ريكاردو كرم مهندس كيميائي ربما لم توجَد الكيمياء أصلاً بينه وبين هندستها، وهو الحائز على ماجستير في إدارة الأعمال من دون أن يرغب حتى في مزاولتها... قاده «حلم اليقظة» إلى مجال الإعلام الذي تميّز فيه، من خلال المحاور اللبق الذي نجح في إسقاط الأقنعة عن مشاهير كاشفاً «ما وراء الوجوه» و«أسوار القصور» و«أسرار» شخصيات صارت نجاحاتها كبيرة.يقود كرم منذ سنوات مبادرة «تنقيبية» تحت عنوان «تكريم»، تبحث عن قصص النجاح الأبرز في عالمنا العربي، لإنصاف أصحابها وإعطائها حقها بأن تكون شخصية ملهمة تحفّز الشباب العربي على التفوّق والإبداع. وكانت آخر محطات «تكريم» في الرابع عشر من نوفمبر الماضي في باريس حيث تم الاحتفاء بثمانية منجزين عرب أبدعوا في المجالات الآتية: الأعمال الإنسانية والخدمات الخيرية للمجتمع، التنمية البيئية المستدامة، الإبداع العلمي والتكنولوجي، الابتكار في مجال التعليم، الإبداع الثقافي، امرأة العام العربية، المبادرين الشباب، القيادة البارزة للأعمال، فضلاً عن جائزة المساهمة الدولية الاستثنائية في المجتمع العربي التي تمنح لفرد أو مؤسسة غير عربية.وقد ضمّت اللجنة الحاكمة لهذا العام الشخصيات الآتية: الشيخة مي الخليفة، الشيخة بولا الصباح، الدكتورة نهى الحجيلان، المستشار الملكي أندريه أزولاي، الدكتورة حنان عشراوي، الدكتور الأخضر الإبراهيمي، البروفيسور آلان كاربنتييه، الصناعي كارلوس غصن، الروائي مارك ليفي، الدكتورة ليلى شرف، رجل الأعمال رجا صيداوي، ورجل الأعمال محمد منصور.«الراي» التقت كرم في مكتبه في بيروت المزدان بصور أبرز الشخصيات الملهمة التي التقاها، فكان الحوار عن مسيرته الإعلامية ومبادرته التكريمية، وفي ما يأتي نصه:• هل من شخصية ندمتَ على استضافتها، وبعد محاورتها اكتشفت أنها تتمتع ببريق لا تستحقه؟- أكيد، غالبية المشاهير.• تلفّهم هالة لا يستحقونها؟- الشخصيات العامة ينظر إليها الناس إجمالاً نظرة مبالغ فيها. فهذه الشخصيات مطبوعة بذاكرة جماعية، لا ذاكرة شخص واحد؛ الكل يعرفها. والإنسان المعروف الذي يتآلف الناس مع صورته عبر صفحات المجلات والبرامج التلفزيونية، يشعرون بأنه جزء منهم، وعندما يلتقون به ينظرون إليه ويؤخذون بشكله ويجهدون للتثبت إذا كان يشبه الصورة التي طبعوها عنه في مخيّلتهم.الناس يعتبرون أن هؤلاء المشاهير مختلفون، ولذلك يفضّل المشاهير عدم التواصل مع الآخر كي لا يشوّهوا هذه الصورة. فهم يعلمون أن حجمهم أكبر بكثير من فعلهم، ووقعهم عند الناس أهم من المضمون الذي يتمتعون به. لذلك ترين دائماً نوعاً من السياج حولهم، وعندما تسنح لك الفرصة لمجالستهم، محاورتهم والدخول إلى أعماقهم، ستكتشفين ما فيها خلال عشر دقائق بأقصى تقدير.• أي من الشخصيات لم تلتقها بعد، ولطالما رغبتَ في محاورتها. أو ربما شخصية رحلت عن هذه الدنيا وتقول في قرارة نفسك لو سنحت لي فرصة لقائها؟