يعلو الحِراك الاقليمي - الدولي المحيط بلبنان فوق كل الملفات العالقة في بيروت والتي تبدو في مرحلة «ربْط نزاع» فعلي، بانتظار انقشاع الرؤية خارجياً سواء في ما خص تداعيات التموْضع «الهجومي» للسعودية في التصدي لظاهرة الإرهاب وتنظيماته الفاعلة في سورية كما لبنان، او ارتدادات عناوين «الأجندة المشتركة» السعوية - الاميركية، او تشظيات الخلاف الخليجي – القطري، او امكانات التقارب السعودي - الايراني.واذا كانت «العادة» درجت سابقاً ان «يحبس» لبنان أنفاسه وهو يحصي «التقابلات» في محيطه باعتبار انه سـ «يحصد» نتائجها سلبياً على أرضه، فانه هذه المرة يبدو أكثر ارتياحاً الى ملامح التفاهم الاقليمي - الدولي على استقرار الحد الأدنى فيه نتيجة رغبة خارجية في ترك «شعرة معاوية» بدا لبنان ساحتها، بمعنى انه تحوّل عنصر «تلاقٍ وتقاطُع» وليس اشتباك بين أطراف التجاذب الخارجيين ومساحة لتبادُل رسائل «حسن النية» وإبقاء «خطوط التواصل» و«خيوط الانفتاح» من دون ان يُسقِط ذلك المخاوف الامنية التي تبقى ماثلة نتيجة ارتدادات الحرب السورية وانخراط «حزب الله» عسكرياً فيها.وتبعاً لذلك، تجري مقاربة أزمة البيان الوزاري للحكومة الجديدة على انها «عابرة» وستفضي في الايام القليلة المقبلة الى التوفيق بين تمسك «حزب الله» بإدراج عبارة «المقاومة» في البيان او «لا حكومة» وبين اصرار فريق 14 آذار على إرفاقها بمرجعية الدولة.واذا كان الاسبوع الطالع سيكون حاسماً في بت مسألة البيان الوزاري، سواء في اللجنة الوزارية المدعوة لاجتماع عاشر بعد غد او اذا اقتضى الامر احالة الملف على مجلس الوزراء لحسمه، فان ثمة اقتناعاً بان الفترة القليلة الفاصلة عن 17 الجاري ستشهد مثول الحكومة ببيان وزاري امام البرلمان لتنال الثقة على اساسه، رغم تداعيات «المواجهة الناعمة» المستمرة بين «حزب الله» ورئيس الجمهورية ميشال سليمان منذ ان وصف الاخير «ثلاثية» الجيش والشعب والمقاومة بانها «معادلة خشبية».وفي رأي دوائر سياسية في بيروت ان التوصل الى تسوية لـ «السطر الاخير» العالق من البيان الوزاري (حول المقاومة) يمليه اعتبار اساسي هو حاجة كل من السعودية وايران، في معرض التقارير عن احتمال حصول قمة بينهما ربما اواخر هذا الشهر، الى توجيه «رسالة ايجابية» للآخر كما للخارج يبقى «صندوق بريدها» الملف اللبناني.وبحسب هذه الدوائر، فان اي تنازل في لبنان بالنسبة لايران يكون في سياق «دفع مستحقات» الحد الادنى الى المجتمع الدولي على خلفية التفاهم حول ملفها النووي وبما لا يشكّل دفعاً من «الرصيد الاستراتيجي» الاساسي على عكس ما سيكون عليه الحال لو ان التنازل يتم من «الجيب السوري». كما ان السعودية الحريصة على الوضع اللبناني واستقراره لا تمانع تقارباً مع ايران يمكن ان يشكّل مزيداً من سحب البساط من تحت قدميْ قطر في سياق المواجهة المعلنة معها.ولا تُسقط هذه الدوائر من حسابها اهمية «القرار التاريخي» للسعودية بتحريم القتال خارجها ومعاقبة المخالفين وتوسيع هذا القرار بإدراج تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة»، وهما متفرعان من تنظيم «القاعدة»، و«حزب الله» السعودي وحركة «الاخوان المسلمين» على لائحة المنظمات الارهابية المحظورة شكلا ومضمونا في المملكة «والتي يحظر تمويلها عن طريق التبرعات او الاسهامات»، لافتة الى ان هذا التطور عشية زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما للرياض السبت المقبل يضع المملكة العربية السعودية في قلب التقاطُع الدولي - الذي تشكل الولايات المتحدة المحور الرئيسي فيه» - على مكافحة الارهاب و«رأس حربة» فيه، بما يجعلها تتخذ «تموْضعاً» يحجز لها مكاناً على خريطة البلدان التي تشكل «جزءاً من الحلول» في المنطقة وليس «جزءاً من المشكلات»، وهو الامر الذي ينعكس بطبيعة الحال على سلوكها «المرن» في لبنان.