ما سرّ «نبْش» ملف طوته لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وحسمت علامات الاستفهام حوله، ومعاودة تظهيره بعد نحو ثلاث سنوات على تسريبه الى محطة «سي.بي.سي» الكندية (ضمن تقرير عن طريقة التوصل الى تورط «حزب الله» بالجريمة) وهذه المرة عبر تلفزيون لبناني («الجديد») ومع سقوط «القناع» عن المحقق الذي يقف وراء التسريب والذي ظهر في الـ2013 بالصوت والصورة راسماً مجدداً علامة شبهة حول دور لرئيس فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي اللواء وسام الحسن الذي اغتيل في 19 اكتوبر 2012، في جريمة 14 فبراير 2005؟هذا السؤال دهم بيروت التي وجدت نفسها فجأة وقبل شهر و35 يوماً من موعد بدء المحاكمات الغيابية لأربعة متهَمين من «حزب الله» (وخامس ينضم الى المحاكمة لاحقاً) امام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في هولندا، في قلب مشهد قديم - جديد وصفه زعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بانه «فصل هستيري جديد من الحملة على المحكمة الدولية» جازماً بأن «قطار المحاكمات غادر المحطة ورمي القمامة على سكته لن ينفع في وقفه»، وواعداً مَن يقف وراء «هذه الترهات» بان «اللقاء مع العدالة والحقيقة بات قريباً جداً، وإلى اللقاء على رصيف المحطة المقبلة في 16 يناير 2014».والواقع ان ظهور المحقق السويدي بو أستروم، الذي كان من عداد فريق الرئيس الاول للجنة التحقيق الدولية الالماني ديتليف ميليس في حوار «سين - جيم» عبر شاشة «الجديد»، طرح أسئلة في بيروت عن توقيت إثارة موضوع تغيُّب اللواء الحسن، الذي كان رئيس جهاز الأمن المولج حماية الرئيس رفيق الحريري، عن موكب الأخير يوم التفجير عند الواجهة البحرية لبيروت، علماً ان التحقيق الدولي كان حصل على كامل الأجوبة الحاسمة حول هذه النقطة وطوى القضية.وتمحورت إطلالة أستروم حول التحقيق في جريمة الحريري حول نقاط عدة ابرزها:* انه كان يفترض أن يكون الحسن في موكب الحريري «الا انه في اللحظة الأخيرة أبلغ الشخص الذي حل مكانه مباشرة قبل انطلاق الموكب بسلوك طريق مينا الحصن»، لافتاً الى «ان اللواء الشهيد كان هو الذي يحدد مسار الموكب والوحيد الذي يعرف هذا المسار»، مضيفاً: «الحسن قال إنه ذهب إلى الجامعة لإجراء امتحان وأنه عرف بأمر الاغتيال في وقت متأخر لأن هاتفه كان مغلقاً. لكننا لم نستطع أن نبرهن أنه كان حقا في الجامعة، ولم يكن هاتفه مغلقاً. ولم يحصل يوما ان تخلى عن مهمته الأمنية في اللحظة الأخيرة، وكانت تلك المرة الوحيدة التي ترك فيها الموكب. يا لها من مصادفة».* عدم إسقاطه الاتهام عن النظام السوري بالوقوف وراء اغتيال الحريري، بل اعتباره ان «سورية هي العقل المدبّر» للجريمة» معتبراً ان «حزب الله كان مجرد أداة بيد جهة أخرى تربطه بها علاقات متينة»، ومعرباً عن اعتقاده ان «أفراد حزب الله متورطون في التحضير والتخطيط بناء على فرضياتي».* عودته الى نظرية ان اغتيال الحريري لم يحصل بتفجير انتحاري نفذه شخص كان يقود سيارة الميتسوبيشي البيضاء المحملة بنحو 2 طن من المتفجرات، بل ان الانفجار حصل تحت الارض (علماً ان التحقيق جزم بالتفجير الانتحاري وحدّد حتى البيئة التي نشأ فيها الانتحاري وأصوله)، راسماً من جديد علامات استفهام حول سلوك قادة الاجهزة الامنية في لبنان ابان الجريمة «فالاهمال وعدم التحرك يثيران الدهشة والذهول».وفي موازاة كلام أستروم، سارع متابعون لملف المحكمة الدولية عن كثب من قوى 14 آذار الى اتهام المحقق السابق بانه «مدفوع من حزب الله للإدلاء بأقواله التي كانت دحضتها لجنة التحقيق بالأدلة والوثائق»، وبان الحزب الذي «سبق ان أنشأ لجنة للإستحصال على مستندات تفيدهم في ضرب صدقية التحقيق والمحكمة»، يمارس سياسة «نبْش القبور لطمْر المحكمة».وذهب قريبون من 14 آذار الى حد اعتبار «ان إعادة الإتهام الى أصله السوري، في هذا التوقيت، يدخل جريمة اغتيال الحريري في الصفقة الدولية، على اعتبار أن بشار الأسد المتورط دوليا بقتل شعبه، وفق الأمم المتحدة، لن يضيره أن يحمل ملف الحريري أيضا».وفي موازاة ذلك، اعلن سعد الحريري ان «من المستغرب، بل من المقزز أن يصل الهذيان الاعلامي والسياسي إلى محاولة اتهام شهيد بالضلوع في اغتيال شهيد». وقال: «الاتهامات التي سيقت سبق وأن حققت فيها لجنة التحقيق الدولية مرة ثانية بمناسبة تقرير قناة سي بي سي الكندية. وقد حسمت لجنة التحقيق الدولية في حينه، وللمرة الثانية أن اللواء الحسن لم يكن في عداد موكب الرئيس الحريري لدى استهدافه لأسباب واضحة وشفافة وثابتة». واضاف: «إذا كان الهدف من تكرار الترهات نفسها، هو زرع الشك في نفوس اللبنانيين، ومن بينهم عائلة الرئيس الشهيد، فإنها مناسبة لنؤكد مجددا أننا نعتبر اللواء الحسن واحدا من عائلتنا وهو شهيدنا بقدر ما هو الرئيس الحريري»، مذكراً بـ «دوره الرائد في مساعدة التحقيق الدولي والمحكمة الدولية، وبدمائه الزكية التي أريقت على يد الإرهاب المجرم نفسه».كما ردّ المدير العام السابق لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي على تقرير «الجديد»، معتبراً انه «يهدف إلى تحريف الوقائع وتشويهها ومحاولة استباق المحاكمة، بجملة من الفرضيات الخاطئة الهدف منها الوصول الى استنتاج وحيد، وهو أن اللواء الشهيد وسام الحسن متهم باغتيال الرئيس رفيق الحريري».