تحدثت مصادر لبنانية مواكبة للاتصالات الناشطة والمشاورات الكثيفة الجارية في شأن تشكيل الحكومة الجديدة والتي بلغت حدوداً متقدمة في الساعات الاخيرة، عن احتمال ان تكون الساعات الثماني والاربعون المقبلة حاسمة في تقرير وجهة هذا المسعى الذي يبدو معظم المعنيين به على اقتناع بانه ماض نحو حسم ايجابي في نهاية المطاف.وقالت هذه المصادر لـ «الراي» ان ثمة عوامل عدة توافرت وأخرى في طور المعالجة والتطوير من شأنها ان تَظهر تباعاً في الساعات المقبلة للدفع قدماً نحو إنضاج مشروع التوافق على الحكومة الجديدة الذي تجري بلورته بمظلات خارجية وإقليمية واضحة شكّلت الإثبات على بلوغ الوضع اللبناني حدود خطر إقليمي محقق، ما دفع بالقوى الكبرى الإقليمية الى تغطية هذا المسعى.وأشارت المصادر الى ان القوى اللبنانية بمختلف اتجاهاتها تنظر الى الزيارة التي سيقوم بها اليوم وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الى بيروت على انها متقنة التوقيت والدلالة في الدفع نحو إنجاح المساعي لتشكيل الحكومة الجديدة عقب ملامح المرونة والتنازلات التي أبداها حلفاء ايران ولا سيما منهم «حزب الله» في هذا التطور.واذا كانت الانظار قد ركزت في الايام الاخيرة على النقاش الجاري داخل فريق 14 آذار حول مواقف أطرافه وبعض التناقضات التي برزت لديه من مشروع الحكومة الجديدة القائمة على صيغة 8 وزراء لكل من 8 و14 آذار والوسطيين، فان زيارة ظريف لبيروت ستسلّط الأضواء بقوة على الدوافع الخفية التي حملت فريق 8 آذار على الإقبال بقوة على التنازل عن صيغة سابقة كان يشترطها ولا يتراجع عنها اي 9-9-6 مما يعني ان ايران تحديداً لعبت دوراً حاسماً في هذا التطور لأهداف تتصل بموقعها ومصالحها الحالية كما بسعيها الى التخفيف من خسائر الحزب والأثمان السياسية التي كان يمكن ان يتكبدها لو تطوّر الوضع اللبناني الى مزيد من الاستنزاف الأمني والسياسي، اي ان طهران ترغب في «تقطيع المرحلة» بأقل الأضرار وبما يحفظ لها أوراق قوتها في لحظة التحولات الكبرى.وفيما تترقب القوى السياسية ما يمكن ان تحمله زيارة ظريف لبيروت من دلالات ونتائج ومواقف، تشير المصادر نفسها الى الاجتماعات التي باشرها رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة مع المعنيين بتشكيل الحكومة بدءاً برئيس الجمهورية ميشال سليمان والتي يستتبعها بلقاءات مع الرئيس المكلف تمام سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري بصفته مكلفاً من فريق 8 آذار التفاوض في شأن الحكومة الجديدة، تحمل بوادر التعمق في مناقشة التفاصيل والحصول على الأجوبة التي يريدها الرئيس سعد الحريري قبل صوغ القرار النهائي لفريق 14 آذار بكامله.ولفتت في هذا السياق الى ان الاتصال الطويل الذي اجري بين الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مساء الجمعة الفائت اعاد رسم الاطار الذي ستتعامل عبره قوى 14 آذار مع المشاورات الجارية وهو الامر الذي ترجمه جعجع في تبديد الانطباعات التي سادت عن خلاف بينه وبين الحريري.ورأت المصادر في هذا التطور ملامح دفع سعودي نحو تسهيل تشكيل الحكومة والحفاظ على وحدة فريق 14 آذار في آن، مما يستتبع حكماً المضي في التفاوض لتحصيل الضمانات الاساسية التي تبرر لهذا الفريق الموافقة على حكومة سياسية يشارك فيها مع خصومه ولا سيما منهم «حزب الله».وتقول المصادر ان الرئيس سلام والنائب وليد جنبلاط سيكونان في الساعات المقبلة محوريْ العملية الصعبة التي تفرض الدخول في التفاصيل والأسماء والحقائب والعناوين الاساسية للبيان الوزاري وتحديداً ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» و«إعلان بعبدا» والتي على أساسها سيتقرر مصير المسعى الجاري.ورغم استبعاد الوصول الى ولادة حكومية هذا الاسبوع وتحديداً عشية انطلاق المحاكمات في لاهاي الخميس المقبل في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري التي سيحضرها سعد الحريري مع وفد من نواب وشخصيات، لم تستبعد المصادر ان يتزامن انطلاق المحاكمات مع تحقيق اختراق نوعي في العمل على بلورة التوافق حول الحكومة الجديدة، علماً ان ثمة حركة لبنانية على خط الرياض من خلال ما تردد عن زيارتين لكل من الوزير وائل ابو فاعور موفداً من جنبلاط الى المملكة والعضو في كتلة «المستقبل» النائب نهاد المشنوق.وتذكر المصادر بان الرئيس سليمان كان حدد مهلة عشرة ايام تنتهي في 20 يناير للمسعى التوافقي قبل إقدامه والرئيس سلام على تشكيل حكومة محايدة مما يعني ان الاسبوع الجاري هو الفرصة الاخيرة للمسعى الجاري الذي لن يكون ممكناً الرئيس سليمان التراجع بعده عن اصدار مراسيم حكومة حيادية في حال فشل المسعى، وهو الامر الذي يعرفه الجميع والذي يضعهم امام حتمية حسم مواقفهم  في الايام القليلة المقبلة.

