| بقلم: علي بومجداد* |
هذان «الهاشتاقان» كان لهما السبق في «تويتر» في محاربة الشهادات الوهمية في دول الخليج العربي.
الأول يعود لنائب مجلس الشورى الدكتور موافق الرويلي من المملكة العربية السعودية، والثاني كان لي شرف إنشائه ليكون الأخ الصغير لهاشتاق «هلكوني» صاحب السبق في الدفاع عن التعليم العالي في الخليج.
وأعجبت كثيرا بتجربة المملكة العربية السعودية في محاربة الظاهرة التي استشرت في دولنا، فطرحت هذا «الهاشتاق» على أكاديميين ونواب وسياسيين يتفاعلون مع هذه القضية المصيرية بما تفاعل معها أشقاءنا في المملكة نفسه، لكنني أكون صادقا معكم بأنني وجدت أن نوابنا وبالأخص «الأكاديميين» في مجلس الأمة لايعيرون أي اهتمام لهذه المصيبة الكبرى التي غزت التعليم العالي في الكويت، فماعدا النائب عدنان عبد الصمد، لم يتفاعل معها حتى الآن أي نائب آخر.
أولا لنعرف ما الشهادات الوهمية؟، هي تلك الشهادات التي تصدرها جامعات وهمية ليس لها مقر أو أعضاء تدريس وغير معتمدة من أي جهة اعتماد مرموقة، وهذه الجامعات عبارة عن صفحة الإكترونية وصندوق بريد، وهم يحاولون أن يلصقوا أنفسهم بجامعات التعليم عن بعد، ولكن هذا الأمر غير صحيح بدليل الفضحية الكبرى التي قامت بها قناة البي بي سي البريطانية أخيرا.
فقد تحرت هذه القناة عن إحدى الجامعات الكرتونية والتي تسمى «الجامعة» الأميركية في لندن أو جامعة لندن الأميركية (The American University of London)، واستطاعت أن تحصل على موافقه لمنح ماجستير في إدارة الأعمال لـ«كلب» أعزكم الله، وكل ماقدمته البي بي سي هو سيرة ذاتية مختلقة من صفحة واحدة، ولم تسلم الجامعة الوهمية أي وثائق أخرى، حتى انها لم تسلمهم شهادة البكالوريوس أو صورة شخصية «للكلب» أو شهادة مستوى اللغة (TOEFL or IELTS).
طبعا كان صدى هذه الفضيحة كبيرا جدا على مستوى العالم، وتمت فضيحة جامعة من جامعات طواحين الشهادات، كما يسميها الغرب، وهي بالمناسبة جامعة في اسمها اسم دولتين عظميين، ورخصتها من جزر الكاريبي، وصندوق بريدها في بريطانيا، وأكثر خريجيها من العرب.
للأسف هذه الجامعة تقيم حفل تخرج سنوي في الكويت، آخر احتفال أقيم هذا العام ومقطع فيديو الاحتفال الذي يحمل اسم الكويت موجود الان على الصفحة الإلكترونية الأولى لهذه الجامعة الوهمية، والتعليم العالي اعتمد الكثير من شهاداتها في فترة من الفترات السابقة (قبل عام 2009)، ويفتخر الكثير من هؤلاء «الدكاترة» الوهميين بأنهم حصلوا على شهادة من «دكان» الوهم هذا، ويضعون حتى الان هذا اللقب المشبوه في سيرتهم الذاتية المنشورة على صفحات الإنترنت.
وهناك جامعة أخرى كرتونية تسمى «الجامعة» الأميركية في لندن (The American University in London)، وهي لا تقل هشاشة عن الأخرى، وأيضا التعليم العالي اعتمد الكثير من شهاداتها في فترة من الفترات (قبل عام 2009) ويفتخر حاملو ألقابها في صفحات الإنترنت بأن شهادتهم معتمدة من التعليم العالي.
وهناك جامعة ثالثة كرتونية، تسمى «جامعة» كولومبوس (Columbus University) وهي جامعة أميركية تنتج الشهادات الوهمية، وأكثر خريجيها من العرب كذلك.
ويحمي هذه الجامعة ويديرها من داخل السجن سيناتور سابق مسجون لمدة 19 عاما بتهمة تتعلق بالاستيلاء على أموال شركة تأمين!!، والإعلام الأميركي أيضا فضح هذه الطاحونة الوهمية للشهادات التي للأسف أغلب خريجيها من الدول العربية، وكان يقام حفل تخريج الطلبة في دبي، وهذه الجامعات فضحها الغرب وصفحات الإنترنت تتكلم عن فسادها، حتى أن موسوعة الويكيبيديا وثقت ذلك عن هذه الجامعات.