- سؤالك يؤكد أن الناس يؤخذون دائماً بالأسماء الكبيرة. أنا اليوم في مرحلة من حياتي تغيّرت ونضجتُ، ولم أعد أؤخذ بهذه الأسماء، لا ألهث وراءها ووراء السبق الصحافي. أنا أبحث عن أين يمكن أن أساهم في التغيير؛ فهذا هو الأساسي في حياتي. وليس فقط حياتي أنا كريكاردو كرم، بل في حياة المجتمع الذي أنتمي إليه، وهو مجتمع كبير وليس حلقتي الضيقة. مجتمعي اللبناني، المشرقي، ثم الخليجي، المغربي. المجتمع العربي، ثم عرب الشتات المتناثرين في العالم. وأنا أحب أن أقدم إضافة، وأن يكون عملي قيمة مضافة. لذلك، أبحث عن نماذج لوجوه عادية، لكن الجلسة معها تتسم بنفحة من الإلهام. تلهم الآخر وتجعله يستوحي من هذا اللقاء.لا شك في أن هناك مَن أحبّ محاورتهم؛ على سبيل المثال الكاتب الأفغاني خالد الحسيني الذي أعشق رواياته، وأحب أن أحاور بالوما بيكاسو لتتحدث عن أبيها والحياة التي قضتها معه، في سنوات عمره الأخيرة. فبيكاسو في رأيي أعظم رسام في القرن الماضي.هي أسماء كبيرة، لكنها غير معروفة عند الناس. أحب أيضاً محاورة باربرا سترايسند، التي أعتبرها الصوت الأهم في العالم. وهناك عدد من الممثلين أيضاً أحب إجراء حوارات معهم مثل ميريل ستريب، وهي أعظم ممثلة عرفها التاريخ وتقمصت الشخصيات التي لعبتها بإتقان وذابت فيها. هذه الإنسانة أشعر بأنها حقيقية وبعيدة كل البعد عن النجومية بقشورها وشكلها الخارجي، فهي نجحت في حياتها العائلية، وأوجدت توازناً وبقيت مع الرجل نفسه طوال حياتها. وأعتقد أنها تشكل النموذج للإنسان الذي أحب محاورته.• ما عدد الشخصيات التي حاورتَها. هل أحصيتها؟- لا. هم كثر جداً.• من الملاحظ أن الطابع الذكوري غلب عليها، حيث فاق عدد الرجال السيدات. هل تعتبر أن مستقبل المرأة واعد؟- لم أفكّر مرة بالتمييز الجنسي بين ضيوفي. في الفترة الأولى في برنامج الـ «Talk Show» في منتصف التسيعينات كان التركيز على السيدات في برنامج «مرايا» ثم كان التركيز على الرجال، ثم خليط من الرجال والنساء. في الآونة الأخيرة أركّز على قصص النجاح، وبالإجمال لأن المجتمعات ذكورية، فإن الرجال عصاميون، فيما النساء كنّ وريثات إما رجال أو آباء، حملن المشعل من آبائهن أو أزواجهن.• لم يأتين من الفراغ؟- لا، فلطالما غطتهن عباءة، احتمين بها ومنحتهن الدفء. في حين أنه نادراً ما تسمعين عن امرأة كانت تسير وحذاؤها مثقوب واستمرت في النوم لوقت طويل في كشك الهاتف. لذلك، عندما ركزت على قصص النجاح الملفتة والعصامية والتي بدأت من الصفر، كان من الطبيعي أن يفوق عدد الرجال عدد النساء.• هل ترى أن المستقبل سيكون واعداً بمضاعفة عدد النساء الناجحات؟- ليس من المستبعد، فالنساء الرائدات حاضرات أصلاً وحاضرهنّ مضيء وهنّ في مراكز الصدارة في المجالات كافة. ولم يعد هناك من مجال حكر على الرجال أو من الممنوع على المرأة غزو هذا المجال أو ذاك. على العكس، باتت كل المجالات مفتوحة أمامها، لكن هذا العصر لم يعد كخمسينات وستينات القرن الماضي، فذاك الزمن كان حلواً لأن كل ما فيه جديد. أما اليوم في عصر السرعة، فلم يعد بالإمكان أن نحيا ما قاسوه في ذاك الوقت. الناس على سبيل المثال عاشوا وعملوا في الصحراء من دون تكييف، فالصعوبات لم تعد موجودة، لذلك من الصعب إيجاد نماذج تشبه هؤلاء الذين بدأوا وتميّزوا وبلغوا النجاح.