عون في الفاتيكان للقاء البابا

الراعي: المصالحة ينجزها الأبطال

| بيروت – «الراي» |في إطلالة غير مباشرة على الملف الحكومي في لبنان والتنازلات المتبادلة التي يسعى اليها فريقا 8 و 14 آذار لتمرير تشكيلة حكومية توفّر «بوليصة تأمين» للوضع اللبناني في الفترة الفاصلة عن انتخابات رئاسة الجمهورية (حدها الاقصى 25 مايو المقبل)، اكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ان «أهمية المصالحة أنها تُخرِجنا من أسر نزاعاتنا، وتولد فينا تطلعا إلى آفاقٍ جديدة».واعتبر الراعي في عظة قداس الأحد ان «مجتمعنا وبلدان هذا الشرق في حاجة إلى مصالحة وبناء الوحدة في التنوع، والخروج من حالة النزاعات، ومن التسبب بفلتان الأمن والاعتداء على حياة المواطنين وممتلكاتهم»، لافتاً الى ان «البقاء في النزاع انغلاب له وقتل لطموحات الإنسان ولتطلعاته إلى الأفق الجديد، والخروج من النزاعات بطولة وحياة، والاستمرار فيها ضعف وفناء». واضاف: «جميل أن نتميز بثقافة حمل الله الحامل خطايا العالم، فنحمل أخطاء بعضنا البعض، ونتلفها بالمحبة والتفاهم والمصارحة، ونتوّجها بمصالحة شاملة. فالأبطال يصالحون على أساس الحقيقة والعدالة والمحبة، أما الضعفاء فيهربون من المصالحة، مبررين أنفسهم بالاتهامات والتخوينات».وفي سياق غير بعيد، غادر رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون لبنان امس متوجهاً الى الفاتيكان حيث سيعقد في روما سلسلة لقاءات على أن يختتمها بلقاء البابا «من أجل إيضاح صورة الواقع المسيحي في لبنان والمنطقة»، وفق بيان صادر عن عون.وتأتي زيارة عون للفاتيكان على وقع رفعه شعار الخوف على المسيحيين المشرقيين في ظل الثورات في العالم العربي ولا سيما في سورية وتحذيره من «المدّ التكفيري».ولا تعزل أوساط سياسية محطة زعيم «التيار الحر» في عاصمة الكثلكة في العالم، وإن في جانب منها، عن ملف انتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان ورغبة عون في تظهير وجود غطاء كنَسي له كمرشّح للاستحقاق الرئاسي يرفع شعار ضرورة الإتيان بـ «رئيس قوي» يجمع بين الشرعية الشعبية والشرعية الدستورية.