تنصبّ الجهود الامنية والسياسية في مدينة صيدا ومنطقتها على إطفاء مظاهر اي توتر وتحصين الاستقرار في هذه «الجغرافيا» الصعبة، التي كانت «الشغل الشاغل» قبل اشهر وتستمر تحت المعاينة نتيجة ما شهدته من احداث دراماتيكية ادت الى مواجهة بين الجيش اللبناني وجماعة الشيخ احمد الاسير المناهض لـ «حزب الله» ولوجود خليط طائفي ومذهبي في المنطقة وبسبب تمركز اكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في مخيم عين الحلوة، اضافة الى تعاظم خطر التفجيرات الانتحارية التي تضرب لبنان.وبعدما كانت قد كشفت عن خطة امنية بوشر بتنفيذها لمنع انتقال عدوى التفجيرات الانتحارية من الضاحية الجنوبية لبيروت والهرمل في البقاع الى صيدا ومنطقتها، علمت «الراي» ان جهوداً سياسية مكملة للخطة الامنية بدأت تُبذل وتجري على ثلاثة محاور: سياسية وروحية ورسمية، الهدف منها تشكيل شبكة امان في صيدا وجوارها من شأنها تحصين الاستقرار النسبي في المنطقة والحؤول دون حصول اي توترات.وقالت مصادر «صيداوية» مواكبة لهذه التحركات لـ «الراي» ان المساعي الحميدة التي تبذل تتركّز على المحاور الآتية:«* مبادرات يقوم بها مفتي صيدا ومنطقتها الشيخ سليم سوسان الذي يحظى بثقة واحترام مختلف القوى الوطنية والاسلامية بعدما برهن ان دار الافتاء مفتوحة الابواب وعلى مسافة واحدة من الجميع. وقد لعب كثيراً دور اطفائي «الحرائق» ابان الاحداث التي توالت على صيدا على خلفية الخطاب المذهبي الذي قاده الاسير الفار من وجه العدالة، وهو يُعتبر قناة وصل وتواصل مع المرجعيات الروحية الشيعية والمسيحية عبر «اللقاء الروحي الاسلامي - المسيحي» الذي يُعقد شهرياً في المدينة.* وتتولى المحور الثاني «الجماعة الاسلامية» التي يقود اتصالاتها ولقاءاتها المسؤول السياسي في الجنوب الدكتور بسام حمود.* اما المحور الثالث فيعمل عليه محافظ الجنوب نقولا ابو ضاهر وقائد منطقة الجنوب الاقليمية في قوى الامن الداخلي العقيد سمير شحادة».واكدت المصادر الصيداوية ان «المساعي الحميدة قطعت شوطاً كبيراً في تحقيق الغاية بعد التقاء غالبية المعنيين، من قوى سياسية صيداوية، مراجع روحية شيعية (مفتي صيدا الجعفري الشيخ محمد عسيران) ومسيحية (مطارنة صيدا الياس نصار، الياس الكفوري وايلي الحداد) واتفاقها على العمل على خطيْن متوازيين: الاول التوافق على ثوابت المدينة التي يتفق الجميع عليها من دون التلاقي المباشر اذا استمرت بعض العراقيل والشروط، ولا سيما انه لم يعقد بين مختلف القوى السياسية الصيداوية اي لقاء مشترك منظم منذ الانتخابات البلدية والنيابية الماضية حيث قاطع النائب السابق الدكتور اسامة سعد تيار «المستقبل» ونائبيْ صيدا الرئيس فؤاد السنيورة وبهية الحريري. والثاني عقد لقاء موسّع تشارك فيه كافة القوى السياسية الصيداوية. والهدف في الحاليْن اعلان موقف موحد باسم المدينة هو التمسك بخيار الدولة ومؤسساتها، ورفض الفتنة المذهبية والطائفية والتطرف والارهاب، والحفاظ على العيش المشترك والوحدة الوطنية وتكريس الانفتاح على المناطق المسيحية شرقاً والمناطق الشيعية جنوباً».وتعتبر المصادر، ان اهمية اللقاء السياسي الصيداوي الموحد انه يساهم بفعالية بتحصين الامن الوقائي، «فالتوافق والتلاقي السياسي يسد الخلل ويمنع الاشكالات والتوترات الامنية المتنقلة، والاهم انه يقطع الطريق على اي عبث بالامن وخصوصاً في منطقة صيدا التي تتميز بموزاييك سياسي وطائفي ومذهبي لبناني وفلسطيني قد يجعل اي حدث أمني قابل للاشتعال او الاستغلال».وأكد المفتي سوسان لـ «الراي» «بقاء مدينة صيدا صوت الاعتدال في لبنان حريصة على وحدة الوطن وارضه وشعبه ومؤسساته، ولن ترضى أن تكون في دائرة الفتن المذهبية أو الطائفية أو أن تكون حاضنة لأي تطرف من هنا او هناك»، قائلاً إن مبادرته لجمع كلمة مدينة صيدا «مستمرة ولا توقيت لها»، ومعتبراً أنه «رغم وجهات النظر المتعددة في الخطاب السياسي، إلا أن الجميع حريصون على أمن صيدا واستقرارها، ومقتنعون بانه لا بد من الاتفاق على خطاب ينبع من الثوابت الوطنية للمدينة».اما الدكتور بسام حمود فقال لـ «الراي» ان «تحرُكنا يأتي في سياق حرص الجماعة الاسلامية على التواصل مع كافة الفئات الصيداوية الرسمية والامنية والسياسية والدينية للتشاور، وقد طرحنا رؤيتنا التي ترتكز على اربع نقاط في هذه المرحلة لتحصين صيدا وتجنيبها تداعيات الازمة والتي نرى بعضاً منها في مناطق لبنانية متعددة، وخصوصاً اننا نعيش في صيدا هدوءاً جيداً وحالة استقرار امني نسبي مقارنة مع مناطق اخرى وهذا ما نحرص على استمراره وتأكيده بل وتحصينه في ظل الشعور المتعاظم عند المواطنين من محاولات نقل الفتنة الى كل المناطق اللبنانية».واضاف: «النقاط الاربع هي: اولاً اننا مع منطق دولة المؤسسات والقانون، الدولة التي تحترم مواطنيها ويكون القانون والعدالة والمساواة الاصل في التعامل مع الجميع. ثانياً: ان المرجعية الامنية هي حصراً للاجهزة الامنية الرسمية من جيش وقوى امن داخلي مع التشديد على المناقبية في التعامل مع المواطنين كي لا يشعر المواطن بصيف وشتاء تحت سقف هذه المؤسسات التي من المفترض انها وُجدت لحفظ امن جميع المواطنين وحماية لبنان من اي اعتداءات خارجية. ثالثاً: ان صيدا ليست جزيرة معزولة عن محيطها وامتدادها الطبيعي شرقاً وجنوباً. ورابعاً: ان الخلاف في لبنان هو خلاف سياسي ويجب ان يبقى في اطاره الطبيعي مهما اشتد ويجب عدم تحويله الى خلاف مذهبي او طائفي او التهديد باستخدام الشارع لفرض رؤى سياسية معينة على بقية المواطنين».
خارجيات
سوسان: لا نرضى بأن تكون في دائرة الفتن أو حاضنة لأي تطرف
«الراي» تكشف عن جهود «مثلثة الضلع» لتشكيل «شبكة أمان» في صيدا
03:42 م