هل ينجح «ربع الساعة الأخير» في اجتراح حلٍّ لمأزق بند المقاومة في البيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام عجزت عنه عشر جلسات للجنة المكلفة صوغه؟ وماذا سيعني فشل التوصل الى تسوية على هذا الصعيد توفّق بين «كيانية» المقاومة كما يريدها «حزب الله» و«مرجعية الدولة» كما تصرّ عليها قوى 14 آذار؟ وهل يكون ذلك لو حصل نتاج معطيات داخلية موضوعية فحسب ام مؤشر الى اهتزاز التوافق الاقليمي «الموْضعي» الذي أتاح تمرير «معجزة» ولادة الحكومة في 15 فبراير الماضي؟هذه الأسئلة خيّمت امس على المشهد السياسي اللبناني الذي «تلبّد» مع تعثُر التوافق على صيغة «حمّالة اوجه» في اللجنة الوزارية المكلفة صوغ البيان الوزاري ما استدعى إنهاء عملها بعد الجلسة العاشرة التي عُقدت عصر اول من امس ورفْع الأمر الى مجلس الوزراء الذي يلتئم اليوم لـ «أخذ العلم» بسبب فشل اللجنة ومحاولة ابتداع مخرج «ينقذ» الحكومة قبل اربعة ايام من انقضاء مهلة الشهر المعطاة لها لإنجاز بيانها قبل المثول على اساسه امام البرلمان لنيل الثقة.وما جعل الواقع السياسي في ما يشبه حال «الصدمة» ان جلسة مجلس الوزراء اليوم ستنعقد تحت ضغط «سيف مسلط» شهره الرئيس تمام سلام الذي تقاطعت المعلومات عند الاشارة الى انه سيستقيل بحال شعر بان «الحائط مسدود» امام إحداث اختراق في جدار أزمة البيان الوزاري وذلك قبل انقضاء مهلة الثلاثين يوماً، وربما يفعل ذلك اليوم او يترك فرصة اضافية لجلسة اخرى لمجلس الوزراء او جلستين السبت والاثنين وذلك على قاعدة انه لن يقبل بان يكون «تحت رحمة» اجتهادات قانونية ستُفتح بحال مرّ منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء دون الإفراج عن البيان الوزاري وذلك لجهة اذا كانت فترة الشهر هي مهلة حثّ او إسقاط.وقد أنتجت «هبّة التشاؤم» في الملف الحكومي قراءتين للمشهد المستجد:* الأولى اعتبرت ان ما يحصل هو في إطار لعبة «عض الأصابع» التي بلغت حد «اللعب على حافة الهاوية»، وان «اللحظة الأخيرة» ستشهد إخراج رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط «أرنب حل» قبل حلول يوم الاثنين يضمن تحصين التوافق الذي أمّن ولادة الحكومة.وفي رأي أصحاب هذه القراءة ان «الأصعب» في الملف الحكومي تحقق وهو جمع طرفيْ الصراع على طاولة واحدة، وان ايجاد تسوية للبيان الوزاري يفترض ان تكون متاحة تحت مظلة التقاطُع السعودي - الايراني، وإن المحدود، الذي وفّر استيلاد الحكومة بعد عشرة اشهر من شد الحبال.وبحسب هؤلاء، هناك محطتان ينتظر أصحاب «الحل السحري» تمريرهما قبل إحداث الاختراق في البيان الوزاري، وهما الذكرى التاسعة لـ «ثورة الأرز» أي لـ 14 مارس 2005 التي تحييها قوى 14 آذار غداً ويُنتظر ان تشهد مواقف عالية السقف يُخشى ان «تحرق» الورقة المستورة للمخرج الموجود «في الجيْب»، والقمة السعودية - الاميركية المرتقبة يوم السبت حيث ترى دوائر سياسية ان ثمة في لبنان وايران مَن لا يريد تقديم الحكومة اللبنانية «الكاملة النصاب» كـ «هدية» للرياض في استقبالها لباراك اوباما باعتبار ان ذلك سيشكل اشارة الى نفوذها في لبنان كما الى دورها كـ «جزء من الحلول» في المنطقة.