| محمد أمين العمر |
عندما تمتطي صهوة الذكريات منطلقاً من ضيق الحاضر إلى سعة الماضي الملتحف بضباب النسيان، وتُطِل عليه لترى طفولتك وصباك وشبابك ومن أحببت وما أحببت فإنك ستعيش ذلك الزمان مرتين.. مرةً يوم كنت فيه والآن وأنت تَسْتَرجِعَه لتعيش فيه وستسمعُ من خلف الأفق صدى الذكريات...
جَرى المِـدادُ سُيـولاً تُغْرِقُ الورقا
أفِـرُ منها إليـها أقْـتُلُ الأَرقا
أفرُ من شَـيْـبَةٍ لاحتْ بَوَارِقُها
فالعـُمْرُ بـابٌ إذا أًغْلَقْـتَهُ طُرِقَا
يَسَّاقَطُ الحَرْفُ تِلوَ الحرفِ يَرْسُمُ لي
لَوحاتِ عُمْرٍ مضى الوي لها العُـنُقا
تَغيبُ خَلفَ الصدى ضاعتْ معالِـمُها
والعـاصِفَاتُ أحـالت جَمْعَها مِــزَقا
أشكو لها غُـرْبةً في تِــيهِ حـاضِرُنَا
تَطوي الشَبـابَ وأطوي دَرْبَـهُ الـزَلِقا
أوْدَعْتُ فيها صـدى صـوتي وذاكرتي
وحُـلْمَ طفلٍ ببـحرِ العُمْرِ قد غَرِقا
يصْطادُ حُلْـماً طــفا من فَرْطِ خِـفَتِهِ
وفـاتَهُ آخرٌ قد غَاصَ مُخْـتَنـِقا
أحـلام طفلٍ كأنَّ الكـوْنَ قَبْضَـتُـهُ
وأنَّ هذا الـورى من أَجــلِهِ خُلقَا
يرصِّـع النَـجْمَ إكليلاً لِلُـعْـبَـتِـهِ
ويَرسِمُ البَــدْرَ وجهاً بَـاسِماَ طَـلِقا
ويَسْـرِقُ النورَ من مصبـاحِ غـارِبَةٍ
كَيما يَخُـطَّ على حَدِّ السمــا شفقـا
ويَرْسُـمُ القَلْبَ والسَهْـمَ الـمُصِيْبَ له
والبـاءُ تردفُ حــاءً تمـلأُ الـورقا
ويَـنْـثَني أمسيَّ المنـسيُ يســألُني
هل ضَـاعَ عُمْرُكَ في اللاشيءِ أم سُـرِقَا
نَضِـيعُ في التِيهِ بينَ الكـاذِبِينَ ضُـحَىً
والخــاصفين على عوراتِـهِم ورقــا
أَحِـنُ للـزمَنِ الـمَنسِيِ يَسْبِـقُـنِي
شــوقي إليهِ وإنْ سـابَـقْـتُهُ سَبقـا
أَبْقَى ليَ الأمـسُ بعضاُ من حــلاوتِهِ
وبعضَ طـيْبٍ ومن بُسْتــانهِ حَبَــقا
أطيرُ... أعلو جنـاحُ الحرفِ يحمـلني
إلى الخــوالي التي قلبي لــها خـفقا
أُســابِقُ الشمسَ نحو الفجرِ تَسْـتُرُني
عبـاءَةُ اللـيلِ عَـلِيٌ أَبلغُ الغَـسَـقا
مصبـاحي الفـجرُ لا أخشى انطفاءَتَهُ
يُبَـدِّدُ اللــيلَ والأحـزانُ والقلـقا
كصـاحبينِ أنا والفـــجرُ في سفرٍ
ظـلا لَصيْقَين ما ضـلا وما افـترقا
كصاحبينِ أنا والنـورُ يُسـعِدُنــا
زوالُ ليــلٍ بما أخـفى وما وسَــقا
كصـاحبينِ أنا والصبـحُ ثــالـثُنا
هذي الأمـاني التي قَلــْبِيْ بها عَلِـقا
إني أنا.... وأنا مِـــرآةُ ذاكِـرَتِي
إن أكتَـسِ الخزَّ أو إن ألبَـسْ الخـرقا
أنا السجــينُ على أوراقِ ذاكــرتي
والحبــرُ يَكْشِـفُ أسـراري إذا نطقا

maminomar@hotmail.com