26 فبراير 1991 يوم فرحة غامرة لا تزال منقوشة في ذاكرتي كأنها حدثت بالأمس، ساعاته ودقائقه تمر كل عام في ذهني وأتذكرها، فمع فجر ذاك اليوم سمعت صوت إذاعة الكويت التي كانت تُبث من جدة تصدح بأغنية (الله أكبر فوق كيد المعتدي)، فعلمت أن الفرج قد حلَّ وأن نسور الحق قد طردت خفافيش العبث العراقي، فخرجت من منزلي حاملاً علم بلادي وصور جابر الكويت وسعد التحرير، وتجمع أهل الفريج جميعاً في ساحة المسجد، وأدينا رقصة العرضة على صوت الرائعين نبيل شعيل ورابح صقر، في أغنية «انتصرنا والناصر الله» التي كانت تبث لأول مرة وأصبحت سلاماً وطنياً لنا فترة طويلة، حتى عادت إلينا الشرعية وبدأنا نتفقد بلدنا كما يتفقد المصاب في حادث أعضاء جسمه، وعلمنا أن فئران صدام اختفت مع أول صرخة حق تاركين مسروقاتهم من خيرات الكويت حتى أسلحتهم ومعداتهم.ثم بدأنا جولة في أسواق الكويت وشوارعها فتبين لنا مدى الحقد والكره والخسة عند هؤلاء الرعاع، فقد خربوا وحرقوا ما طالت أيديهم قبل الفرار، وبعد عودة إلى منازلنا بدأنا بتهنئة ذوي الشهداء ممن علمنا باستشهادهم وواسينا أهل من أسرهم العراقيون ليكونوا دروعاً بشرية عند هربوهم وجاءنا المتعاملون والمتعاونون مع الغزاة معتذرين عن خطئهم مبررين ذلك بالخوف والإكراه.وكعادة أهل الكويت الذين جبلوا على الصفح عند المقدرة سامحناهم، بل إن تلك الفرحة الغامرة أنستنا كل ما عانيناه من رعب وخوف وجوع وعطش واختفت لدينا شهوة الانتقام وحمدنا الله على عودة الحرية إلينا، وبدأنا بتشكيل لجان شعبية لحماية المناطق السكنية من أي هجمات ومحاولة سرقة من بقايا الجيش الشعبي والطابور الخامس، والتفكير بما يمكن عمله في إعادة إعمار الكويت وإصلاح ما خربته المعارك.رحم الله شهداءنا الأبرار وصبر أهل من يجهلون مصير أبنائهم حتى الآن، وعاشت الكويت حرة أبية.
مقالات
ولي رأي
يوم لا يُنسى
06:10 ص