• اشتهرتَ بنوع من البرامج الراقية ثقافياً وحتى المختلفة عن غيرها من البرامج الثقافية؟- كلمة ثقافة مخيفة، فالناس يظنون أنني أريد أن أجبرهم فقط على التهام الكتب والقراءة.• أقصد أنها تتوجه إلى نخبة المجتمع أو صفوته؛ هل تلمس الأصداء المتوخاة لجهة انتشار ومشاهدة هذه البرامج؟- أعلم أن برامجي ليست ما يُبحث عنه. القنوات التلفزيونية والجمهور يبحث عن السهل الممتنع والبرامج المبتذلة. لكنني متمسك بما أقوم به، وأعلم أن هناك فئة كبيرة من الناس تتابعني أينما كان في العالم.أنا لا أريد الحديث عن إحصائيات، ولكن عندما أرى هذا الواقع والتفاعل مع البرامج وعدما يصلني هذا الكمّ من الرسائل ـ تردنا منها آلاف يومياً ـ أقول في قرارة نفسي إن ما أقوم به جدير ويستحق القيام به. ولو أردتُ دخول مجال برامج المنوعات وبرامج الترفيه منذ زمن لكنت اليوم نجم الجماهير، أي الجمهور غير النخبوي. لكنني ما أردت ذلك منذ البداية، وقد ولجتُ عالماً يشبهني وإذا خرجت منه أشعر «بالبرد».• قبل الحديث عن مبادرة «تكريم»، وبعد هذا العدد الكبير من الضيوف الذين التقيتهم حول العالم، لا بد أنك بتّ اليوم تملك مفتاح النجاح أو أقله معاييره. هلا تطلعنا عليها؟- لا معايير محددة للنجاح. ولكل نجاح ظروفه ومقوّماته. هناك الحظ، الذي هو فرصة عليك استغلالها. ثانياً، النجاح هو العمل، العمل والعمل. الإنتاجية لا تكون إلا من خلال المثابرة والاجتهاد. لا يمكنكِ النجاح وأنت مستلقية أو مكتوفة اليدين. النجاح يتطلب العمل وأنا إنسان أعمل ومنتج (a workaholic)، عندما أكون في بيروت أحضر إلى مكتبي عند الثامنة صباحاً وأتركه عند الثامنة مساء، أما عندما أكون في الخارج فأتنقل في اجتماعاتي بين بلد وآخر وقارة وأخرى. أنا أعمل وأعرف أن ما أقوم به يحتاج إلى الجهد والتعب. المسألة ليست تقديم برنامج، بل أكثر من ذلك بكثير.لذلك، فإن معايير النجاح عديدة؛ هي العمل والرؤية التي تحدد بعد خمس أو عشر سنوات إلى أين ستصلين، فاللحظة من دون شك مهمة جداً، لكن لا بد من التخطيط. إذاً هناك الرؤية، الإنتاجية، العمل واستغلال الفرص.• العامل المادي لا يعد أساسياً؟- المادي يأتي لاحقاً، عندما بدأتُ بتحقيق المادي لم يكن ذلك في بداياتي، بل جاء بعد عشر سنوات من العمل وأكثر. ولو لم أملك الرؤية لما أنتجتُ المادي، فالكسب المادي ينتج عن الرؤية التي تملكينها. لو بقيت إلى اليوم أتعاقد مع محطة تلفزيون يدفعون على لقاءاتي لبقيت مقيّداً والتزمت بإطار معيّن. وكي أحلّق بجناحي أخذت مخاطرة كبيرة. لكنني إنسان جريء ومغامر وتجرأت، ولو لم أكن أملك ما يخولني الوصول إلى ما أنا عليه اليوم لما وصلتُ.• أنت عصامي؟- نعم، تجرأتُ. ربما عندما اعتقدتُ أن حجمي أكبر مما أنا عليه؛ ان حجمي الفعلي يشبه الصورة التي انطبعت لدى الناس. أنا بدأت في عمر باكر جداً، وفي السابعة والعشرين كنت حاورتُ كبار الأسماء. ولذلك، اعتبرتُ ربما أن صورتي أكبر من حجمي، وربما لو لم يكن عندي هذه السذاجة حينها لما غامرتُ.