لم يكن بيان «حزب الله» عن الغارة الاسرائيلية، بعد نحو 48 ساعة على وقوعها، موجهاً لتل ابيب بقدر ما كان موجهاً لبيروت، التي تنخرط في سجال حول «مكانة» المقاومة في البيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام.فـ «حزب الله» الذي تعمد في بادئ الامر تجاهل الغارة الاسرائيلية وملابساتها، بعدما قيل الكثير عن «الهدف» الذي استهدفته على الحدود اللبنانية – السورية، خرج عن صمته امس عبر بيان مقتضب من ثلاث فقرات.الذين دققوا في هذا البيان، ممن يعرفون عن كثب «عقل» الحزب وسلوكه، قالوا لـ «الراي» انه «رغم قول حزب الله لاسرائيل ان الرسالة وصلت»، فان الاهم البعد اللبناني الداخلي الذي تضمنه بيان الحزب.ولقراءة مضمون البيان و«رسائله» لا بد من الاشارة الى انه جاء على النحو الآتي:«مساء يوم الاثنين الواقع في الرابع والعشرين من شهر فبراير الحالي، قامت طائرات العدو الاسرائيلي بقصف موقع لحزب الله عند الحدود اللبنانية - السورية على مقربة من منطقة جنتا في البقاع. هذا العدوان لم يؤد بحمد الله تعالى وعنايته الى سقوط أي شهيد أو جريح، وقد لحقت بالموقع بعض الاضرار المادية فقط. إننا في حزب الله يهمنا أن نؤكد على الامور التالية:أولاً: إن كل ما قيل في بعض وسائل الاعلام عن استهداف لمواقع مدفعية أو صاروخية أو استشهاد مقاومين وغير ذلك لا أساس له من الصحة على الاطلاق.ثانياً: إن هذا العدوان الجديد هو اعتداء صارخ على لبنان وسيادته وأرضه وليس على المقاومة فقط، وهو يؤكد ايضاً الطبيعة العدوانية للصهاينة، ويتطلب موقفاً صريحاً وواضحاً من الجميع.ثالثاً: ان هذا العدوان الاسرائيلي لن يبقى بلا رد من المقاومة، وإن المقاومة ستختار الزمان والمكان المناسبين وكذلك الوسيلة المناسبة للرد عليه».اوساط واسعة الاطلاع في بيروت قالت لـ «الراي» ان «حزب الله تعاطى مع الغارة الاسرائيلية التي استهدفت منطقة يحفوفة على الحدود المتداخلة بين لبنان وسورية على انها مجرد رسالة حاولت من خلالها تل ابيب القول: «نحن هنا»، بمعنى ان اسرائيل قادرة على التدخل حين تشاء.واشارت المصادر الى ان «حزب الله» رد على الرسالة الاسرائيلية بمثلها حين توعدها بالرد «في الزمان والمكان» المناسبين، وهو ما يعني عدم رغبته بالرد على الغارة الاسرائيلية لان معركته الاساسية الان هي في سورية وليس مع اسرائيل.ولفتت المصادر عينها الى ان الروايات التي سيقت حول اهداف الغارة لم تكن دقيقة، فمنطقة يحفوفة – جنتا لم تعد ممراً لاي سلاح من سورية الى الحزب منذ ان سيطرت المعارضة السورية على مناطق الزبداني وعسال الورد في المقلب السوري.ورأت الاوساط عينها ان الاهم في بيان «حزب الله» والاكثر حساسية في مضمونه، هو الرد الضمني على التجاذبات الدائرة حول البيان الوزاري لحكومة سلام لا سيما في شأن الصيغ المقترحة للتعاطي مع «المقاومة» من جهة و«اعلان بعبدا» من جهة اخرى.فـ«حزب الله» اعتبر العدوان الجديد «اعتداء صارخاً على سيادة لبنان وارضه وليس على المقاومة فقط»، مطالباً بـ«موقف صريح وواضح من الجميع»، ما يشي بان الحزب يتجه نحو المزيد من التشدد في لجنة صوغ البيان الوزاري.وكانت البيانات الوزارية لحكومات ما بعد الخروج السوري من لبنان درجت على اعتماد صيغة تقوم على معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» في اطار «شرعنة» سلاح «حزب الله» وحركته العسكرية.واللافت انه مع تشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة تشترط قوى «14 آذار» استبدال هذه الثلاثية بصيغ اخرى اقل اعترافاً بوجود «المقاومة» كجسم مستقبل، خصوصاً بعدما انتقل «حزب الله» للقتال في سورية.وكشفت الجلسات الاخيرة للجنة صوغ البيان الوزاري عن تشدد من «14 آذار» في التمسك بادراج «اعلان بعبدا» كنص يؤكد على حيادية لبنان، في البيان الوزاري، الامر الذي ترفضه قوى «8 آذار»، وفي مقدمها «حزب الله».ومع هذا التقابل السلبي داخل لجنة صوغ البيان الوزاري بين «8 و 14 آذار» جاء بيان «حزب الله» الذي اعتبر بمثابة رد على اصرار «14 آذار» على التمسك بـ «اعلان بعبدا»، ما افضى الى مناخ تشاؤمي حيال امكان ولادة قريبة للبيان الوزاري.ففي اللحظة التي كان من المتوقع انجاز «مانيفست» الحكومة الجديدة في اقرب وقت، توطئة لذهابها الى البرلمان لنيل الثقة قبل الخامس من الشهر المقبل، وهو موعد انعقاد مجموعة الدعم الدولية للبنان في باريس، سادت توقعات تراوح بين احتمال عدم التوافق على البيان الوزاري وبين امكان امراره في اللحظة الاخيرة من مهلة الشهر المخصصة لذلك.وعلمت «الراي» ان المناقشات الاخيرة داخل لجنة صوغ البيان الوزاري شهدت تجاذبات «هادئة» سقط معها اقتراح باحالة البنود الخلافية على التصويت داخل مجلس الوزراء.
خارجيات
«تقابل سلبي» في لجنة صوغ البيان الوزاري لحكومة سلام
«حزب الله» يقرُ بالغارة الإسرائيلية ويهدّد بالرد
04:51 م