ضيفنا اليوم اسفنديار مصطفى، يحدثنا عن عمله في أول مشروع لبيوت الدخل المحدود، في الشامية، ثم يأخذنا بالحديث عن عمله ككهربائي للسيارات، حيث تعلم تلك المهنة على يد أحد أبناء جلدته، ثم افتتح محلاً في قرية الدمنة التي أصبحت بعد ذلك السالمية، فلنترك له الحديث:نحن قريبون من بوشهر في بلد يقال لها برزان ولم تكن الكويت غريبة عنا فوالدي كان تاجراً يتردد على الكويت في الثلاثينات والاربعينات دائما يأخذ منها مواد تموينية وبعض السلع ثم استقر في بلدنا واثناء ذلك انا كنت في المدرسة ووالدي في محله الذي كان نشاطه بيع الأقمشة لكن اثناء تردد الوالد على الكويت لم يتسن لي المجيء معه فارتباطي في المدرسة منعني من ذلك بعد اتمامي شهادة المتوسطة عزمت امري ان أتاني للكويت والوسيلة المتوافرة عندنا هي البحر وطبعاً دخولنا من ذلك الوقت عن طريق اصحاب اللنجات يأتون بنا بلا فيزا حيث يضعوننا بالقرب من النقعة ثم يذهبون وقد اخذ منا الطريق أربعة أيام بعد وصولي وكان في العام 1952 ذهبت الى خالي حيث كان يعمل في شركة النفط في الاحمدي كان أول عمل أباشره هو البنيان مع شركة كانت تتولى بناء بيوت في دسمان وجميع العمال كانوا ايرانيين ويومية صرف لي مقدارها 7روبيات والسور كان متواجداً يحيط جميع الكويت بعد فترة سافرت وعدت وعملت في كراج بهبهاني مساعد ميكانيكي.ولم أكن اعرف هذه المهنة لكن في الممارسة تعلمتها والسيارات التي كنا نقوم بتصليحها غالباً «فولكس» وفي قسم تابع للكراج لتصليح «ديسيتو دوج»... وهاتان السيارتان كان وكيلهما البهبهاني وبعض الاوقات يصرف لنا «أوفرتايم» واذكر ان الحاج يوسف بهبهاني كان احياناً يمر علينا في الكراج وهو كان بمثابة والد للجميع يعامل العمال كأنهم ابناؤه وقد قضيت مدة سنتين في كراج البهبهاني.البركةكانت البركة محلها في الشرق وهي لتجميع المياه ومقر اخذ المهارة منها فالبعض كان ينقل الماء على حمير والبعض الاخر على عربانات والحصن قليلة فيأخذون الماء من البركة ثم يوزعونه على البيوت... اما الفرضة التي على السيف فهي مرسى للخشب واللنجات التي تأتي بالبضائع من العراق وايران وغيرهما من الدول الخضرة والفواكه والمواد التموينية وسيلة النقل اكثرها عربانات تجرها الحصن.الشاميةمطر الذي جاءنا سنة 1954 اثر على الناس وقامت الحكومة ببناء بيوت في الشامية وانا عملت بها وكان السور موجوداً كنا نخرج من دروازة الشامية الى مقر عملنا في الشامية وهذه هي اول بيوت حكومية تنشئها للمواطنين والشركة التي قامت في بنائها هي شركة دخيل الجسار هو الذي اخذ المشروع اما العمالة فهي لمقاول ايراني وهي مجموعة كبيرة من العمال ونظراً لحجم المشروع وفروا لنا سكنا بالقرب منه فسكنت مع العمال في الشامية.. اما يومتي فكانت 7 روبيات وعملي كان كاتباً في هذا المشروع حيث اوكل إليّ تقييد كروت العمال وتسجيل اسمائهم في التحاقهم في العمل وانصرافهم منه من الصباح الباكر حتى الرابعة مساء وكان صاحب المشروع موفراً جميع سبل المعيشة للعمال حتى يتم انجازه في اسرع وقت فالسكن والماء ومواد التموين حتى الخباز كان متوافراً في المشروع وكانت البيوت التي تم بناؤها من دورين وقد اخذ مشروع عاماً كاملاً وهي بيوت «دخل محدود».