رأى السفير الاسرائيلي السابق في واشنطن ومسؤول الملف السوري في وزارة الخارجيّة الاسرائيلية ايتمار رابينوفيتش، أنّ ميزان القوى في الحرب الأهلية السورية يتغير، فالرئيس بشار الأسد ونظامه ينالان الزخم، بينما المعارضة تضعف، ويبدو أن بعضاً من مؤيديها التقليديين الهامين يعيدون النظر في مواقفهم.وأشار رابينوفيتش في دراسة نشرها معهد أبحاث الأمن القومي الاسرائيلي الى أنّه من المهم الوقوف عند طبيعة وحجم هذه الميول الجديدة، وفحص الامكانات المتوافرة للمؤيدين للانتقال لنظام أكثر ديموقراطية واعتدالاً نسبياً في سورية، ومدة تحقيق الاستقرار في المنطقة، لافتاً الى أنّ انتصارات النظام الأخيرة شكلت انتقالاً لمرحلة جديدة من الحرب الأهلية، فقد ضمن جهداً كثيفاً من ايران وذراعها التنفيذي حزب الله السيطرة على بعض النقاط الاستراتيجية، وتحقيق تقدم بطيء وتدريجي في مناطق أخرى أيضاً، ومع أنّ المعارك تتواصل، ومنظمات المعارضة تسجل انجازات، لكن في الصورة العامة، يتقدم النظام في طريقه لتحقيق سيطرة على المحور المركزي في سورية، الذي يمر من دمشق الى حلب، مع فروع نحو الغرب باتجاه المنطقة العلويّة والشاطئ، وجنوباً نحو درعا».وأشار الى أن «الميل الذي بدأ في يونيو 2013 تعزز في أعقاب أزمة السلاح الكيماوي في غسطس الماضي، وللمفارقة، فان الحدث بالذات الذي كاد يؤدي لهجوم جوي شديد كعقاب أميركي، انتهى بمثابة انجاز للنظام الذي سبق ان استخدم السلاح الكيماوي. وبالفعل، يوشك الأسد على خسارة معظم مخزونه من السلاح الكيميائي، ان لم يكن كله، لكن الأمر بث فيه روح حياة جديدة، لأنه أصبح شريكاً حيوياً في تطبيق الاتفاق الأميركي- الروسي». وفضلا عن ذلك، فان روسيا، الداعمة الدولية الرائدة له، ثبتت مكانتها كعامل مؤثر سواءً في سياق الأزمة في سورية والشرق الأوسط بشكل عام، وفي العالم العربي، فان الاعتقاد السائد أن ما بدأ كتفاهم محدود في مسألة السلاح الكيماوي خطوة أولى في الطريق لاتفاق واسع سيتضمن حلاً ديبلوماسياً -سياسياً للأزمة السورية، سيميل لصالح الأسد ونظامه. وقد اشتدت مصادر القلق هذه في الشهر الأخير عقب التوقيع على اتفاق جنيف بين ايران والدول العظمى الستة، والمكتشفات بشأن المفاوضات السرية التي سبقته، بين الأميركيين والايرانيين».ونقل رابينوفيتش عن أوساط ديبلوماسية اسرائيلية مطلعة قولها ان خصوم ايران في الخليج وسورية ولبنان يخشون أن يؤدي الاتفاق الى تقارب متجدد بين ايران والولايات المتحدة، وتلطيف حدة المنافسة في الشرق الأوسط، بحيث يتضمن تفاهماً في شكل حل ديبلوماسي سياسي في سورية، وهذا السيناريو يبدو في نظر أعداء الأسد امكانية كامنة لتعزيز مكانته.وفضلاً عن هذه التطورات، حسب رابينوفيتش، «احتدمت المشاكل التي شغلت بال المعارضة السوريّة، وأقلقت مؤيديها منذ بدء الحرب على مدى الأشهر الأخيرة: فالمجلس الوطني السوري ضعيف، ومنقسم وعديم النفوذ على الأرض. والجيش الحر بقيادة سليم ادريس لم ينجح ليصبح المنظمة العسكرية السائدة، وبالتأكيد ليس المنظمة العسكرية الموحدة التي كان يفترض بها أن تكون».واشار الى ان «منظمات الجهاد، كجبهة النصرة والدولة الاسلامية للعراق والشام (داعش)، العنصر الأكثر تأثيرا في المعارضة، لكن رؤيتها، خطتها وسلوكها في المناطق التي تحت سيطرتها تبعث النفور في أوساط السوريين والأسرة الدوليّة، ونجح النظام اخيرا بأن يضع نفسه بصفته المعقل العلماني والواعد للاستقرار في ظل صده لموجة الاسلاميين في سورية. وتابع ان «مؤيدي المعارضة أصدقاء سورية لم ينجحوا في الماضي والحاضر في العمل بانسجام، بعض نشاطهم منسق، لكن في مرات عديدة تجدهم يسعون لأهداف متضاربة».وقال رابينوفيتش الى ان «السعودية تنفر من الاخوان المسلمين الذين ينالون دعم قطر، في حين ان متبرعين خاصين في دول الخليج ممن يرعون المنظمات المختلفة، يضيفون للفوضى العامة».ووصف رابينوفيتش بـ «التصريحات الهدامة» تلك التي أطلقها الديبلوماسي الأميركي السابق ريان كروكر، ورئيس «السي.اي.ايه» السابق مايكل هايدن، ورئيس الأركان الاسرائيلي السابق دان حلوتس، وكلهم لمحوا بوضوح الى ان الأسد الشيطان الذي نعرفه، وهو بديل أفضل من سيطرة الجهاديين على سورية.وتساءل: «في ضوء هذه التطورات، أي امكانات قائمة أمام الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا والشرق الأوسط، بعد أن دعموا المعارضة من بداية الطريق، وأعلنوا أن الأسد فقد شرعيته، وعليه أن يخلي كرسيه؟» ليجيب أن «الامكانيّة الأفضل هي حل ديبلوماسي سياسي، لكن في ضوء الزخم الجديد للأسد والدعم من روسيا وايران، هناك شكوك في أن يكون مستعداً للتخلي عن مكانه».وواشار الى انه «اذا لم تنجح المعارضة في بناء بديل ذي مصداقية للأسد، فستكون هناك حاجة لتبني التكتيك السعودي لعمل ناجع مع منظمات محليّة، وتنظيمات أصغر من القوى المحلية، وتوسيعها لأحجام أكبر».