100 جريح إلى الحدود اللبنانية، وأوضحوا أن هناك نقصا في سيارات الاسعاف، آملين من الجهات المسؤولة والمعنية إيفاد المزيد من السيارات لكي يتمكنوا من إجلاء الجرحى.ومع تواتر المعلومات عن قصف وادي خالد بدأ قطع الطريق الدولية بين طرابلس وعكار كما جرى قطع طرق في حلبا وسط توتر فاقمته المعلومات عن مقتل أمير جند الشام في قلعة الحصن وهو اللبناني ابو سليمان الدندشي ثم التقارير عن توقيف الجيش اللبناني أبو مصعب سكاف ورفيقه أبو بصير في منطقة شدرا.وتعليقاً على التطورات في وادي خالد طالب عضو كتلة «المستقبل» النائب معين المرعبي في حديث إلى «الراي» الحكومة فور نيلها الثقة بـ «اتخاذ قرار الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي من أجل المطالبة بتطبيق القرار 1701 لنشر قوات أممية أي يونيفيل إلى جانب الجيش اللبناني على الحدود لحماية الأهالي ومنع أي طرف من التدخل بالشأن السوري».وأوضح ان «أهالي قلعة الحصن، النساء والأطفال والشباب الذين دافعوا عن منطقتهم، استنفذوا كامل إمكاناتهم العسكرية أمام القصف الجوي والمدافع والصواريخ لما يزيد على سنة، واضطروا إلى الإنسحاب. وعندما وصلوا إلى الحدود عند النهر الكبير علم جيش الأسد بأمرهم وقام بإطلاق النار عليهم، فسقط أكثر من مئة جريح وعدد غير معروف من الشهداء داخل الأراضي السورية»، مؤكدا أن «جيش الأسد أطلق النار على المدنيين العزل الذين لا يحملون أي سلاح إطلاقاً، وقام بقتلهم أمام أعين اللبنانيين في الجهة المقابلة».وأكد أن «القصف طاول مناطق لبنانية، ومدافع الجيش السوري استهدفت مركزا للجيش اللبناني على الحدود ومنازل لبنانية»، مشيرا إلى أنه «ليس بإمكاننا التجول نتيجة القصف على القرى والمناطق اللبنانية». وقال: «سقط عندنا شهيد على الأقل، وعدد من الجرحى اللبنانيين جراء القصف السوري».
خارجيات
النائب معين المرعبي يطالب عبر «الراي» بنشر قوات أممية على الحدود
غضب في شمال لبنان مع استهداف مقاتلين ونازحين من حمص
06:36 م