| د. ياسر الصالح |
حتى تنجح في هزيمة عدوها اللدود الاتحاد السوفياتي في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي استخدمت الولايات المتحدة الأدوات نفسها والخطاب نفسه وحتى الدول والمنظمات التي استخدمتها وتستخدمها الآن لتحقيق هدفها بهزيمة عدوها اللدود الحالي المتمثل بمحور المقاومة والممانعة في سورية.
استخدمت الولايات المتحدة في أفغانستان في ذلك الوقت خطاب «الجهاد» ومسمى «المجاهدين» لتوصيف أعداء النظام في كابول وما يقومون به ضده وضد حليفه الاتحاد السوفياتي، وكانت دول بعينها في الاقليم عندنا هي من ساعدت وجندت وجهزت وموّلت ونقلت هؤلاء «المجاهدين» من أنحاء المعمورة الى افغانستان مستخدمة الخطاب الديني والفتاوى، ومسخّرة الاعلام بأنواعه في هذا السبيل، وقد جرى نقل كل هؤلاء «المجاهدين» عبر إحدى الدول المجاورة لأفغانستان وهي باكستان حيث تم تسخير كل إمكانات هذه الدولة بإقناعها عبر الوعود الوردية بأن التعاون سيدر عليها الفوائد الجمة إن هي انخرطت في المشروع الأميركي ضد جارتها أفغانستان والاتحاد السوفياتي.
لقد جرى في ذلك الحين تجاوب شعبي عارم في المنطقة مع ذلك الشحن الاعلامي والخطاب الديني الذي سخّرت له المنابر والمساجد والندوات والصفحات والبرامج الدينية وحتى المدارس والجامعات في العالم العربي وباكستان بشكل خاص وفي العالم الاسلامي بشكل عام، وجرى جمع التبرعات المالية والعينية من الأثرياء والفقراء على السواء وكذلك انتشر الدعاء «للمجاهدين» في وسائل الاعلام والمساجد، واستقبل جزء كبير من الافغان الفارين من أتون الحرب في كثير من دول المنطقة...
حصل كل ذلك فماذا كانت النتيجة وما الذي جرى كمحصلة لهذه الحرب على أفغانستان وشعبها، وعلى باكستان وشعبها، وعلى دول المنطقة التي دعمت هذه الحرب الأميركية ضد الاتحاد السوفياتي؟ فهل خرج الشعب الافغاني رابحا حرا مزدهرا من هذه الحرب؟ وماذا جرى على «المجاهدين» المحليين والذين جلبوا من انحاء العالم، وماذا جرى بينهم بعد سقوط النظام وانسحاب الاتحاد السوفياتي، هل تفاهموا وأخذوا ببناء بلدهم أم تقاتلوا وأكملوا تدمير البلاد والعباد؟ وماذا كانت النتائج على باكستان اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا وعلى سلمها الأهلي وهي الدولة التي وعدها الأمريكان بالمن والسلوى والازدهار؟ وماذا كانت النتائج على الدول الاقليمية التي كانت الممول والمجند والداعم لهذه الحرب، وماذا كانت الارتدادات التي رجعت عليها أمنيا وسياسيا واجتماعيا من خلال مشاركتها ومن خلال تشجيعها وارسالها لأبنائها ليشاركوا في هذه الحرب.