• تحديتَ نفسك؟- نعم... غامرتُ، ولاحقاً «وعيت» ووجدتُ نفسي أخيراً.• ما الفارق بين الحلم والتخطيط؟- هناك مَن يحلم وهو نائم، وآخر يحلم وهو مستيقظ. أنا كل أحلامي هي أحلام يقظة، ترادف الطموحات. وتالياً هي ليست صعبة المنال.• بالانتقال إلى مبادرة «تكريم»، كيف وُلدت الفكرة، وهل تجاربك في محاورة المشاهير أفضت إليها؟- «تكريم» هو خلاصة ما قمت به في التلفزيون. أنا حاورت شخصيات أضأت عبرها على قصص نجاح عدة ملفتة؟ لطالما كنت أقول لنفسي إن النجاحات التلفزيونية تأتي وتذهب، وتتبخر مع الوقت وأن الناس يتذكرون مقابلة معيّنة تنطبع في ذهنهم، لكن المضمون لا يستمرّ. ناهيك عن أن أجيالاً تأتي وأخرى تتوالى وأنت من واجبك التوجه إلى كل الأجيال. لذلك، شعرتُ بالحاجة إلى منبر في متناول الجميع، خصوصاً الجيل الشاب، لكن كان السؤال: أي نوع من المنابر؟ كلنا متفقون على أن في عالمنا العربي ما من رموز نتمسك بها ونستوحي منها. فإذا طرحنا السؤال على أي شاب في عالمنا العربي، في مصر، السودان، المغرب، لبنان، الكويت، من هو الرجل المثال؟ لا يعطونك اسماً، فما من أمثلة أمامهم، وهم يجيبون غالباَ باسم إما قائد سياسي، أو شخصية دينية، وعدا ذلك لا شيء.أريد أن أتيح للمشاهد وللشاب العربي أن يتعرف ويكتشف رموزاً بعيدة كل البعد عن الأضواء، أثارت تغييراً في مجتمعها وبلغت قمة النجاح ويجب أن نضيء عليها ونتيح بالتالي لهؤلاء الشباب فرصة التعرف عليها.• إذاً الهدف إعطاء الناجحين حقهم وإعطاء صورة ملهمة للشباب العربي؟- عربياً، وباتجاه الغرب أدعو في كل عام الصحافة الغربية إلى أن تكتب وتعطي صورة مغايرة لنا. فصورتنا سيئة جداً، تشير إلى أننا متطرفون، أصوليون، إرهابيون. هذه هي الصورة دون غيرها. في الأفلام الغربية يتم تجسيدنا حتى الآن على أننا نمتطي الجمال. في حين أن الخليج العربي سبق أهم الدول في العالم. لذلك، نريد إعطاء هذه الصورة الحضارية التي تشبه فعلاً الشعب العربي.• الشخصيات التي تكرّمها، لا تُعتبر من جيل الشباب، هل البيئة العربية لا تزال «ولادة» للمبدعين، وهل أنت متفائل بالجيل الصاعد؟- البيئة العربية، بيئة حاضنة.• المجتمعات العربية مشغولة بالاقتتال والتناحر حتى في البلد الواحد؟- لكن يقال أيضا إن هناك ربيعاً عربياً وأناساً يؤمنون بالتغيير. الثورات ليست كلها صحية، فهناك ثورات حالكة وقاتمة وأصولية تريد إعادتنا عقوداً من الزمن إلى الوراء. لكن في المقابل، هناك أناس يعانقون التغيير الإيجابي. عندما ترين هؤلاء لا بد أن تكون هناك فسحة أمل. أعتقد أن العرب، الشباب العربي الجديد، إذا أمّنت له الأنظمة السياسية الأرضية التي بإمكانه أن يكون من خلالها مبدعاً، وأن يعبّر فنياً وثقافياً، أدبياً وصحافياً، بإمكانه تحقيق المعجزات، لكن للأسف الأنظمة العربية في غالبيتها تريد تسطيح الناس وتخديرهم، فتلهيهم بقشور كي لا يعلموا ماذا يحصل حولهم. لذلك الإعلام العربي، الذي ينفق عليه مئات الملايين من الدولارات، ومحطات التلفزة بشكل خاص، يركز على الترفيه كي يتلهى الناس بالقشور فلا يعلمون بما يحدث من حولهم. لكن أعتقد أن هناك جيلاً ممتازاً والمستقبل له.