بـ «ميّة وأكتر» ستخرج حكومة الرئيس تمام سلام من جلسات مناقشة بيانها الوزاري قبل منحها «الثقة المضمونة» التي ينتقل بعدها المشهد السياسي اللبناني الى التركيز على استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية التي تبدأ مهلتها الدستورية في 25 الجاري.ومثُلت الحكومة اللبنانية امس امام البرلمان وسط انطباع بأنها في سباق بين «لغم سياسي» تفككه ويرتبط بدينامية داخلية و«لغم أمني» ينفجر «بين يديها» ويتصل بارتدادات الحرب السورية على لبنان.ورغم ان الحكومة، التي يفترض التصويت على الثقة بها اليوم، حضرت الى البرلمان «كاملة الصفوف» بعدما أفضت الاتصالات المحلية والدولية التي جرت مع حزب «الكتائب اللبنانية» الى تراجُعه عن خطوة استقالة وزرائه الثلاثة ربطاً بتحفّظه عن بند المقاومة في البيان الوزاري وعدم عطْفه صراحة على مرجعية الدولة، فانها بدت «مثقلة» بهمّيْن لف «غبارهما» مقر مجلس النواب في «ساحة النجمة»: الأول أمني أطل برأسه بقوة مع ملف بلدة عرسال والتحركات الغاضبة على محاصرتها ربطا بتفجير النبي عثمان الانتحاري الذي جاء بعد «استراحة» العمليات الارهابية لـ 22 يوماً، وهما الملفان اللذان جاءا ليضعا الحكومة امام تحدي «تضامُنها» وامكان توحدها ولا سيما في ظل التباين الكبير في «قراءة» التفجيرات وخلفياتها بين فريقيْ 8 و 14 آذار الذي يعتبر الضربات الارهابية رداً على دخول «حزب الله» الحرب السورية. من دون إغفال «نزيف» طرابلس حيث تستمر المواجهات الدموية مع تطوّرها الى استهداف مباشر للجيش اللبناني وسط خشية من الاحتمالات التي قد تترتب على استمرار الصدامات في المدينة ولا سيما على صعيد امكان استغلالها لربط الوضع في شمال لبنان بالوقائع السورية الآخذة في «التدحرج»، وذلك بعدما بدا واضحاً ان الجولة عشرين من الاشتباكات بين جبل محسن وباب التبانة تتجاوز ملف الحكومة وبيانها الوزاري.اما الهمّ الثاني فسياسي، حيث بدت جلسة الثقة امتحاناً فعلياً لصلابة «التعايش» بين 8 و 14 آذار، وسط ترقب مستمرّ لسقف الكلمات التي ستُتلى في مناقشة البيان الوزاري وتوقعات بان لا تعكس كلها «الهدنة» التي عبّر عنها شكل الحكومة بل ان يعكس بعضها (ولا سيما في تيار «المستقبل») أكثر، وإن ضمن ضوابط، «ربْط النزاع» الذي وُضعت هذه الحكومة في سياقه. كما ستؤشر الجلسة الى طبيعة العلاقة بين مكونات 14 آذار ولا سيما «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية» بعد التباين الكبير الذي ساد على خلفية المشاركة في الحكومة ثم مضمون البيان الوزاري، وسط حسم «القوات» قرارها بعدم منح الحكومة الثقة التي سترسو على نحو 110 أصوات من اصل 128 يتألف منهم البرلمان اللبناني.وثمة مَن رأى ان اولى الاشارات على هذا المستوى لم تكن مشجّعة على صعيد التعبير عن «الاهتزاز» في العلاقة بين «المستقبل» و«القوات» بدليل مداخلة عقيلة رئيس الحزب النائبة ستريدا سمير جعجع في البرلمان التي وإن كانت دعت «حزب الله» الى «قرار شجاع وواضح» بتسليم سلاحه الى الدولة، فانها أسهبت في الاضاءة على «نقاط التشابه» بين «القوات» و«شركائنا في حزب الله» الذي كان الدكتور جعجع عبّر عن استعداد لحوار معه اذا «كان جدياً». وقالت النائبة جعجع في كلمتها: «بقدرِ ما توجَدُ نِقاطُ اختلافٍ بيننا كقوات لبنانية وبين شركائنا في حزبِ الله، بقدر ما توجدُ نقاطُ تشابه، فالحزبان شعبيان بالمعنى العريضِ ومنظّمان، لديهما مشاريعُ سياسية واضحة، ولو كانت مختلفة جداً، وهما يناضلان جدياً للوصول الى أهدافهما. فالأمينُ العام لحزبِ الله السيد حسن نصرالله، إستُشهِد ابنُه هادي في مواجهةِ العدوِّ الإسرائيلي، ومن ثَم اضطُرَّ للعيش تحتَ سابع أرض، وعلى الرُّغم من هذا كلّه، ها هو مستمرٌ إلى جانب جمهوره ليُكملَ نضالَه إيماناَ بقضيته. ورئيسُ حزبِ القوات اللبنانية سمير جعجع، رفض المناصبَ الوزارية وسواها مرّاتٍ عدة واعتُقِلَ، وزُجَّ به في السجن تحت الأرض لأحدَ عشر عاماً، ثمَّ تعرّض لمحاولاتِ اغتيالٍ عدة، وما زالتِ الطائراتُ من دون طيار تحوم فوق رأسه، وعلى الرغم من كل ذلك، ما زال واقفاً إلى جانب شعبِه يخوض غمارَ المواجهة في سبيل القضية التي يؤمنُ بها. وحتّى في موضوعِ الحكومة الحالية، فإنّ حزبَ الله اكتفى تقريباً بلا شيءَ فيها من أجل قضيتِه، والقواتُ اختارت لا شيءَ كلياً في سبيل ما تؤمن به». وفي حين لا يُنتظر ان تعقد حكومة الرئيس تمام سلام بعد نيلها الثقة أول جلساتها الا بعد عودة رئيس الجمهورية ميشال سليمان من القمة العربية في الكويت التي يرافقه فيها الوزراء جبران باسيل وعلي حسن خليل ووائل أبو فاعور، قفز ملف الحوار الوطني الى الواجهة وسط توقعات بان يدعو سليمان الى جلسة لهيئة الحوار الوطني في 31 مارس لمتابعة مناقشة الاستراتيجية الدفاعية (سلاح حزب الله) وما قد يتوافق المتحاورون عليه من عناوين أخرى، وسط ترحيب للرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون وحزب «الكتائب» و«المستقبل» وتمهل من «حزب الله» وتريّث من «القوات اللبنانية».
خارجيات
ستريدا رصدت أوجه الشبَه بين جعجع ونصر الله
حكومة سلام «إلى العمل» ... وحوار القصر «على الأبواب»
06:55 م