يحكي أحد الأدباء قصة تلميذ مولع بالكتابة عن الموالد، وكلما طلب منه الاستاذ الكتابة عن موضوع انشاء يتحول تلقائيا إلى الحديث عن الموالد، فكر الاستاذ بموضوع يصرفه تماما عن الموالد فطلب منه الكتابة عن رحلة بالطائرة، فكتب التلميذ: حلقت الطائرة وسط الغيوم في يوم جميل ورحلة رائعة، وفجأة هبت عاصفة شديدة فاضطر الطيار إلى النزول بالطائرة، وإذا بمولد، ذهبنا إليه، ثم أخذ يصف المولد.إلى الناخبين الطيبين الذين علقوا آمالهم على المجلس الجديد وأنه قد تعلم من دروس الماضي وقد جاء بثوب جديد وصفحة بيضاء نقول لهم: «بو طبيع ما يغير طبعه»، وانكم بالغتم في إحسان الظن، ففترة الشهرين من الحل كانت راحة قسرية وتسخينا للمرحلة المقبلة، فكيف يمكن لمن جعلوا شعاراتهم الانتخابية دغدغة مشاعر ناخبيهم والتهديد والوعيد والبطولات الكلامية، كيف نتوقع منهم ان يأتوا لينسفوا تلك الوعود ويسعوا إلى التهدئة؟! بل ان البعض منهم ليشعر بان ناخبيه لم يصوتوا له إلا ليكسر رؤوس الوزراء ويتحدى الجميع ويحقق للشعب ما عجز عنه الابطال الاسطوريون روبن هود- ودون جوان، وسيكسر اسوار البنك المركزي ليخرج كنوز الكويت التي احتجزها هؤلاء البخلاء ومنعوها عن شعبهم المسحوق الذي لم يذق طعم الشراب او الطعام أشهرا طويلة!! (طبعا فإني لا اتكلم عن جميع النواب ولكن بعضهم)، لقد تكلم أمير البلاد وحذر وأنذر، وكنا نعتقد بان الجميع كانوا يستمعون وينصتون وان فترة التأزيم قد انتهت إلى غير رجعة، ولكن ما ان انطلقت الخيول في حلقة السباق حتى وجدنا الجميع يتكلم ويشتم ويرغي ويزبد، وسهام النواب تنطلق دفعة واحدة تجاه الوزراء، ورأينا الادراج تنفتح لتخرج لنا عشرات الاقتراحات ومشاريع القوانين التي كانت مخبأة، واغلبها قوانين مالية ترهق ميزانية الدولة وتسبب الارتباك للجنة المالية ولمجلس الامة.بدأ الناس يتهامسون، متى سيتم حل المجلس وهل سيصمد حتى بداية الخريف المقبل؟! واصبح الوزراء يتساءلون: متى سيأتي الدور على كل واحد منهم قبل ان تصيبه السهام القاتلة؟! ومع تلك البوادر السلبية لبداية صدامية للمجلس الا اني متفائل بان اصحاب الرأي السديد والحكمة من النواب سيتحركون لاحتواء الامور وفرض الهدوء، ولا شك ان تحويل رئيس المجلس جلسة الأمس إلى سرية لمناقشة تنظيم اسلوب الحديث والنقاش بمجلس الامة كانت خطوة ايجابية، واتمنى ان تتحول جميع الجلسات إلى سرية حتى تتساقط عنتريات بعض النواب الذين يفقدون التوازن عندما يشاهدون الكاميرا تصورهم والجماهير تتابعهم.كما اعجبتني كلمة الاخ خالد سلطان في افتتاح دور الانعقاد عندما طالب بالهدوء والاتزان، وبين بأن الناس قد سئمت التصعيد والتأزيم، ولا شك ان ابا الوليد يستطيع التأثير على عدد كبير من النواب وينظم المعارضة.أتوقع ان يسقط اقتراح اسقاط القروض في الجلسة المقبلة إلى غير رجعة وتسقط بطولات رافعي ذلك الشعار، اما زيادة الخمسين دينارا فهي مطلب عادل ولن يضر الدولة تبنيه لمنع التصادم مع المجلس لا سيما مع الزيادات الكبيرة في الدخل، واتوقع ان تستطيع الحكومة امتصاص جزء من نقمة النواب خلال العطلة الصيفية عندما تتقدم بخطتها وتحقق بعض الانجازات التي وعدت بها لا سيما مع تفعيل لجان التحقيق الكثيرة التي سارع المجلس إلى تشكيلها، وليكن شعارنا: أوقد شمعة خير من أن تلعن الظلام.

د. وائل الحساويwae_al_hasawi@hotmail.com