• على سيرة الثورات العربية، لم تلحظ تخصيص «تكريم» جائزة للنشاط السياسي. لماذا؟- منذ سنتين عندما بدأت الثورات العربية، خصصنا جائزة للحراك العربي تحت اسم تعزيز السلام، وبعدها ألغينا هذه الجائزة.• لأنك لم تعد مؤمناً بأن الثورات العربية هي لتعزيز السلام؟- أعتبر أنه ما دام هناك الصراع العربي ـ الإسرائيلي لا سلام في العالم العربي، وما دمنا نعاني الصراع المذهبي والطائفي في العالم العربي فلا سلام في عالمنا العربي. لذلك ألغينا هذه الفكرة.• بين الشباب الذي يقود الثورات في بلاده، بشكل عام دون تخصيص، ألا يوجد شباب يستحق التكريم؟- أعتبر أن الثورات العربية بدأت كلها عفوية، ولكن كثراً «ركبوا الموجات»، والدول الكبرى تداخلت وتدخّلت وشحنت هذه الثورات بأجندة سياسية معينة، لذلك كل الثورات لم يكن لديها أي نوع من الخطة العقلانية والموضوعية، ثم دخلت التجاذبات السياسية وحولتها عن أهدافها التي كان لا بد أن تحققها.في تونس الشعب مثقف، يرون الفساد ولم يسكتوا عنه وعرفوا على ماذا يثورون، فيما الثورات في الدول الأخرى تأثرت بثورة الياسمين وبدأت في مصر ثم ليبيا وسورية. ولكن شتان بين ثورة الياسمين في تونس وبين الثورة في سورية، كل بلد الثورة فيه تختلف، فهناك تجاذبات وأموال هائلة وطائلة تُنفق حوّرت أهداف الثورة ولم يعد للشباب رأي في التغيير، لذلك من الملاحظ أن هذه الثورات لم تفرز أي قادة شباب جدد. وما زلنا نتحدث عن الوجوه نفسها أينما كان.• ما معايير اختيار الشخصيات؟- وضعناها بالشراكة مع مؤسسة بوز أند كو. وقد صقلت هذه المعايير وتطوّرت، إلى أن وصلنا إلى المعايير الحقيقية. وكل فئة تختلف عن أخرى، وذكرتِ أن معظم الذين تم تكريمهم ينتمون إلى فئة عمرية معينة. ربما نعم، لكن هناك فئتين غيرها للشباب لعمر معيّن. علماً أن تحقيق إنجاز ثقافي يتطلّب، إلا في ظروف استثنائية، عمراً وتراكماً. كذلك الفوز بقيادة شابة لشركة، فنادراً ما يكون المرء في عمر الخامسة والعشرين وينجح في إدارة شركة تضم آلاف الموظفين.• في كل عام تقام «تكريم» في بلد. ما الهدف من ذلك؟- هدفنا منذ البداية أن نصل إلى أكبر فئة ممكنة من الناس. أن «نغزو» العالم العربي، وأن يعرف العرب أينما كان عن «تكريم» وأن يتفاعلوا معها ويتابعوا نشاطها كي نصل إلى مبتغانا ونتمكن من التأثير. وأعتقد أن كون مقرّ الجائزة في بيروت فلا أريد أن يقال إن هذه المبادرة لبنانية أو مشرقية، بل أن يقولوا إنّها عربية تهمّ المشرقيين والخليجيين والمغاربة. من هنا قررتُ إقامة المهرجان - الذي هو الحدَث الذي نقطف من خلاله ما زرعناه طوال السنة - كل عام في مدينة مختلفة.