شبح يعيش معك في المنزل وفي السيارة والعمل!شبح لا تراه... يختبئ في هاتفك... وينقل أسرارك وعلاقاتك لزوجتك... وكذلك يكشف لك ما تخبئه هي!وقد يطلع عليك أي شخص قريب منك بحيث يمكنه مغافلتك والتسلل الى هاتفك الذكي ليدس فيه برنامجا تجسسيا يجعلك على الفور كتابا مفتوحا لا مكان فيه للخصوصية!هذه الخدمات التجسسية صارت أمرا واقعا تروجه جهات مجهولة عابرة الحدود والمواقع الافتراضية على شبكة الانترنت، تغريك بشراء خدماتها التجسسية على هواتف الآخرين تحت عناوين براقة: «راقب زوجتك... أطفالك... راقب موظفيك... راقب الخدم والسائقين... وغير هؤلاء»... لكن ما المانع ان تكون انت أيضا ضحية لأحد من المقربين منك... زوجتك، رفاق العمل، أصدقاء المقهى، رواد ديوانيتك... وقد يقتصر الأمر على الدعابة والمزاح، لكنه أيضا قد يتسع ليشمل فضح أسرار خطيرة، أو علاقات مستورة؟!برامج (كاشفة) يتم ادخالها في هاتف الضحية المقصود من دون علمه (بالطبع) ليتحول الى هدف واضح - على البعد - امام مشتري الخدمة الذي ليس مطلوبا منه سوى دفع دنانير تقل وتكثر وفقا لتعدد الخدمات التي يرغب المتجسس في التمتع بها، وكلما تعددت الرغبات في كشف معلومات أكثر عن الضحية ارتفعت الفاتورة التي تدفع أيضا عن طريق مواقع عنكبوتية! وليس عليك الا ان تدس البرنامج الخاص بها بطريقتك في هاتف الشخص الذي تريد التجسس عليه بعد ان تغافله مستغلا قربك منه، وبعدئذ ستتمكن من مرافقته كظله خطوة بخطوة... ودقيقة بدقيقة... ونفسا بنفس!هذا الطوفان التجسسي يجعل كثيرين يتساءلون عما اذا كانت هذه الخدمات التجسسية تباع من وراء الجهات المعنية في البلد... ام انها تجارة شبحية تمضي من وراء ظهور المسؤولين؟«الراي» تابعت تلك المواقع ومنها الاجنبية والعربية والتي تتنافس في تقديم خدمات التجسس على الهواتف الذكية الحديثة بمختلف أنواعها مقابل مبالغ مالية زهيدة وخصومات تصل الى 45 في المئة على الاشتراكات التي تتباين من حيث المدة ما بين سنوية وشهرية وأسبوعية، وهناك خدمات شاملة وأخرى محدودة، وتتسع الشاملة لتغطي التجسس على هاتف الضحية فتصبح - وأنت بعيد - كأنك انت المستخدم الاصلي للجهاز، اي انه بإمكانك اذا كنت حائزا للخدمات الشاملة ان تحدد بدقة مواقع الجهاز المستهدف على الخريطة، كما يمكنك الدخول على الرسائل النصية ورسائل الواتس آب والاطلاع على محتوياتها وقراءة المحادثات ومعرفة الارقام التي تجري مراسلتها اضافة الى امكان معاينة الصور ومقاطع الفيديو المخزنة في الجهاز (المرصود) ونسخها والاطلاع على سجل المكالمات الصادرة والواردة وكشف الارقام ومدد المكالمات وتسجيلها والدخول على سجل الهاتف والاطلاع على المواقع التي يزورها صاحب الهاتف عبر شبكة الانترنت، ويتمكن الحاصل على الخدمات الشاملة من متابعة البرامج التي يجري تحميلها ومراقبتها ومتابعة ماذا يفعل صاحب الجهاز والتقاط صور عبر كاميرا هاتفه من دون ان يعلم والاستماع الى الاحاديث الدائرة في محيط الهاتف او المكان الذي يجلس