أليس ما حصل في الواقع الأفغاني نراه قد تكرر ويتكرر بحذافيره في القصة السورية؟ ألم يستخدم الخطاب نفسه والأدوات نفسها والقاعدة الشعبية نفسها والدول نفسها والموارد نفسها لدعم وتمويل وتجنيد وتجييش وجلب واستقدام عشرات الآلاف من أنحاء المعمورة؟ ألا نرى أن النتائج على حلفاء أميركا الآن بدأت بوادرها تظهر على أنها ستكون ما حصل عليه من حالفها في الحرب الأفغانية نفسه؟
ألا نرى أن «المجاهدين» قد بدأوا بتقتيل بعضهم البعض تماما كما فعل «المجاهدين» في أفغانستان، ونرى أن تركيا بدأت بالمعاناة والشكوى من ارتداد التطرف عليها تماما كما حدث لباكستان، وقد بدأت تركيا بالاشتباك على حدودها مع بعض «المجاهدين» الذين دعمتهم؟ وألا نرى الكم الهائل من الدمار والتضحيات اللذين أصابا سورية وشعبها... نفسه الذي أصاب أفغانستان وشعبها ولم يتعافيا منه لحد الآن؟ وألا يمكننا توقع الارتدادات التي ستحصل في دول المنطقة نتيجة تعميم الخطاب التكفيري الذي تم استخدامه للتجييش والتحشيد للحرب في سورية ونتيجة لعودة أبناء هذه الدول لبلدانهم بعد أن شاركوا في هذه الحرب؟ هذه الارتدادات التي ستكون على الواقع الامني والسياسي والاجتماعي؟
هناك أمران اختلفا في القصة السورية عنه في القصة الأفغانية... أولهما ان الولايات المتحد لم تنتصر في الحرب السورية بسبب صمود محور المقاومة والممانعة، والأمر الثاني هو أنه لم يكن في أفغانستان «جهاد المناكحة» كما ظهر في الحرب في سورية...
نتساءل... ألا يمكننا أن نتعلم، شعوبا وحكومات وأنظمة، من تجاربنا المرة والمريرة مع الولايات المتحدة... بأنه لا يمكننا أن نثق بالولايات المتحدة ونفهم أنها ليست صديقا لنا بل هي قوة استغلالية شيطانية لا يهمها إلا مصالحها حتى وإن كانت باستخدام دمائنا وأشلائنا رجالا ونساء وأطفالا وعلى حساب أمننا ومواردنا وسلمنا الأهلى... متى سنتعلم هذه الحقيقة البدهية!!؟
yassersaleh@hotmail.com
حتى تنجح في هزيمة عدوها اللدود الاتحاد السوفياتي في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي استخدمت الولايات المتحدة الأدوات نفسها والخطاب نفسه وحتى الدول والمنظمات التي استخدمتها وتستخدمها الآن لتحقيق هدفها بهزيمة عدوها اللدود الحالي المتمثل بمحور المقاومة والممانعة في سورية.
استخدمت الولايات المتحدة في أفغانستان في ذلك الوقت خطاب «الجهاد» ومسمى «المجاهدين» لتوصيف أعداء النظام في كابول وما يقومون به ضده وضد حليفه الاتحاد السوفياتي، وكانت دول بعينها في الاقليم عندنا هي من ساعدت وجندت وجهزت وموّلت ونقلت هؤلاء «المجاهدين» من أنحاء المعمورة الى افغانستان مستخدمة الخطاب الديني والفتاوى، ومسخّرة الاعلام بأنواعه في هذا السبيل، وقد جرى نقل كل هؤلاء «المجاهدين» عبر إحدى الدول المجاورة لأفغانستان وهي باكستان حيث تم تسخير كل إمكانات هذه الدولة بإقناعها عبر الوعود الوردية بأن التعاون سيدر عليها الفوائد الجمة إن هي انخرطت في المشروع الأميركي ضد جارتها أفغانستان والاتحاد السوفياتي.
لقد جرى في ذلك الحين تجاوب شعبي عارم في المنطقة مع ذلك الشحن الاعلامي والخطاب الديني الذي سخّرت له المنابر والمساجد والندوات والصفحات والبرامج الدينية وحتى المدارس والجامعات في العالم العربي وباكستان بشكل خاص وفي العالم الاسلامي بشكل عام، وجرى جمع التبرعات المالية والعينية من الأثرياء والفقراء على السواء وكذلك انتشر الدعاء «للمجاهدين» في وسائل الاعلام والمساجد، واستقبل جزء كبير من الافغان الفارين من أتون الحرب في كثير من دول المنطقة...