الكهرباءسنة 1956 تحولت للعمل مع حجي نصير في منطقة شرق حيث كان عنده محل لتصليح كهرباء السيارات فالخبرة التي اكتسبتها من عملي في كراج البهبهاني أهلتني لذلك لكن خبرتي كانت تقتصر على الميكانيكا فقط اما مجال الكهرباء فتعلمته من حجي نصير في محله في شرق وهو له ثلاثة محالات واحد في شرق بالقرب من دوار البركة وداخل شارع الجهراء وآخر في السالمية التي كنا نطلق عليها الدمنة ولم يكن في السالمية إلا ثلاث محلات فقط لتصليح السيارات محل نصير ودهله يملكه شخص فلسطيني وهناك محل ثالث وهو أول محل لشخص يدعى أبوجمال الطرابلسي هذه المحلات التي في قرية الدمنة التي اطلق عليها لاحقاً السالمية.حجي نصير كان يعمل عنده عمال أرمن ثم ارسلت أنا بدل منهم وجئت سنة 1958 الى الدمنة واذكر كذلك كنا نذهب المشي على الاقدام من حولي إليها وكان هناك سد لتجميع مياه الامطار والناس تروي من هذا السد وهو سد الشعب ومحل سد كانت تحفر قلبان انا كنت اذهب لمعامل الطابوق التي في ميدان حولي.. والطريق من الكويت والسالمية هو طريق واحد ويقف عند دوار السلام الذي بني بجوار عمارة السلام.الدمنةكان هناك سوق صغير في قرية الدمنة وبعض كراجات وبيوت الاهالي من طين لكن بعد المقبرة تكثر العشيش وهي الاكثر والمحل الذي اخذته كان ملك حسين الحوال ولاتزال العلاقة مستمرة مع ابنائه الى اليوم وجميع الزبائن من البدو وانا مشهور عندهم بكنيتي ابو علي والسيارات التي كنا نقوم بتصليحها اكثرها من الموديل الانكليزي والاميركي أما الالماني والياباني فهو قليل ومن الموديلات.التي اذكرها «فوكسول ويلمن وموريس وبنفر» وتصليح السيارات في تلك الايام ليس به تعقيد حيث لا يوجد كمبيوتر كنا نصلح السلف والدينمو وكنت اقوم بفك السلف السيارة بعشر روبيات وهو أجر يدي اما قطع الغيار على حساب الزبون.التصليحكنا نصلح الانارة التي في السيارة والضفيرة ونستبدلها وكل ما تحتاج السيارة من اعمال الكهرباء نقوم بها... افتح محلي في الصباح الباكر واغلق الساعة الثامنة.الأمن العامكان امام مقر الامن العام يوجد موقف سيارات الاجرة وهو ما يطق عليه «السرى» وكل منطقة لها سراها السالمية لها طريق وسيارات أجرة تذهب اليها وكذلك حولي ايضا لها سيارات وخيطان وجليب الشيوخ والاحمدي والفحيحيل والجهراء... كذلك كانت بجواره محلات قطع غيار السيارات والكراجات فأنا اذا احتجت قطع غيار اذهب الى هذه المحلات متنقلاً سيارات الاجرة التي طريقها السالمية والكويت وهو طريق واحد ينتهي عند دوار السلام.الجهراءتطور الامر عندي وتوسع بعدما اخذت المحل من حجي نصير حيث ترك لي المحل وسافر فلما زاد نشاطي افتتحت محلاً اخر لي في الجهراء فالدكاكين في تلك الايام هي تستقطع من البيوت العربية حيث قوم صاحب الملك بأخذ جزء من بيته مقابل الشارع الرئيسي ويؤجره لأي نشاط كانت الامور سهلة ليس بها تعقيد فأنا استخرجت رخصة باسمي كان بالاول يسمح لنا بذلك لقد استمرت الرخصة باسمي الى غاية 2003. وانا اسمي صعب فقام زبائني باطلاق اسم حسن عليّ ثم تحول الى بوعلي فلا اعرف إلا به منذ اكثر من 50 عاما والناس تسميني بوعلي.