استحوذت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الى بيروت على اهتمام خاص، وسط تفسيرات عدة للرسائل التي انطوت عليها في هذه اللحظة الاقليمية المفصلية بالنسبة الى الملف النووي الايراني والأزمة السورية، وايضاً في لحظة «الفصل» لبنانياً في المأزق الحكومي المتمادي منذ تسعة أشهر ونيف.ومع إطلاق ظريف من بيروت دعوة «لإبقاء الساحة اللبنانية مستقرة من خلال تشكيل حكومة جامعة»، وتوجيهه «رسالة ودّ» الى السعودية رافضاً في سياق آخر اي دعوة مشروطة لايران للمشاركة في مؤتمر «جنيف - 2» حول سورية، مؤكداً «اننا لا نسعى إلى تلقي مثل هذه الدعوة»، برزت مقاربتان متشابكتان لمحطة وزير الخارجية الايراني لبنانياً: الاولى اعتبرتها في إطار إعطاء اشارة الى «مَن يهّمهم الامر» بان لبنان «ساحة نفوذ» أساسية لطهران، والثانية بانها تغطي المناخ الايجابي الذي يسود ملف تشكيل الحكومة منذ ان قام «حزب الله» بخطوة تراجعية، وتالياً تعطي اشارة ايجابية الى المجتمع الدولي الذي بدأ «يسيّل» التفاهم المرحلي معها حول ملفها النووي.وبينما كان رئيس الديبلوماسية الايرانية يبحث مع المسؤولين اللبنانيين في العلاقات الثنائية والوضع اللبناني بكل تفرعاته والأزمة السورية ويضعهم في أجواء التطورات في الملف النووي، استوقفت اوساط سياسية رمزية المواقف التي كان يطلقها من باريس وزير الخارجية الاميركي جون كيري بعد اجتماعه بنظيره الروسي سيرغي لافروف ولا سيما لجهة دعوته طهران لان تكون شريكاً في السلام في سورية معتبراً انها تدعم «حزب الله» بقتاله فيها.وفي «الإسقاط» اللبناني لمواقف كيري، لاحظت الأوساط السياسية انها تؤشر الى لائحة مطالب إضافية دولية من طهران، معتبرة ان ترجمة حسن النية من ايران محكّه الفعلي الحدّ من دور «حزب الله» العسكري في سورية لتنتقل طهران من كونها «جزءاً من المشكلة» لتكون على «طاولة الحل».وبدا مبكراً الجزم ما اذا كان الموقف الدولي من طهران سيدفعها الى المزيد من التنازلات او التشدد في لبنان، علماً ان اوساطاً سياسية لاحظت ان زيارة ظريف جاءت في عزّ مهلة «الاسبوعييْن الدموييْن» اللذين توقّعت وكالة «فارس» قبل اسبوع انهما ينتظران لبنان.وكان لافتاً ان ظريف الذي يفترض ان يكون التقى الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، تفقّد موقع الانفجار الانتحاري المزدوج الذي استهدف سفارة بلاده في بيروت، متحدثاً بلغة مغايرة عن تلك التي كانت اعتمدتها طهران بعد وفاة امير «كتائب عبد الله عزام» ماجد الماجد الذي تبنت كتائبه تفجير السفارة الايرانية في المستشفى العسكري نتيجة مضاعفات اصابته بفشل كلوي.فبعدما كانت ايران اتهمت السعودية بالتسبب بوفاة الماجد الذي سلّم لبنان جثته قبل ثلاثة ايام الى السعودية، هنّأ ظريف الحكومة اللبنانية شاكراً اياها «على الإنجاز الكبير الذي حققته في فترة زمنية قياسية بإلقاء القبض على الإرهابي الأساسي المسؤول عن هذا الإنفجار الآثم وهو ماجد الماجد (امير كتائب عبد الله عزام)»، كاشفاً «عن وفد قضائي حقوقي إيراني سيأتي الى لبنان الشقيق كي يتدارس مع المعنين في السلطات اللبنانية المختصة والمحترمة، حول كل الملابسات المتعلقة بهذه القضية».وعُلم ان هذا الملف شكّل واحداً من ملفات البحث مع كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام ووزير الخارجية عدنان منصور، علماً ان ظريف لم يلتق رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لوجوده خارج لبنان، في حين يفترض ان يكون اجتمع بوفد من حزب الكتائب اللبنانية من دون ان يلتقي اي ممثلين لتيار «المستقبل».وبعد لقائه رئيس الجمهورية، اكد ظريف ان «إستقرار سوريةيندرج في مصلحة المنطقة كلها»، لافتاً إلى ان «إيران، ان دعيت أم لم تدعَ لمؤتمر جنيف - 2، فستظل تعمل لتحقيق السلام في المنطقة».وكان ظريف توقف بعيد وصوله الى بيروت ليل الاحد «عند التحدي الذي يمثله الإرهاب والتكفير والتطرف»، معتبراً ان «هذه الآفة تصيب بضررها البالغ كل شعوب ودول هذه المنطقة، الأمر الذي يستلزم منا جميعا ان نوحد الجهود السياسية من أجل مواجهتها ودحرها».واكد ان ايران «تسعى إلى اقامة أفضل العلاقات الاخوية مع المملكة العربية السعودية لأننا نعتقد جديا ان مثل هذه العلاقات إذا تعززت فستؤثر بشكل ايجابي على إرساء السلام والاستقرار والأمن على صعيد المنطقة. ونرحب بأي لقاء رسمي بين البلدين على أي مستوى».واذ شدد على ان «الحل الوحيد المتاح للأزمة السورية هو الحل السياسي»، قال: «نعتقد ان الطريق الأفضل الذي يؤدي إلى الحد من ظاهرة الارهاب والتكفير والتطرف التي تضرب المنطقة هو باتاحة الفرصة المناسبة لأبناء الشعب السوري كي يعبروا عن رأيهم بنزاهة وحرية من خلال صناديق الاقتراع».
خارجيات
رفض أي دعوة مشروطة إلى «جنيف - 2»
ظريف وجّه من بيروت «رسالة ودّ» إلى السعودية
ظريف يزور ضريح عماد مغنية في ضاحية بيروت الجنوبية أمس ( د ب ا)
12:23 م