ديرة سماؤها رحبة تتناثر فيهِا النجوم فترسل شعاعاً فيه ومضات مختلفة الألوان ومتعددة الأشكال تنثر أنواراً ثقافية وفنية واجتماعية وعلمية وتربوية ومن تلك النجوم الزاهرة جعفر المؤمن الذي أفل عن عالمنا في الأسبوع الماضي، شخصية ثقافية وفكرية وفنية لامعة ساهمت مساهمة بالغة في دفع الحركة المسرحية والفنية في الزمن الجميل.وبدأ أبو علي يرحمه الله مسيرة العطاء والمشاركة في الصرح الثقافي والفني منذ فترة تأسيس فرقة المسرح العربي في الستينات من القرن الماضي وهو من أوائل خريجي معهد الدراسات المسرحية حيث جدّ في هذا المضمار على أساس علمي وفكر منظم فبرع في التأليف والتمثيل والاخراج وتفاعل في مشاهد مختلفة لأعمال فنية متعددة مع كوكبة من زملائه المبدعين أيام الزمن الجميل.ومن أهم أعماله الدرامية «رحلة عذاب» كما شارك في اخراج عدد من الأعمال المسرحية منها «مدير طرطور» وكذلك مسرحية «حط الطير طار الطير» وآخر أعماله المسرحية «سلطان للبيع».تعرض أبو علي يرحمه الله في السبعينات من القرن الماضي لحادث أثناء تصويره لمسلسل تلفزيوني ما أدى الى إصابة عموده الفقري فبدأ يصارع المرض فترة طويلة.لم يمل وكان صبوراً متفائلاً حيثما وجد تعلو وجهه ابتسامة تنبئ عن التفاؤل وإذا جلست معه فإنك تستشعر من حديثه الأمل والاقدام والتجلد والايمان بقضاء الله الكريم وقدره.أتذكر أبا علي في مواقف كثيرة أتذكره وهو صابر يدعو إلى الصبر وإتيان الفرج إبان الغزو الصدامي البغيض أتذكره مستبشراً فرحاً في يوم التحرير والنصر وهو يتلفظ بكلمات كلها إشراق ان الحق جاء وزهق الباطل والنور أقبل وتقهقر الظلام.هذه مفرداته وكلماته:أتذكره في آخر أيامه وهو راقد في المستشفى يشير الى ابنته ويقول:كل شيء تمام فترد ابنته عليه:إن شاء اللهوما أجمل الصبر الجميل مع التقىوما قدر المولى على عبدهِ يجريوفي يوم تشييعه إلى مثواه الأخير أجد في وجوه أهلهِ وأصدقائهِ وأحبائهِ علامات الأسى على شخصية طالما اجتهدت وجدت وأخلصت ثم أبدعت ورأيت أيضاً وجه ابنه علي وكأن لسان حاله يقول أبي:أرى الأيام تبسم ليلقربك حين تبتسموتعذب عندي البلوىويحلو المر والسقميهون الخطب والإملاقفي لقياك والعدموتسطع بالرؤى دنيايضاحكة وتبتسمُاللهم بارك لجعفر المؤمن في حلول دار البلاء وطول المقامة بين أطباق الثرى واجعل القبر بعد فراق الدنيا خير منازله واخلف على أهلهِ وذويهِ وأصدقائهِ وجيرانهِ ومحبيهِ الصبر والسلوان.إنك ولي ذلك والقادر عليه«إنا لله وإنا إليه راجعون»