| منى فهد عبدالرزاق الوهيب |
إن التخطيط وترتيب الأولويات هما صلة الوصل بين اليوم والغد، ولن نستطيع القيام بالتخطيط أو ترتيب الأولويات إلا باستشراف المستقبل، وهذا يتطلب منا رصد الواقع بشكل جيد، وحتى نتمكن من رصد وفهم الواقع وجب علينا ضبط إيقاع حركتنا وفق متطلبات أهدافنا. إن أردنا أن ننطلق حضاريا وفق أسس وأفكار في الثقافة والفكر والاجتماع، لا بد أن نرجع لطبيعة عقيدتنا، وطبيعة التكاليف الربانية التي تجعلنا أفرادا مستقبليين من الطراز الراقي الرفيع، وهذا مشروط باشتمال الحس المستقبلي لكل مناشط حياتنا ومواقفنا وردود أفعالنا، ولا يكون عيشنا في حدود يومنا بسعادته وشقائه، دون أن نمد بصرنا إلى قابل الأيام، ونتهيأ إلى ما سنتعامل معه من أحداث.
إن التخطيط هو جهد ذهني معرفي يبذله الإنسان في تصور الأوضاع والإمكانات الحاضرة من أجل صياغتها ووضعها في برامج واضحة، توصلنا لأهداف محددة، لمواجهة الظروف المستقبلية، وجُلّ ما نحتاجه هو أن نمتلك الحسّ المستقبلي عن طريق تخطيط مناشطنا وأعمالنا وعلاقاتنا المختلفة، لنصيب قصدنا ونتحكم في معطيات المستقبل وتطويعها لإرادتنا على قدر استطاعتنا.
لا نختلف على أن المستقبل غيب، لا يعلمه إلا الله - تعالى - ولكن سنن الله في كل مجالات الحياة تعطينا مؤشرات لما يمكن أن يحدث، وهذا ما نفتقده في من يدير البلد، فأوقاتنا تذهب هباءً، وحاضرنا في طريقه للضياع، وذلك يرجع لعدم وجود أهداف مستقبلية، أو خطة ترتب الأولويات بدلاً من بعثرتها وضياعها، وهذا ما يسوقنا إلى انخفاض درجة الإنتاجية إلى أدنى مستوى لها، فقد وصل بنا الحال إلى عدم مباشرة العمل وتسلم الراتب كاملا في نهاية الشهر!، لذلك نحن نحتاج إلى أن نسجل حركاتنا ونبضاتنا بطريقة آلية، وبتدابير متخذة لإحلال التوازن في مختلف مجالات الحياة، كما أننا ندعو إلى تحديد مواضع الضعف والخلل بخطوط عريضة وشواخص تعيننا على تكوين الحسّ المستقبلي الذي ينتشل البلاد من الأزمات التي حلت بها واعترضتها مؤخراً.
إن قائد المركبة يجهل إلى أين يتجه؟ ولا يعرف من هم ركابه؟ وذلك لضبابية الطريق ولعدم وجود تضاريس ولوحات إرشادية تدله على الوجهة والمسار الصحيح الموصل للتخطيط وترتيب الأولويات، يوجد لدينا يقين أن من يدير لا يمتلك شيئا من القرينة والحس المستقبلي، والدليل ضعفنا وتدهورنا، فضلا عن الاستناد والاعتماد على العشوائية والتخبطية في صنع واتخاذ القرارات المناسبة للبلاد والعباد، وهذه المؤشرات والدلائل لا تخفى على أحد منا، لو كانت هناك اتجاهات وتوجهات همها الارتقاء في البلد، لقفزت إمكاناتنا إلى الأعلى وازداد نشاطنا، وتيقظت عقولنا، وتحركت دافعيتنا، وتولدت لنا الأفكار التي تخدم أغراضنا في شتى الميادين، ولا ننسى أن ننوه بحتمية انسجام أهدافنا مع مُثلنا وقيمنا ونظمنا التي نؤمن بها لتنفيذها وتحقيقها.
في الختام نقول لا تستجيب لآلية الضغوط الرهيبة الذي يمارسها أهل الفساد، والتي تجعلك تهتم بمصلحتك الخاصة على حساب المصلحة العامة، وتودي بك إلى التنازل عن مبادئك في سبيل المنفعة، وإيثار العاجل على الآجل، وتفرض عليك معايير جديدة لا تتوافق مع ثوابتك ومرجعيتك وأسسك الأخلاقية، فأوجد لنفسك مرشدات ومؤشرات توقظك نحو الآفاق الممتدة والمتعددة لتنمية البلاد والنهوض بها، ولن يتم ذلك كله إلا بعد أن تجتهد لامتلاك الحسّ المستقبلي، أعاننا الله وإياكم على امتلاكه من أجل بلد السلام كويت المحبة.


twitter: @mona_alwohaib
m.alwohaib@gmail.com