وتبعاً لذلك، تتوقع الدوائر نفسها ان تفضي حلول «اللحظة الاخيرة» لعقدة البيان الوزاري في «الاسبوع الحاسم» لمناقشته الى صيغة تجمع بين ذكر المقاومة ومرجعية الدولة دون ان تكون الاخيرة «وصيّة» على الاولى. وثمة مَن يشير الى ان صيغة الحل قد تكون بالفقرة التي ستُعتمد في بيان قمة الكويت العربية حول لبنان.ويُذكر انه يوم الجمعة، أقر مجلس مندوبي الجامعة العربية في القاهرة عشية اجتماع وزراء الخارجية العرب اليوم تحضيراً لقمة الكويت، مسودة البيان، وفيه البند الخاص بلبنان، وتحديداً الفقرة المتعلقة بالمقاومة، التي يُثار بشأنها الجدل في لبنان. وبحسب مشاركين في جلسة المندوبين، تضمن البيان الصيغة الآتية: «يؤكد المجلس على (…) حق لبنان واللبنانيين في تحرير أو استرجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانية والجزء اللبناني من قرية الغجر، ومقاومة أي اعتداء بالوسائل المشروعة والمتاحة (...)».وكان لافتاُ ان هذه الصيغة التي ارسلتها الخارجية اللبنانية قوبلت بـ «برودة» من إعلام فريق 8 آذار الذي لاحظ ان هذه الصيغة «بعيدة جداً عن تلك التي سبق أن أقرتها القمم العربية خلال السنوات الماضية، والتي كانت تنص على «حق لبنان بشعبه وجيشه ومقاومته، في تحرير أو استرجاع مزارع شبعا والجزء اللبناني من قرية الغجر، والدفاع عن لبنان في مواجهة أي اعتداء، وذلك بالوسائل المشروعة والمتاحة كافة...»، ناقلاً وعن مصادر في فريق 8 آذار «إن وزير الخارجية جبران باسيل، كان بغنى عن تعديل «فقرة لبنان»، لأن آخر بيان وزاري حظي بموافقة مجلس النواب اللبناني، يتضمن صيغة مشابهة للصيغة التي أرسلها الوزير السابق عدنان منصور إلى القاهرة».كذلك توقف إعلام 8 آذار عند ان الصيغة التي جرى إقرارها بشأن لبنان لم تتضمن عبارة «رفض إدراج المقاومين على لوائح الإرهابيين»، بعد «تأكيد على إدانة الإرهاب الدولي الذي تشارك الدول العربية بمكافحته بفعالية، وعلى أهمية وضرورة التفريق بين الإرهاب والمقاومة المشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلي التي هي حق أكدته المواثيق الدولية ومبادئ القانون الدولي، وعدم اعتبار العمل المقاوم عملاً إرهابياً»، ناقلة عن مصادر في 8 آذار ان العبارة المحذوفة سبق أن أُقرَّت في بيانات القمم العربية السابقة.في موازاة ذلك، لم ينته التراشق بين الرئيس اللبناني و«حزب الله» الذي نقلت صحيفة «اللواء» عن مصادره «ان المقاومة لا ترضى بأقل من اعتذار رئيس الجمهورية عن مواقفه الاخيرة حتى تقبل بالنظر في امكانية اعادة التواصل معه»، معتبرة»ان الرئيس أخطأ وهو يناصب المقاومة العداء بمواقفه عن سابق تصور وتصميم»، لافتة إلى أن «هناك اناسا لا تتلاءم لا مع الحبر ولا مع الدم» في اشارة الى سليمان وكلامه الاخير من باريس.ولم يتأخر رد سليمان الذي اكد في افتتاح ملتقى لبنان الاقتصادي «اننا تخلينا عن السقوف العالية وشكلنا حكومة المصلحة الوطنية والمتوازنة لا ثلث معطل فيها ولا تفرد ونعقد امالا عليها وليكتب البيان الوزاري بحبر الحوار والتوافق ويتم وضعه للانطلاق للعمل». واكد ان «الدولة ضامن الوحدة الوطنية والانتظام العام».
خارجيات
«المواجهة الناعمة» بين سليمان و«حزب الله» مستمرة
أسبوع حاسم في لبنان لإنجاز البيان الوزاري «في اللحظة الأخيرة»
06:37 م