* اما القراءة الثانية فتشير الى ان التفاهم الاقليمي - الدولي الذي شكل «الحاضنة» لولادة الحكومة نجح في تحقيق توازن بين السعودية وايران في الملف اللبناني من خلال تشكيلة أعادت 14 آذار الى السلطة بعد إقصاء لنحو ثلاث سنوات ووفّر لـ«حزب الله» نوعاً من الغطاء في مواجهة الارهاب الذي يستهدفه ربطاً بمشاركته في المعركة الاستراتيجية التي يخوضها في سورية.وبحسب أصحاب هذه القراءة، فان هذا التوازن الذي جعل طرفي الصراع المحليين في لبنان والاقليميين يحجزان لنفسيهما موقعاً في أي «حل متكامل» للوضع اللبناني يبقى مرتبطاً بمآل ملفات أخرى في المنطقة ولا سيما الأزمة السورية، لن يتأثر كثيراً بحال فشل التوصل الى بيان وزاري وتحوّلت الحكومة الحالية الى تصريف الأعمال، سواء لم تتم الدعوة الى استشارات نيابية لتسمية رئيس للحكومة او حصلت الدعوة وأفضت مجدداً كما هو مرتقب الى تسمية سلام مجدداً وربما عدم نجاحه في التشكيل فتبقى الحكومة الحالية تصرّف الاعمال.وترى الأوساط نفسها، ان طرفيْ المواجهة أي 8 و 14 آذار ومن ورائهما السعودية وايران قدما تنازلات للإفراج عن الحكومة وربما باتا يشعران بانه لم يعد بالإمكان تقديم المزيد على صعيد البيان الوزاري لان أي تنازل على مستوى جعل المقاومة تحت وصاية الدولة سيعني بالنسبة الى طهران دفع مستحقات من «الجيب الاستراتيجي» الذي يمثله لها «حزب الله» وسلاحه وذلك في توقيت لم يحن معه وقت «الصفقة الشاملة» في المنطقة، كما ان أي تنازل من 14 آذار عن فكرة الدولة لمصلحة ما تعتبره هذه القوى «دويلة حزب الله» سيعني بالنسبة لـ 14 آذار «إطلاق رصاصة على رأسها» ولا سيما في ضوء المعلومات عن ان رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ابلغ الى المعنيين في تحالف «ثورة الأرز» انه لن يسكت عن أي صيغة ملتبسة في البيان الوزاري تُخرِج المقاومة من تحت مرجعية الدولة ولو اقتضى ذلك اتخاذ خطوات جذرية في العلاقة مع 14 آذار. وتبعاً لذلك، يرى هؤلاء ان حكومة تصريف الأعمال قد تكون «أقلّ الخسائر» بالنسبة الى 8 و 14 آذار وهي لا تُسقِط بالكامل التوافق الاقليمي الذي أتاح تمرير الحكومة في الاساس ولا التوازنات التي تنطوي عليها، معتبرين انه على عكس ما يفترض البعض من ان من شأن ذلك التأثير سلباً على الاستحقاق الرئاسي، فان التوازن الذي تعبّر عنه الحكومة قد يدفع الجميع الى التعجيل في انجاز الانتخابات الرئاسية بعدما ضمن رعاتهم الاقليميين مواقع مقرّرة لهم في هذا الملف.وبمعزل عن هاتيم القراءتين، شهد يوم امس استمرار الاتصالات في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتفادي التعقيدات التي ستنشأ عن تداخُل استقالة سلام مع دخول لبنان في مدار الانتخابات الرئاسية ابتداء من 25 مارس، وسط معلومات عن تواصل بين قيادات 14 آذار للتفاهم على اعادة تسمية سلام في حال جرت استشارات نيابية جديدة علماً ان احتمال إخفاق التفاهم على البيان الوزاري واستقالة رئيس الحكومة طرح اسئلة من نوع هل يمكن حكومة تصريف اعمال ان تتولى صلاحيات الرئاسة الأولى اذا تعطلت الانتخابات الرئاسية بحلول 25 مايو المقبل؟

