ثمة سؤال محوري في بيروت قفز الى الصدارة من خلف «طوفان» الضجيج السياسي وحال الإنكشاف الأمني في البلاد هو: هل ما زال الضوء الاخضر الاقليمي - الدولي لضمان انتقال «طبيعي» للسلطة (حكومة ورئاسة) في لبنان ساري المفعول ام ان بلوغ مفاوضات جنيف حول سورية الطريق المسدود واشتعال الأزمة الاوكرانية قلَب الاولويات تاركاً لبنان من جديد في فم المجهول؟الأسباب الموجبة لهذا السؤال تجلّت في الوقائع الآتية:اولاً: استمرار تعثّر محاولات التوصّل الى تفاهم بين فريقي 8 و 14 آذار حول بند المقاومة في البيان الوزاري. فبعدما أفضى تدوير الزوايا الاوّلي الى الإطاحة بـ «إعلان بعبدا» الذي كانت تتمسك به 14 آذار والذي لن يُذكر مباشرة في البيان بل ستتم الاشارة اليه ضمناً، وبـ «ثلاثية» الجيش والشعب والمقاومة التي كان يصر عليها «حزب الله» والتي سقطت بالكامل وفق هذه الصيغة، فان العقدة الحالية تبقى عالقة عند عبارة «المقاومة» التي يؤكد الحزب ان لا بيان وزاريا من دون ايرادها في النص مقابل رسم 14 آذار سقف ان لا بيان اذا لم يتم إرفاق كلمة مقاومة بـ «مرجعية الدولية».ثانياً: دخول «الاشتباك» غير المسبوق بين «حزب الله» ورئاسة الجمهورية في لبنان على خط إضافة مزيد من التعقيدات على مسار تذليل العقبات من امام إنجاز البيان الوزاري، ولا سيما ان هجوم الحزب على الرئيس ميشال سليمان على خلفية وصفه ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة بـ «المعادلة الخشبية» استدرج سجالاً حاداً موازياً على ضفتيْ 8 و 14 آذار كما على مواقع التواصل الاجتماعي التي «اشتعلت» كل «محاورها» بين «مع وضدّ» وسط تصعيد الحملة الاعلامية من فريق 8 آذار على سليمان مع دعوته لان «إرحل».وعلى وقع هذين «اللغمين» انفجرت مجموعة من السيناريوات أعادت الوضع في لبنان الى دائرة الغموض الذي كان خرج منه مع النجاح في تمرير عملية تشكيل الحكومة بدفع خارجي أوحى بان البلاد وُضعت على سكة انفراج «على جرعات» قد تتيح «النفاذ» باستحقاق الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري (25 مايو كحد اقصى).ولعلّ أبرز السيناريوات المطروحة هي:* ان تنجح اللجنة الوزارية المكلفة صوغ البيان الوزاري والتي عقدت امس اجتماعها الثامن في ايجاد «تسوية لغوية» ترضي 14 آذار من دون ان تغضب «حزب الله» وتحديداً في النقطة المتعلقة بحدود مرجعية الدولة في موضوع المقاومة ما يؤدي تالياً الى استكمال المسار السياسي والدستوري الذي يفترض ان تكون أرسته ولادة الحكومة الجديدة.* ان يفضي استمرار تمترس «الفريقيْن» حول موقفهما من بند المقاومة الى صيغة يقال ان النائب وليد جنبلاط يقترحها وتقوم على اعتماد بيان وزاري متقشّف يتم فيه حذف كل نقاط الخلاف ويأتي غير صدامي.* ان يستمر الأفق المسدود وتنقضي مهلة الـ 13 يوماً المتبقية من فترة الشهر الممنوحة للحكومة لوضع بيانها الوزاري والمثول على اساسه امام البرلمان لنيل الثقة، ما سيفتح المجال امام جدل دستوري حول اذا كانت الـ 30 يوماً هي مهلة حث قابلة للتجديد او انها مهلة إسقاط تستدعي عندها اعلان ان الحكومة باتت لتصريف الاعمال والدعوة لاستتشارات نيابية جديدة لتسمية رئيس للوزراء، مع ما سيعنيه ذلك من فتح الوضع اللبناني على مجهول وسط عدم توافر القدرة على تأمين تفاهمات على الحكومة الجديدة فتستمر الحالية حكماً في تصريف الاعمال بانتظار موعد الانتخابات الرئاسية التي تصبح بهذه الحال في خطر «محقّق».* ان عدم القدرة على اجتراح مخرج لمأزق البيان الوزاري وتأمين نيل الحكومة الثقة، سيكون مؤشراً الى امكان الإطاحة بانتخابات رئاسة الجمهورية والى ان التفاهمات الاقليمية والدولية حول لبنان ذهبت ادراج رياح الأزمة السورية والازمة المستجدة في اوكرانيا.وفي موازاة ذلك، لم تستبعد بعض الأوساط السياسية ان يشهد موضوع البيان الوزاري اختراقاً بعد انتهاء مؤتمر باريس لدعم لبنان يومي غدا و بعده، وسط انطباع بان فريق 8 آذار تعمّد بعد مواقف سليمان «إرساله» لملاقاة المجتمع الدولي «خالي الوفاض» وحاملاً بين يديه أزمة البيان الوزاري الذي يبقى إنجازه وتالياً نيل الحكومة الثقة المدخل لصرف اي دفعة من الأموال والمساعدات الدولية للنازحين السوريين والجيش الذي قد يقرها المؤتمر للبنان.ومن خلف الاصطفافات الداخلية، انشغلت الاوساط السياسية امس بالتقارير التي اشارت الى أنّ رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون سيتوجّه غدا الى السعوديّة حيث سيلتقي عدداً من المسؤولين السعوديّين بالإضافة الى الرئيس سعد الحريري.ورغم اشارة تقارير اخرى الى ان لا موعد لعون في الرياض غدا وان السفارة السعودية في بيروت لم تُبلغ بأي زيارة له، فان مؤشرات عدة تتقاطع عند ان زيارة «الجنرال» للمملكة والتي ستكون الاولى من نوعها باتت مسألة وقت غير بعيد وستتوّج مسار ترميم العلاقة بين الطرفين الذي بدأ قبل أشهر من خلال السفير علي عواض عسيري قبل ان «يتفرمل»، ليُستأنف بقوة في مرحلة تأليف الحكومة الحالية حيث كان اللقاء بين عون والحريري في روما والذي فتح الباب امام ولادة الحكومة وامام الزيارة المرتقبة لعون للرياض.
خارجيات
هل يزور عون السعودية غداً؟
مخاوف من تراجع «الضمان الدولي» للبنان
05:16 م