بعد ان انشغلت بيروت وضواحيها طوال امس بانباء عن «انتحاري جوال» بقي يبحث عن هدفه بعد التفجير الانتحاري بسيارة مفخخة الذي استهدف مدينة الهرمل السبت الماضي، فجر انتحاري نفسه في باص صغير للركاب في منطقة الشويفات المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت.وقال شهود عيان نقلا عن سائق الباص الذي نقل الى المستشفى قوله ان الانتحاري صعد الى الحافلة وكان الانتفاخ ظاهرا على بطنه، وعندما شعر بان السائق لاحظ الانتفاخ وخاف من ان يسلمه الى قوى الامن، قام بتفجير نفسه.وفي حين ذكرت تقارير ان الانتحاري كان يحاول الوصول الى الضاحية الجنوبية في بيروت وان الباص الذي استقله لم يكن يقل ركاباً آخرين غير السائق، اعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال مروان شربل ان قتيلاً واحداً سقط جراء الانفجار في الشويفات هو الانتحاري الذي صعد الى متن الحافلة وفجّر نفسه، فيما سائق الحافلة اصيب وهو في المستشفى.واوضح شربل «ان الانتحاري صعد إلى الباص، وهو من نوع هيونداي، أبيض اللون، يحمل لوحة عمومية ويملكه شخص من آل مشيك».واكتسب هذا التفجير دلالته لانه الاول من نوعه عبر «حزام ناسف» في باص للركاب، والاول في جغرافية وقوعه خارج الضاحية الجنوبية لبيروت (معقل حزب الله)، الا انه نفذ على تخومها، وتحديداً في منطقة الشويفات الممر بين الضاحية (الشيعية) والجبل (الدرزي).وكانت الساعة تناهز الخامسة والربع عصراً بتوقيت بيروت حين دوى الانفجار في باص ابيض من نوع «هيونداي» طراز 1999، لوحته عمومية وقانونية، يعمل على نقل الركاب الى الضاحية الجنوبية على الارجح، سائقه يدعى حسين ديب مشيك وهو نجا من الانفجار لكنه اصيب بجروح ونقل الى المستشفى.واشارت معلومات الى ان الانفجار، وقع في نقطة قريبة من محطة «الريشاني» للوقود وان الحزام الناسف الذي كان الانتحاري يرتديه كان محشواً بما بين 5 و10 كيلوغرامات من المواد المتفجرة.وتوقفت مصادر امنية عند مجموعة من الدلالات التي اظهرها تفجير امس، حين تحدثت الى «الراي» ان عملية امس وسواها من العمليات المشابهة اظهرت عدم وجود «هدف» محدد، مما عكس «وفرة» في الانتحاريين الذين يستهدفون اما محطات محروقات واما «وسط الطريق» وان القصد منها بعث رسالة تقول «نحن هنا».واشارت المصادر الى ان الوتيرة المتسارعة من العمليات الانتحارية (ست عمليات منذ شهرين ونصف الشهر) توحي بان هذه الجماعات قررت خوض ما يشبه «حرب استنزاف» لـ «حزب الله» وبيئته.وقالت مصادر قريبة من الحزب ان هذا النوع من العمليات الارهابية لن تثنيه عن قتاله في سورية، فمعركته هناك وجودية واستراتيجية.من جهته، اعلن مستشفى كمال جنبلاط ان «جريحين دخلا المستشفى جراء انفجار الشويفات هما حسين مشيك وهو سائق الباص ويخضع لعملية جراحية، وسيدة من آل الاحمدية تدعى امال وجروحها طفيفة».وكانت بيروت وضواحيها، قد عاشت رعبا من «انتحاري جوال» ينتظر لتحقيق هدفه، اذ ان المعلومات الامنية كانت تتحدث قبيل تفجير الهرمل السبت الماضي، عن «انتحاريين» في طريقهما الى «وليمة موت»، فجر أحدهما نفسه بسيارة مفخخة في محطة وقود على مدخل الهرمل وجمعت بعض اشلائه في محاولة لكشف هويته، وبقي انتحاري آخر، قيل انه توجه من البقاع الى بيروت، الامر الذي استدعى اجراءات مشددة من حواجز الجيش اللبناني، اضافة الى المزيد من التحوط في الضاحية الجنوبية.وكشفت مصادر معنية لـ «الراي» عن مخاوف لدى الجهات الامنية من حصول اكثر من عملية تفجير في امكنة عدة لكن في وقت واحد، مشيرة الى «وجود مواصفات لسيارات عدة مسروقة يخشى من استخدامها في عمليات تفجير، معظمها رباعية الدفع بسبب قدرة هذا النوع من المركبات على اجتياز الممرات الوعرة».وقالت هذه المصادر ان لدى السلطات المعنية اسماء اشخاص من مناطق عدة تم اخضاع اصحابها لرقابة حثيثة، اضافة الى مراقبة حركة الذهاب والإياب الى بعض المخيمات الفلسطينية ومنها، وذلك في اطار الاجراءات الاستباقية للحد من العمليات الارهابية عبر الوصول الى الجماعات التي تقف وراء هذه الجرائم.ووسط هذا الهاجس المتعاظم من خطر حصول عمليات انتحارية جديدة، شيعت الهرمل في البقاع اثنين من ضحايا التفجير الذي استهدفها السبت، وهما عصام خير الدين وعلي علوه.وتزامن تشييع الضحيتين مع انشغال وسائل الاعلام المحلية بخبر اكتشاف هوية الانتحاري الذي فجر محطة المحروقات في الهرمل ليتبين لاحقاً ان في الامر «مزحة سمجة» افتضح امرها مع ظهور «الانتحاري الافتراضي» على الشاشات.فبعدما استعجلت محطة «الجديد» في بث خبر اكتشاف هوية انتحاري الهرمل، والقول انه احمد فوزي عبد الكريم من فنيدق في عكار شمال لبنان، ونشر صورة لبطاقته العسكرية كـ «مجند احتياطي» في الجيش اللبناني، ظهر الاخير على محطات تلفزة اخرى من باب التبانة في طرابلس وقال ان لا علاقة له بـ «اي تفجير او عمل انتحاري»، مضيفا: «أرفض هدر دم اي احد من اللبنانيين وسواهم. وبالطبع فان التفجير الاخير في الهرمل غير مقبول وفق كل الاعراف الدينية والاخلاقية».