قزي لـ«الراي»: سلطة الدولة إما يُعترف بها كاملة وإما لا

| بيروت - من آمنة منصور |بعد عجز لجنة صياغة البيان الوزاري عن إيجاد المخارج للبنود العالقة، لا سيما ما يتعلق ببند المقاومة، وترحيل المسألة إلى مجلس الوزراء مجتمعا علّه يتمكن من إجتراح الحلول، وسط ما يحكى عن نية رئيس الحكومة تمام سلام الاستقالة، سألت «الراي» وزير العمل سجعان القزي عن السيناريوات المحتملة.واوضح قزي انه «في الوقت الحاضر لا يمكننا ترجيح مسار على آخر وسيناريو على آخر، لكن ما يتم العمل عليه هو أن يتولى رئيس الجمهورية (ميشال سليمان) مع رئيس الحكومة تمام سلام إجراء إتصالات مع مختلف القيادات والمرجعيات وخاصة الداخلية، للوصول إلى صيغة تُعرض في جلسة مجلس الوزراء وتحظى بقبول طرفي النزاع 8 و14 آذار».أضاف: «السيناريو الثاني هو إعلان مجلس الوزراء عن عجزه كما عجزت لجنة البيان الوزاري، وبالتالي رئيس الحكومة يستخلص العبر من هذا العجز، ويتخذ الموقف الذي يراه مناسبا دستورياً. وكما هو معروف هناك أكثر من تفسير لموضوع الإستقالة أو عدمها إنطلاقا من الاجتهادات الدستورية للمواد المتعلقة بهذا الموضوع. وفي كل الأحوال إن بقيت هذه الحكومة غير مستقيلة أو تحولت إلى حكومة مستقيلة تصرف الأعمال، في لبنان أزمة سياسية كبيرة تحتّم استيعابها وإيجاد مخرج ولو مؤقت لها، كي لا يكون الفشل الحكومي مقدمة لفشل استحقاق رئاسة الجمهورية مع ما يعني ذلك من إنعكاسات لا يعرف أحد لا مداها الزمني ولا تأثيراتها الميثاقية».وأكد أن «الموضوع ليس موضوع تنازلات، فـ 14 آذار لا تطلب من 8 آذار تقديم التنازلات، بل نحن نُطالِب باحترام سلطة الدولة اللبنانية، ومن يحترم سلطة الدولة اللبنانية سواء أكان من 8 أو 14 لا يكون بذلك يقدم تنازلات بل يقدم للدولة حقها ويقوم بواجباته»، مضيفا: «لا يمكننا القول أن 8 آذار تنازلت 80 في المئة وتبقى 20 في المئة، أو العكس. فسلطة الدولة إما يُعترف بها كاملة أو لا يعترف بها، والإعتراف بها ليس تنازلاً».وردا على سؤال في ما يتعلق باحتمال استقالة الرئيس سلام، إذا بات الطرفان يعتبران أن حكومة تصريف الأعمال أصبحت مصلحة متبادلة، قال: «الأمر لم يبت بعد، وهو رهن التشاور بين القوى السياسية، وفي كل الأحوال أظن أن لا مصلحة لا لقوى 8 ولا 14 آذار بـ «إنهيار» الحكومة».وعما إذا يمكن القول أن وزراء «الكتائب» و«المستقبل» بلغوا النقاط الحمر في تنازلاتهم ورفضوا تقديم المزيد خوفا على ازدياد تصدع تحالف 14 آذار، لا سيما مع موقف «القوات اللبنانية» المعارض، أجاب: «حين دخلنا إلى الحكومة فعلنا ذلك عن قناعة، ولم نخشَ لا مزيدات من هنا ولا رفع سقوف عالية من هناك، وحزب «الكتائب» أساسا لا يستطيع أحد المزايدة عليه لا مسيحيا ولا وطنيا ولا ميثاقيا، وهذا أمر لا نأخذه بالحسبان مطلقا. نحن نمارس قناعتنا وسقف «الكتائب» لا علاقة له بالسقوف الأخرى، وأساسا هذا ليس سقف حزب «الكتائب» بل سقف الدولة اللبنانية، فـ «الكتائب» لا تطلب من طرف 8 آذار القبول بمبادئها وطروحاتها بل بسلطة الدولة اللبنانية لا سلطة 14 آذار أو أحد مكوناتها».