غداة التطور الاول من نوعه منذ بداية الازمة السورية كما منذ انتهاء الحرب اللبنانية اوائل التسعينات من القرن الماضي والذي تمثل في اطلاق الجيش اللبناني نيران مضاداته الارضية على مروحيات سورية قصفت اطراف بلدة عرسال، اتصل رئيس الجمهورية ميشال سليمان امس بوزير الدفاع في حكومة تصريف الاعمال فايز غصن وقائد الجيش العماد جان قهوجي واطلع منهما على تفاصيل ما حصل، وطلب من قيادة الجيش «مواصلة الجهد لضبط الاوضاع على الحدود وفق ما تقتضيه القوانين والتعليمات المرعية والسياسة العامة للدولة».وكان تصدّي الجيش اللبناني للطيران المروحي السوري، حظي بغطاء من وزير الدفاع الذي اعلن في حديث تلفزيوني ان «الجيش ومنذ اندلاع الاحداث في سورية في جهوزية كاملة للرد على ما يمكن ان يؤثر على تركيبة البلد»، مشدداً على ان «الجيش لكل لبنان»، وموضحاً ان «لدى الجيش أوامر كافية وصريحة من السلطة السياسية بالرد على اي اعتداء داخل الاراضي اللبنانية، وما حدث من رد للجيش على القاء مروحية سورية صواريخ على خربة داود في عرسال يدخل في هذا الاطار».الا ان وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عدنان منصور كان له رأي مغاير، اذ اعلن انّ «الطيران السوري طيران شقيق وليس معادياً، ويجب ان نعرف حقيقة ما حصل»، وقال: «ننتظر ان تُطلعنا قيادة الجيش على التفاصيل والمعلومات المتوافرة كي نستطيع التعاطي مع هذه المسألة انطلاقاً من إطار الإتفاقات الأمنية الموقّعة بين دولتين شقيقتين، بعيداً عن المزايدات السياسية. فالأمر يستدعي حفظ أمن البلدين معاً من خلال الاتفاقات الموقّعة، إذ لا يجوز ان تكون ارض لبنان مهدّدة من سورية ولا أرض سورية مهدّدة من لبنان. كذلك انطلاقاً من علاقات الأخوّة التاريخية التي تربط بين البلدين بعيداً من التشنّجات والمزايدات والحسابات الضيقة وبعيداً من الأحقاد والاتّهامات».وعلى وقع ربط اوساط سياسية سلوك الجيش اللبناني غير المسبوق حيال الخرق الجوي السوري بموضوع المساعدة السعودية للجيش البالغة ثلاثة مليارات دولار، كان لافتاً اعلان وزير الدفاع في حكومة تصريف الاعمال «اننا نقبل أي مساعدة او هبة تقدم للجيش شرط ألا تكون مشروطة والجيش يرحب باي هبة قد تصله». واشار الى انه «تم سابقا رفض هبات كانت مشروطة ونحن كخط سياسي (هو من فريق النائب سليمان فرنجية) قد تكون لدينا مخاوف ونخشى ان تكون الهبة داخلة ضمن بازار الانقسام في البلد».وكان بارزاً تمايُز الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط عن فريق 8 آذار في مقاربة الهبة السعودية، اذ نوّه «بالخطوة الهامة التي تحققت من خلال التعاون السعودي- الفرنسي لدعم وتعزيز قدرات الجيش اللبناني»، معتبراً أنها «لفتة كريمة ومشكورة جاءت في الوقت المناسب لمواكبة المؤسسة العسكرية التي تؤدي مهامها في ظروف بالغة التعقيد والصعوبة بسبب تنامي ا?نقسامات السياسية وغياب ا?حتضان الوطني المطلوب لمواجهة التحديات ا?قليمية والداخلية الراهنة»، وداعياً «كل مكونات المجتمع السياسي اللبناني لتلقف هذه المبادرة بإيجابية ? سيما أنها تصب في مصلحة مشروع الدولة التي تبقى المرجعية الوحيدة لجميع اللبنانيين».وفي موازاة ذلك، ووسط تقديرات بان الهبة السعودية ستُستتبع بمساعدة خليجية قد تناهز قيمتها ما قدّمته الرياض، اشارت تقارير الى ان الخطوة السعودية مرتبطة مباشرة بالعرض اللبناني الذي سبق ان قدمه الوفد العسكري الذي زار باريس من ضمن خطة طويلة الامد كانت اعدتها القيادة واشرف عليها سليمان لتطوير وتعزيز وتقوية قدرات المؤسسة العسكرية والبالغة كلفتها 5 مليارات دولار. وفي ضوء ما تمخض عن مؤتمر مجموعة الدعم الدولية للبنان في نيويورك في سبتمبر الماضي، قررت المملكة المساهمة في الجزء الاكبر من هذه الكلفة بمبلغ 3 مليارات دولار اميركي تأكيداً على سياستها الداعمة للدولة اللبنانية ومؤسساتها. وشددت على ان المساعدة السعودية تهدف في شكل اساسي الى تزويد الجيش بسلاح نوعي بري وبحري وجوي يمكنه من القيام بالدور المنوط به على اكمل وجه.وبحسب هذه التقارير فان الخطة الانفة الذكر عرضت على مجلس الوزراء بعد وضعها في صيغتها النهائية فوافق عليها مع هبات قدمت سابقاً انذاك وبلغت قيمتها ملياراً و600 مليون دولار بهدف بدء تنفيذ الخطة، لافتة الى انه «بالمليارات الثلاثة المقدمة من السعودية يصبح مجموع ما قدم لمساعدة الجيش حتى الساعة 4.6 مليارات دولار يتوقع ان يضاف اليها مبلغ كبير يوفره مؤتمر دعم الجيش المنوي عقده في ايطاليا في شهر مارس المقبل حيث ستقدم الدول المانحة مساعدات كبيرة كانت وعدت بها في مؤتمر نيويورك».
خارجيات
جنبلاط: تصبّ في مصلحة مشروع الدولة
الهبة السعودية للجيش اللبناني استجابة لاحتياجات نوعيّة
12:25 م