الدواوين الكويتية عرف عنها على مر العقود أنها وراء النهضة الكويتية سياسياً واقتصادياً، وهي التي استضافت نواب مجلس أمة 2008 حينما كانوا مرشحين أثناء الحملة الانتخابية وقد شاركوا في وصول النخبة إلى البرلمان، ليمثلوهم وينقلوا معاناتهم وتطلعاتهم بالتعاون مع الجهة التنفيذية من خلال رسم ومعالجة لـ «الحالة الكويتية» على نحو دستوري واضح فيه القنوات الواجب اتباعها إزاء أي قضية تتم إثارتها على الصعيد المحلي، وكذلك رسم السياسة الخارجية.في مجلس الأمة توجد لجنة لمناقشة الخطاب الأميري، وهي المكلفة والمخولة دستورياً في ذلك. أما ما قيل عن «الوثيقة» التي ارتبط اسم وزير المواصلات المهندس عبد الرحمن الغنيم بها فلا شك أنه ردة فعل دستورية سليمة، وقد طالب بعض النواب بتنحية الوزير الغنيم لتوقيعه على الوثيقة وحثه البعض على التوقيع على الوثيقة.لقد استغلوا التذمر الشعبي وضخموا الأمور وصوروا تعاطي مجلس الأمة مع القضايا المدرجة وفتح التحقيق فيها بشكل غريب يهدف إلى زعزعة الأمور وشحن الشارع الكويتي ويصور حالة من التأزم بين السلطتين، وهو في أول الطريق.على الحكومة ومن يحاول «دغدغة المشاعر» فهم حساسية المس بالمكتسبات الدستورية والخوض في أمور هي من اختصاصات مجلس الأمة الذي يعتبر مصدر التشريع، ونوابه هم ممثلون للشعب الكويتي، حتى وإن أُخذت بعض الديوانيات على غرة سواء بحسن نية أو لأهداف خفية لم يتم الإفصاح عنها بشكل علني!إذاً «الوثيقة الدستورية» هي تلك التي تخرج من رحم اللجنة المشار إليها آنفاً، وما جاء في الوثيقة محل الخلاف لا يحمل الصفة الدستورية وهو اجتهاد، وما كل مجتهد مصيب.إننا نريد منهم التواضع فمن تواضع لله رفعه، والاعتراف بالخطأ واجب في هذه الحالة، والمسؤولية السياسية تتطلب قبول اعتذار الوزير الغنيم ومعالجة شدة بعض النواب بتنحية الوزير عن منصبة، ناهيك عن الأسباب الأخرى التي لها أهداف غير معلنة!الواقع يشير إلى أن الأجواء ملبدة بالغيوم التي يقصد من ورائها عدم الرضى عن العمل بالدستور الكويتي لأسباب برز بعضها خلال الحملة الانتخابية. والحاضر الذي نطالب به هو مفتاح إلى مستقبل زاهر نحلم بالوصول إليه، ويجب أن تكون المطالبة بواقعية في الطرح وملامسة للجروح التي تعاني منها الحالة السياسية من دون ضغط على الجروح، كي لا تنزف ويتأزم على أثرها الوضع بين السلطتين.إننا نبحث عن معالجة حضارية في الطرح، وهذا يجب أن تقابله سعة صدر من الجهة التنفيذية، لأن الجميع يقر بوجود الخلل والفساد الإداري، ولكن طريقة المعالجة مازالت غائبة.قد يكون للبعض الحق في «النرفزة» من طريقة طرح النواب، ولكن لماذا لا تكون هناك جهة رقابية من الحكماء تستدعي كل من ينحرف عن السلوك القويم، كي نبتعد عن التصعيد وشحن الأنفس، وذلك من باب النصيحة! هذه هي الشرارة، وفتح المطالبات النيابية السابقة الوقود اللازم للاحتقان المرتقب بين السلطتين: فهل «تركد» الحالة أم تسير نحو التأزم؟ والله المستعان!
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتيterki_alazmi@hotmail.com