المدةقضيت في محلي الذي اسميته اسيا من سنة 1958 الى غاية 1989 مدة طويلة ثم انتقلت الى موقع اخر فهو كان محلاً تابعاً للقصر كنا ندفع لهم ايجاراً ثم ثمن... أجيال مرت عليّ زبائن كانوا شباباً واليوم كباراً في السن وانا اليوم لا اعمل بل عندي عمال.واذكر من زبائني بوراشد احمد الأذينة يأيتني ومختار السالمية حزام الأذينة وكذلك عضو مجلس الأمة مرضي الأذينة وكثير من اهل السالمية الآباء ثم الأبناء يأتون اليّ.الاستقلاليوم الاستقلال سنة 1961 كان هناك احتفال كبير وشاركت به واخذت اولادي وكانوا صغاراً فأنا تزوجت سنة 1955 وأولادي بعضهم ولدوا في الكويت في الكويت فعندي ولدان وثلاث بنات منهم من درس في مدارس الحكومة وكانت الدولة توفر لهم ملابس وكتباً اثنان منهم في الحكومة اما الباقي في مدارس خاصة بعد ما جاء المنع.المعاملةمعاملة الناس من الماضي حينما كنا نقوم بتصيلح سياراتهم كانت جداً راقية يوجد الاحترام والامانة ممكن الزبون غير متوافر عنده المبلغ المطلوب منه يذهب وبعد توافره عنده يأتي ويسدد ما عليه واذا ذهبت معهم الى مكان عطل سياراتهم كأني ذاهب الى بيوتهم اجد الاحترام والتقدير والتكريم... هناك زبائن من يوم دخلت الدمنة وعلاقتي معهم مستمرة وأبناؤهم واحفادهم يأتون اليّ، اجيال متلاحقة مرت علي وأنا في السالمية... كان الحاج عبدالله الحمد رحمه الله يأتي دائما ويجلس على كرسي عندي في محل وبيته كان مقابل البحر.آسياحين بدأت اعمل في محلي الذي هو ثالث محل في السالمية لتصليح كهرباء السيارات كان اسمه ريان ثم اسميته اسيا وهو في سوق السالمية القديمة ثم جاء امر بترحيل عشيش السالمية إلى وراء موقع جمعية السالمية اليوم.. وبعد ما جاء سوق راشد وهو اول سوق في السالمية توسعت الأمور وهو سوق كبير بين الاسواق المتوافرة في تلك الايام.الرخصةانا تعلمت قيادة السيارة بنفسي فأول سيارة اشتريتها كانت فولكس وكنت اقودها في وقت الفراغ امام المحل وكان لي صديق يعمل في المرور وحينما قدمت لرخصة القيادة قام صديقي بترسيبي في الاختبار فهو قانوني وقدمت مرة اخرى وقام صديقي بترسيبي مرة اخرى اما الثالثة فقدمت عند غيره ونجحت.الأجرةكنا ندفع لسيارة الاجرة نصف روبية حينما نذهب من الكويت الى السالمية وداخل شرق كنا نرفع أربع أنات عندما نذهب الى الأمن العام أو الى أي مكان داخل الكويت التي حولها السور ثم اخذنا نترك كلمة الدمنة ونقول السالمية... وقليل جدا ان نرى امرأة تقود السيارة في تلك الايام الطريق من الكويت الى رأس السالمية معبدا هو طريق واحد وطريق الفحيحيل طريق واحد.البحركنا حينما يصبح الجو حارا في الصيف نخرج من البيت ونذهب الى البحر وننام بالقرب منه حتى نخفف حرارة الجو علينا فليست هناك كهرباء متوافرة في السالمية ولا أجهزة تكييف، فالبحر هو ملاذنا.
متفرقات
«عملت مساعد ميكانيكي في كراج البهباني سنة 1956 و كان الراتب 250 روبية»
اسفنديار مصطفى: كنت ضمن العمال الذين باشروا بناء بيوت الشامية سنة 1954
10:59 ص