فيه صاحب الجهاز الضحية، بل وقد يتسلل الى داخل غرف منزله وكذلك قراءة رسائل البريد الالكتروني الخاص بصاحب الجهاز اذا كان بريده مفعلا على جهازه الذكي. أما الخدمات المحدودة، وهي تشمل تحديد موقع الهاتف والاطلاع على المراسلات الصادرة والواردة عبر الواتس آب والرسائل النصية والاطلاع على سجل الهاتف فقط وتختلف الخدمات الشاملة عن المحدودة من جهة مروجة لأخرى وكل حزمة خدمات لها أسعار وتخفيضات خاصة في حال الاشتراك بها.الجهات التي تختص في ترويج عمليات الاختراق الأمني للأجهزة المحمولة والاطلاع على أسرار أصحابها دأبت على وضع إعلانات التجسس في مواقع شهيرة وتنافست لاستقطاب المشتركين تحت مسمى (spy phone) بذريعة «راقب موظفيك... راقب أطفالك... وراقب وراقب موظفيك... وراقب» وهناك مواقع تقدم الخدمة باللغة العربية وأخرى تقدمها باللغة الإنكليزية تتيح للمشترك أن يحصل على الخدمات بمجرد الاشتراك معهم في أي حزمة يختارها لمراقبة ضحيته أو ضحاياه حيث تتم الآلية في هذه المواقع من خلال اشتراك الشخص بالموقع ودفع قيمة الخدمة أو مجموعة الخدمات التي اختارها ومن ثم يتم ارسال اسم مستخدم ورقم سري الى بريده الالكتروني الذي وضعه في بيانات الاشتراك ويقوم المشترك بالدخول الى موقع الشركة من خلال نافذة خاصة يكتب بها الـ (user name) والـ (password) ويتم إرشاده إلى طريقة حفظ الباتش الخاص بالتجسس على جهاز الضحية أي انه يتعين عليه أن يكون على معرفة بضحيته، ليمكنه التذرع بأي حجة للعبث بجهازه، ويقوم بزرع (الباتش) الخاص بالتجسس من خلال الموقع، وهو ملف خفي يتم تحميله على الجهاز ولا يظهر لأحد، وتتم من خلاله عملية التجسس طوال مدة الاشتراك في الباقة المختارة.وعلمت «الراي» ان هناك مواقع تقدم خدمة تجسس تعتمد على طريقة أكثر ذكاء وتطوراً، حيث يرسل المشترك ملف التجسس الى الهاتف المستهدف عبر رسالة نصية أو واتس آب، وبمجرد استقبالها يستطيع المشترك التجسس على صاحب الهاتف، غير أن خبراء استدركوا بأن هذه الحالة نادرة جداً، وليست هناك سوى قلة من المواقع تقدمها، وان بدأت الأحاديث تكثر حولها في الآونة الأخيرة.يتساءل كثيرون ممن طالعوا العروض الاعلانية المذكورة، عما اذا كانت الجهات المعنية في البلد تدرك خطورة هذه الوسائل التجسسية، الآتية من وراء الحدود حتى لو تسترت خلف أهداف بريئة، كمراقبة الأطفال أو الخدم أو الموظفين، على الرغم من تحفظ التربويين والقانونيين عن أخلاقية هذه المراقبة؟ وهل يمكن ان تكون هذه الخدمات بوابة شريرة لارتكاب عمليات تجسس هاتفية قد يقع ضحيتها مديرو شركات ورؤساء بنوك، ومسؤولون حكوميون، لتصبح الأسرار التي يمتلكونها - بحفنة دنانير - ملكاً لجهات مجهولة تتلاعب بمصيرها كيف تشاء؟والسؤال الأكثر أهمية: هل يدري المسؤولون كيفية مكافحة هذه الخدمات التجسسية، وإحباط الخطر الذي يمكن أن تجلبه على البلاد والعباد؟إذا كانت الإجابة «نعم»، فما الذي صنعته الجهات الأمنية والمختصة في مواجهة هذا الشر الداهم؟!