لأن «ما كُتب قد كُتب» على صعيد «الضرورات» الاقليمية والدولية التي تبيح المحظورات» والتي أطلقت دينامية داخلية أتاحت الإفراج عن حكومة الوحدة الوطنية في لبنان، فان لا اوهام لدى اي فريق لبناني بأن المسار الجديد الذي جعل طرفيْ الصراع الرئيسييْن في البلاد اي «تيار المستقبل» و«حزب الله» يقومان بـ «الأصعب» اي الجلوس معاً في حكومة واحدة يمكن ان «تهدّده» عبارة في بيان وزاري او سطر لن يقدّم او يؤخّر في اسس مرحلة «ربْط النزاع» على «البارد» التي أملتها تطورات الملف السوري والاتفاق الممرحل بين ايران والمجتمع الدولي حول «النووي».ومن هنا كانت المؤشرات تشي بأنّ الاجتماع الذي عقدته اللجنة الوزارية المكلفة صوغ البيان الوزاري عصر امس سينتهي الى تسوية ترضي قوى 14 آذار المشارِكة في الحكومة ولا تغضب «حزب الله» في البند الخلافي المتعلق بثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» التي اعتُبرت بمثابة «غطاء» لسلاح «حزب الله» وذلك بعدما لم يمانع الحزب إسقاط هذه المعادلة ولكن مع الإصرار على إدراج المقاومة كـ «ثابتة» وطنية في البيان الوزاري.وفي الطريق الى هذه التسوية «اللغوية» التي بدت بمثابة «بنت التسوية الأكبر» التي رفعت الفيتوات من امام تشكيل الحكومة الجديدة، كانت «التوليفة» الاكثر حظاً لبند المقاومة في البيان الوزاري تقوم على اعتماد صيغة «حق لبنان واللبنانيين في المقاومة دفاعاً عن وطنهم»، وسط اخذ وردّ حول امكان اضافة عبارة «في كنف الدولة والسلطات الشرعية».وبدا ان مثل هذه الصيغة تكرّس ضمناً خيار المقاومة الذي يصرّ عليه «حزب الله» وتجمع بين مطالبة قوى 8 آذار بإدراج عبارة «حق اللبنانيين» ورغبة 14 آذار في اعتماد تخريجة «حق لبنان»، وذلك في اطار عملية تدوير زوايا انسحبت ايضاً على الموقف من «اعلان بعبدا» (ينص على تحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية) الذي كان الاتجاه نحو ذكره في مسودة البيان الوزاري دون تبنيه «بالمباشر».واذا كان العامل الأمني شكّل محركاً أساسياً للإسراع في تفكيك «الألغام» من امام البيان الوزاري تمهيداً لإقراره في مجلس الوزراء لتمثل الحكومة على اساسه امام البرلمان لتنال الثقة بحلول منتصف الاسبوع المقبل كحدّ أقصى، فان مجموعة استحقاقات داخلية وخارجية تملي «كسب الوقت» في مسار جعل الحكومة «عامِلة» و«كاملة المواصفات» وبينها اقتراب موعد دخول البلاد ابتداء من 25 مارس المقبل في مدار الانتخابات الرئاسية (حتى 25 مايو)، وانعقاد مجموعة الدعم الدولية للبنان في باريس في الخامس من الشهر المقبل، اضافة الى القمة العربيّة التي تستضيفها الكويت. وكلها محطات تستوجب إطلالة «جديدة» للبنان تعكس حداً ادنى من التماسُك المؤسساتي.ومما يجعل الإسراع في «تنصيب» الحكومة أمراً أكثر إلحاحاً هو الواقع الأمني في ضوء استمرار العمليات الارهابية ضد بيئة «حزب الله» والتي تتنقل بين الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع وتنذر بمزيد من «ولائم الدم» في ظل احتدام المعارك في يبرود واستبعاد ان تفضي الانجازات الامنية على أهميتها في وقف مسلسل التفجيرات ما دامت «الأوعية المتصلة» بين لبنان وسورية مفتوحة على غاربها مع استمرار مشاركة «حزب الله» بالقتال في سورية.ولعلّ من المفارقات التي تميّز الحكومة الجديدة في لبنان ان الفريق الاساسي فيها اي تيار «المستقبل»، الذي يعتبر ان انخراط «حزب الله» عسكرياً في سورية يستجلب العمليات الارهابية، لاقى الحزب في شعار «مكافحة الإرهاب» الذي تحوّل اولوية للحكومة وذلك بمعزل عن قتال «حزب الله» في سورية، وهي من النقاط التي أثارت حفيظة بعض قوى 14 آذار ولا سيما «القوات اللبنانية» التي كانت اشترطت لمشاركتها في الحكومة إدراج «إعلان بعبدا» في البيان الوزاري كمقدمة لانسحاب «حزب الله» من سورية رابطة منح الثقة للحكومة او عدمه بهذه النقطة.
خارجيات
بند المقاومة يرضي 14 آذار ولا يُغضِب «حزب الله»
حكومة «مكافحة الإرهاب» في لبنان تتهيأ لإطلالاتها الخارجية
04:56 م