«تنافست» رمزيتان بارزتان على استقطاب الاهتمام السياسي في بيروت وسط سباق أسئلة عن دلالتهما وايّ منهما هي الأكثر تعبيراً عن المرحلة الجديدة في التموْضع السياسي لرئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط الذي تعوّد القيام بعمليات «إعادة انتشار» تحاكي التحولات على «رقعة الشطرنج» الاقليمية - الدولية.هي صورة لـ «البيك» يصافح السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي خلال تقديمه شخصياً واجب العزاء بمجد فؤاد الحاج حسن، ابن شقيق وزير «حزب الله» في حكومة تصريف الاعمال حسين الحاج حسن.وحملت هذه الصورة بُعدين بالغيْ الدلالات تقاطعا في هذه المحطة التي جاءت على وقع تأزُّم كبير في العلاقات بين جنبلاط وتيار «المستقبل» (بقيادة الرئيس سعد الحريري) ومجمل فريق 14 آذار، وهما ان جنبلاط، الذي ظهر في الصورة مبللاً بالمياه نتيجة المطر، تعمّد الحضور شخصياً للتعزية، وانه مدّ يده، للمرة الاولى منذ ان قطع علاقته بالنظام السوري على خلفية دعمه للثورة السورية، الى ممثل هذا النظام في بيروت.وسارعت اوساط سياسية الى وضع هذين البُعدين في سياق «جرعة اضافية» من «الواقعية» في مقاربة الوضع السوري التي بدأ جنبلاط يعتمدها خصوصاً بعد التفاهم الاميركي - الروسي حول «الكيماوي» والتي ذهبت «ضحيتها» صيغة حكومة الثلاث ثمانيات (بين 8 و 14 آذار والوسطيين) لمصلحة تبنيه طرح صيغة 9-9-6 التي استعاد معها ميْله الى قوى 8 آذار، قبل ان يدفع الاتفاق بين طهران والمجتمع الدولي حول النووي الايراني بهذا السياسي اللبناني المحنّك والذي يتقن قراءة التحولات واستشراف آفاقها الى المزيد من الابتعاد عن الثورة السورية، بعد فترة قصيرة على وصفه الرئيس السوري بشار الاسد بانه «سفاح وهولاكو القرن الواحد العشرين».واذا كانت مصافحة رئيس «التقدمي» للسفير السوري وُضعت في سياق «الصدفة الاجتماعية» ورفضت اوساط جنبلاط تحميلها أبعاداً سياسية مؤكدة استمرار القطيعة مع نظام الاسد، فان دوائر مراقبة وجدت صعوبة في عزل المشهد الذي ارتسم خلال التعزية عن المقاربة الجديدة التي يقوم بها الزعيم الدرزي لمجمل الوضع في لبنان وسورية والمنطقة، وهو الذي كان أطلق قبل ساعات من زيارة التعزية موقفا بارزاً في تصريح صحافي تمسّك فيه بموقف دعم الثورة ولكن هذه المرة فاصلاً بين «التمني» والواقعية وناسفاً مقولة ان «لا بديل للحل في سورية من رحيل بشار الاسد» لتحل محلها معادلة «ما البديل عن الأسد؟» ذلك ان جنبلاط قال حرفياً: «أنا أتمنى سقوط النظام، لكن مَن يكون البديل؟».والمفارقة «المكرّرة» بحسب الدوائر السياسية نفسها ان رئيس «التقدمي» وهو يقترب من «حزب الله» وفريق 8 آذار الذي كان ابتعد عنه لمصلحة التقرب من 14 آذار في عز «وهج» الثورة السورية، يعتمد استراتيجية «إطلاق النار يميناً وهو ينعطف يساراً»، ملاحِظةً انه يصوّب هذه المرة على «المستقبل»، ومذكرة بانه بعدما ردّ جنبلاط قبل ايام ضمناً على الحريري رافضاً ربط تفجير السفارة الايرانية بمشاركة «حزب الله» بالقتال في سورية، اندفع اكثر في مهاجمة «المستقبل» في حديثه الصحافي الذي نُشر اول من امس اذ اعلن «ان لعبة الامم أدخلت نواة وحش الى لبنان هم التكفيريون».وقوبلت مواقف جنبلاط بردّ من مصدر قيادي في «تيار المستقبل» قال فيه: «يستطيع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي أن يستخدم أي وسيلة يريدها لتنفيذ الانعطافة التي يريدها حتى ولو وصلت الى حدود تقديم أوراق اعتماده من جديد للنظام السوري، ويستطيع أن يفتش السيد جنبلاط عن أي تبرير يشاء لطمأنة حزب الله بما في ذلك الدعوة الى نسيان مشاركة الحزب في الحرب السورية، ولكن ليس من المقبول منه بعد اليوم، أن يجعل من تيار المستقبل هدفاً للقنص السياسي».اضاف: «تجنب تيار المستقبل في كل مراحل العلاقة مع السيد جنبلاط، الخوض في أي جدل يمكن أن يصيب الأساس التاريخي لهذه العلاقة، حفاظاً على حبال الود والصداقة. إنما يبدو أن السيد جنبلاط يريد خلاف ذلك. ونحن سنجاريه اذا شاء، اعتباراً من الان، حيث يشاء».
خارجيات
تيار الحريري أعلن انقطاع «حبل الود»: سنجاريه إذا شاء
جنبلاط يصافح سفير الأسد خلال التعزية بابن شقيق وزير من «حزب الله» سقط في سورية
جنبلاط مصافحا السفير السوري في بيروت أمس
10:49 ص