هل أمّن مجلس جامعة الدول العربية الذي انعقد في القاهرة على مستوى وزراء الخارجية تحضيراً لقمة الكويت «المخرج» لآخر العقد من أمام إقرار البيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام والمتمثلة في بند «المقاومة»؟هذا السؤال فرض نفسه في بيروت التي بدت وكأنّها تستعدّ لـ «الاحتفال» بـ «الإنجاز» الذي يرتقب ان تحققه لجنة صوغ البيان الوزاري في اجتماعها الذي يحمل الرقم 11 والذي يفترض ان يحمل صيغة حل لبند المقاومة، وذلك قبل ستة ايام من مهلة الشهر الممنوحة للحكومة لوضع بيانها والمثول على أساسه امام البرلمان لنيل الثقة.وكما كانت «الراي» توقّعت قبل ثلاثة ايام، فان النصّ الذي اقترحه عضو لجنة البيان الوزاري وزير الخارجية جبران باسيل وصادق عليه اول من امس مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة يشكّل قاعدة الحلّ بما يوفّره من شعور لطرفيْ الصراع، أي 8 و 14 آذار، بأنهما ربحا فيه «بالنقاط».فالفقرة المتعلقة بلبنان في البيان الختامي لوزراء الخارجية العرب اكدت وفق ما كان الوزير باسيل قال في كلمته التي اشارت معلومات الى انها جاءت بالتنسيق مع الرئيسين ميشال سليمان وتمّام سلام وكان الرئيس نبيه بري في أجوائها «حق لبنان واللبنانيين في تحرير أو استرجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرى الغجر ومقاومة أي اعتداء او احتلال اسرائيلي بالوسائل المشروعة والمتاحة كافة» مع تأكيد «التزام حكومة لبنان لقرار مجلس الأمن رقم 1701 بالكامل».وبحسب دوائر سياسية فان هذه الصيغة ثبّتت بالنسبة الى 8 آذار حق المقاومة ضد الاحتلال والتصدي للخطر الاسرائيلي، فيما وفّرت لقوى 14 آذار تخلياً صريحاً عن ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» التي كانت ترد في البيانات السابقة للاجتماعات العربية. الا انه ورغم مسحة التفاؤل الكبيرة بإنجاز التفاهم على البيان الوزاري اليوم وفق هذه الصيغة، فان الساعات المقبلة ستحمل مساعٍ لـ «روتشتها» على قاعدة «تخريجة» تراعي «روحية» رغبة 14 آذار في إرفاق بند المقاومة بمرجعية الدولة.وتشير المعلومات الى ان «شد الحبال» في الساعات الفاصلة عن اجتماع اليوم ينطلق من إبلاغ «تيار المستقبل» انه لا يوافق على ذكر «اللبنانيين» في الشق الأول من الصيغة الذي ينص على «حق لبنان واللبنانيين في تحرير أو استرجاع الأرض المحتلة ومقاومة أي اعتداء إسرائيلي»، مقابل تمسك 8 آذار بايراد «حق اللبنانيين في مقاومة اسرائيل»، وسط توقعات بان تفضي «كاسحة الألغام» التي يشكلها كل من بري والنائب جنبلاط الى صيغة توفق بين المطلبين وربما تربط حق التحرير واسترجاع الارض بـ «لبنان» ومقاومة الاعتداءات باللبنانيين، فيتم الجمع بذلك بطريقة ضمنية بين المقاومة التي ترتبط بمواجهة أي اعتداء أو احتلال (لاحق) ومرجعية الدولة.واذا سارت الامور وفق المتوقّع، يفترض ان يجتمع مجلس الوزراء غداة تفاهم اللجنة الوزارية لإقرار البيان الوزاري على ان يحدد بري في ضوء ذلك جلسة لمنح الحكومة الثقة، الامر الذي يفترض ان تتركّز بعده الأنظار على استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية الذي تبدأ مهلته الدستورية في 25 الجاري.وكانت مداولات اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيرية لقمة الكويت استحوذت على اهتمام بيروت باعتبار انها شكلت اول اطلالة للبنان على العالم العربي بوجه وصوت جديد هو باسيل الذي رحّب به نظراؤه العرب واستوقف دوائر متابعة انه تبنى في القاهرة مضمون اعلان بعبدا، اذ نأى بلبنان عن قرار اتخذه المجلس الوزاري بإعطاء الائتلاف الوطني مقعد سورية في قمة الكويت مبرراً ذلك بنص خطي فيه انه ما دام لا اتفاق سورياً - سورياً على الموضوع نعتبر ان لا مصلحة لسورية ولا للجامعة في ان تلعب دورا لا يساعد سورية، لذلك ننأى بلبنان عن هذا القرار.كما لفت هذه الدوائر مراعاة وزراء الخارجية العرب ما أثاره باسيل في قضية النازحين السوريين إلى لبنان التي اعتبر «أنها أصبحت أزمة وجودية للبنان» فقرروا الطلب من الدول الأعضاء في الجامعة العربية السعي للمشاركة في تحمل أعباء النازحين في لبنان، مؤكدين أن وجودهم مؤقت، وداعين إلى العمل على إعادتهم إلى بلادهم في أسرع وقت.