حصل كل ذلك فماذا كانت النتيجة وما الذي جرى كمحصلة لهذه الحرب على أفغانستان وشعبها، وعلى باكستان وشعبها، وعلى دول المنطقة التي دعمت هذه الحرب الأميركية ضد الاتحاد السوفياتي؟ فهل خرج الشعب الافغاني رابحا حرا مزدهرا من هذه الحرب؟ وماذا جرى على «المجاهدين» المحليين والذين جلبوا من انحاء العالم، وماذا جرى بينهم بعد سقوط النظام وانسحاب الاتحاد السوفياتي، هل تفاهموا وأخذوا ببناء بلدهم أم تقاتلوا وأكملوا تدمير البلاد والعباد؟ وماذا كانت النتائج على باكستان اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا وعلى سلمها الأهلي وهي الدولة التي وعدها الأمريكان بالمن والسلوى والازدهار؟ وماذا كانت النتائج على الدول الاقليمية التي كانت الممول والمجند والداعم لهذه الحرب، وماذا كانت الارتدادات التي رجعت عليها أمنيا وسياسيا واجتماعيا من خلال مشاركتها ومن خلال تشجيعها وارسالها لأبنائها ليشاركوا في هذه الحرب.
أليس ما حصل في الواقع الأفغاني نراه قد تكرر ويتكرر بحذافيره في القصة السورية؟ ألم يستخدم الخطاب نفسه والأدوات نفسها والقاعدة الشعبية نفسها والدول نفسها والموارد نفسها لدعم وتمويل وتجنيد وتجييش وجلب واستقدام عشرات الآلاف من أنحاء المعمورة؟ ألا نرى أن النتائج على حلفاء أميركا الآن بدأت بوادرها تظهر على أنها ستكون ما حصل عليه من حالفها في الحرب الأفغانية نفسه؟
ألا نرى أن «المجاهدين» قد بدأوا بتقتيل بعضهم البعض تماما كما فعل «المجاهدين» في أفغانستان، ونرى أن تركيا بدأت بالمعاناة والشكوى من ارتداد التطرف عليها تماما كما حدث لباكستان، وقد بدأت تركيا بالاشتباك على حدودها مع بعض «المجاهدين» الذين دعمتهم؟ وألا نرى الكم الهائل من الدمار والتضحيات اللذين أصابا سورية وشعبها... نفسه الذي أصاب أفغانستان وشعبها ولم يتعافيا منه لحد الآن؟ وألا يمكننا توقع الارتدادات التي ستحصل في دول المنطقة نتيجة تعميم الخطاب التكفيري الذي تم استخدامه للتجييش والتحشيد للحرب في سورية ونتيجة لعودة أبناء هذه الدول لبلدانهم بعد أن شاركوا في هذه الحرب؟ هذه الارتدادات التي ستكون على الواقع الامني والسياسي والاجتماعي؟
هناك أمران اختلفا في القصة السورية عنه في القصة الأفغانية... أولهما ان الولايات المتحد لم تنتصر في الحرب السورية بسبب صمود محور المقاومة والممانعة، والأمر الثاني هو أنه لم يكن في أفغانستان «جهاد المناكحة» كما ظهر في الحرب في سورية...
نتساءل... ألا يمكننا أن نتعلم، شعوبا وحكومات وأنظمة، من تجاربنا المرة والمريرة مع الولايات المتحدة... بأنه لا يمكننا أن نثق بالولايات المتحدة ونفهم أنها ليست صديقا لنا بل هي قوة استغلالية شيطانية لا يهمها إلا مصالحها حتى وإن كانت باستخدام دمائنا وأشلائنا رجالا ونساء وأطفالا وعلى حساب أمننا ومواردنا وسلمنا الأهلى... متى سنتعلم هذه الحقيقة البدهية!!؟
yassersaleh@hotmail.com