في هذا العام أقمنا المهرجان في باريس، التي رغم أنها ليست مدينة عربيّة، إلا أنها تشكل جسر تواصل بين مختلف الجنسيات والثقافات والحضارات. وباريس هي على مقربة من المغرب والجزائر وتونس، وكذلك المشرق العربي. وقد حظيتْ المبادرة لهذا العام بالدعم الفعّال لجهات لها اسمها.• غالباً ما تطول الجوائز التكريمية إشاعات حول نزاهتها، ماذا تقول عن جدية «تكريم» وكيف تدحض أيّ مزاعم عن أنها غير شفافة؟- لا أحبّ الدخول في هذه المتاهات. «تكريم» مبادرة نأمل أن توضع يوماً ما على خريطة المبادرات الكبيرة كجائزة نوبل، الملك فيصل، جائزة سلطان عويس. وهي كذلك عربياً. فـ «تكريم» تتضمن فئات لا تحتاج إلى مَن «يشتريها»، فهي فقط للثقافة. فأستاذ الجامعة على سبيل المثال لا يهمّه أن يشتري جائزة. الجائزات التجارية تكون دائماً متعلقة بالشركات والمصارف، فيما نحن بعيدون كل البعد عن هذا.من ناحية أخرى، القوانين والمعايير المتبعة لاختيار الفائزين تحدد كيفية اختيار المرشحين وإجراء التصفيات النهائية، وكيف تقوم اللجنة الحاكمة بعملها، وَمن هم أصلاً اللجنة الحاكمة وكيف تقرر مَن هو الفائز وتوقّع على النتائج، وبعد التوقيع يأتي الشمع الأحمر. فأنا لا أكون في منزلي أتناول وزوجتي الطعام ونقرر فوز هذا السيد أو تلك السيدة. أنا أشارك في الاجتماع كمتفرج إذا طُلب مني الحضور، لكن لا يحق لي إبداء رأيي ولا صوت محتسباً لي. بإمكان أي كان الدخول إلى موقع «تكريم» والاطلاع كيف يتم الاختيار وإلى أي درجة نتمتع بالصدقية.• ستبقى «تكريم» عربية محصورة بالمتفوقين العرب أم يمكن ان تمنح لاحقاً جوائز فخرية ربما لشخصيات أجنبية؟- صحيح، وهذا ما حصل سابقاً. فالعام الماضي تم تكريم الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر ومنحناه جائزة «إنجازات العمر»، خصوصاً على ما قام به من أجل القضية الفلسطينية والصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. وقد تمنح هذه الجائزة لشخصيات غير عربية، لأنها جائزة خارجة عن سلطة اللجنة الحاكمة. فداخلياً نحن مع أعضاء المجلس الفخري نقرر لمن نمنح هذه الجائزة.• بعد نحو عشرين أو ثلاثين عاماَ، أين يجد ريكاردو كرم نفسه؟- بعد عشرين عاماً، سأكون بالتأكيد أعمل. وبعد ثلاثين عاماً سأكون حينها أكتب مذكراتي التي تتسم بمعلومات دسمة جداً، نظراً إلى كل ما رأيته في حياتي وكل ما سأراه. فأنا أدوّن ما أراه كي لا أنسى، وأملك مخزوناً كبيراً في ذاكرتي، وإذا نشرت كتاباً من هذا النوع الآن سيقاطعني الجميع ويمتنعون عن مكالمتي، لذا أفضّل الوصول إلى عمر معيّن لأنجز هذا الأمر.• كلمة أخيرة؟- أحب أن يتواصل القراء عبر موقعنا (takreem.net)، وسيعرفون أكثر عن هذه المبادرة، لاسيما القراء الكويتيون، فالكويت هي خزان المتميزين وأتمنى أن تكون لها حصة أكبر ووجود أكبر في «تكريم» في السنوات المقبلة. وحتى على صعيد الحوارات أتمنى محاورة عدد من الشخصيات الكويتية.
فنون - مشاهير
حوار / «الثورة تختلف بين بلد عربي وآخر... وشتّان بين الثورتين التونسية والسورية»
ريكاردو كرم لـ «الراي»: غالبية من حاورتُهم يتمتّعون ببريق لا يستحقونه
12:23 م