طبعا ما تكشف من موضوع الشهادات الوهيمة، هو ذرة في محيط، وأنا أجزم بأن الكويت اعتمدت الكثير من هذه الشهادات، وتعليمنا العالي فشل فشلا ذريعا في هذا الأمر، وأصبح غير مؤتمن على مصلحة الوطن، فمن بعد الفضيحة المدوية لشهادات الهند والفيليبين، اليوم يتبين لنا أن التعليم العالي اعتمد شهادات وهمية أخرى من «جامعات» لاتمانع أن تمنح شهادة عليا لـ«كلب» خلال أسبوعين على الأكثر ودون حاجه الى أي دراسة أو بحث!!!.
لذلك أعتقد أنه يجب سحب صلاحية اعتماد الشهادات من التعليم العالي، وإسداء الأمر إلى جهاز آخر يتمتع بالمصداقية التي خسرها التعليم العالي إلى غير رجعة.
ويجب أن يتم تحديد مهام هذا الجهاز الجديد عبر تشريعات قانونية، ويكون من واجبات هذا الجهاز بالإضافة الى اعتماد الشهادات الجديدة فحص جميع الشهادات السابقة، والتأكد من أنها من جامعات حقيقة ومن ثم سحب الاعتماد من كل شهادة صدرت من جامعة وهمية، وأيضا اختبار من تخرج من جامعة معتمدة في تخصصات علمية مهمة مثل الطب والهندسة وغيرها لأن الفساد كبير وهناك من حصل على الشهادة في جامعة غير وهمية ولكن بطرق ملتوية، ولذلك فلابد من إزاحة الشك باليقين، كما أن هذا الجهاز يكون مسؤولا عن تحريك الدعوات القضائية ضد من تسول له نفسه الحصول على شهاده وهمية أو الترويج لها.
إننا بحاجة ماسة إلى نظام عقوبات رادع لمن تسول له نفسه شراء شهادة وهمية أو من يسوق لمثل هذه الشهادات في الكويت، أو حتى من يشارك أكاديميا في الإشراف على مشاريع أو درجات علمية لجامعة وهمية أو حتى عمل الدعاية الإعلامية لجامعات الوهم.
وهذا النظام يجب أن يحاسب المدربين الأسريين والاجتماعيين ومستشاري التغذية وغيرهم الذين يدعون حصولهم على الدكتوراه ويستغلون ذلك في إغراء منتسبي دوراتهم أو عياداتهم.
وهذا النظام يجب أيضا أن يعاقب بشدة مسؤولي الجهاز المقترح الجديد المنوط عليه اعتماد الشهادات في حال اعتمادهم شهادات من جامعات وهمية أو التقاعس عن مراقبة مدعي الشهادات العليا وتحريك الدعاوى ضدهم. ختاما أقولها بصوت عال، وأعلم أنه لن يسمع لى أي من نوابنا «الأكاديميين»، ولكن عزائي أن التاريخ لا ينسى، وأبناؤنا وأحفادنا سيعلمون يوما من خذلهم ومن يدعي تمثيلهم، «ستذهب الكراسي والمصالح يوما ما وسيبقى... هلكوني كرتوني... شاهدا على التخاذل في زمن يخّون فيه الأمين ويؤتمن الخائن».
* عضو الهيئة الإدارية في جمعية أعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت
هذان «الهاشتاقان» كان لهما السبق في «تويتر» في محاربة الشهادات الوهمية في دول الخليج العربي.
الأول يعود لنائب مجلس الشورى الدكتور موافق الرويلي من المملكة العربية السعودية، والثاني كان لي شرف إنشائه ليكون الأخ الصغير لهاشتاق «هلكوني» صاحب السبق في الدفاع عن التعليم العالي في الخليج.
وأعجبت كثيرا بتجربة المملكة العربية السعودية في محاربة الظاهرة التي استشرت في دولنا، فطرحت هذا «الهاشتاق» على أكاديميين ونواب وسياسيين يتفاعلون مع هذه القضية المصيرية بما تفاعل معها أشقاءنا في المملكة نفسه، لكنني أكون صادقا معكم بأنني وجدت أن نوابنا وبالأخص «الأكاديميين» في مجلس الأمة لايعيرون أي اهتمام لهذه المصيبة الكبرى التي غزت التعليم العالي في الكويت، فماعدا النائب عدنان عبد الصمد، لم يتفاعل معها حتى الآن أي نائب آخر.
أولا لنعرف ما الشهادات الوهمية؟، هي تلك الشهادات التي تصدرها جامعات وهمية ليس لها مقر أو أعضاء تدريس وغير معتمدة من أي جهة اعتماد مرموقة، وهذه الجامعات عبارة عن صفحة الإكترونية وصندوق بريد، وهم يحاولون أن يلصقوا أنفسهم بجامعات التعليم عن بعد، ولكن هذا الأمر غير صحيح بدليل الفضحية الكبرى التي قامت بها قناة البي بي سي البريطانية أخيرا.
فقد تحرت هذه القناة عن إحدى الجامعات الكرتونية والتي تسمى «الجامعة» الأميركية في لندن أو جامعة لندن الأميركية (The American University of London)، واستطاعت أن تحصل على موافقه لمنح ماجستير في إدارة الأعمال لـ«كلب» أعزكم الله، وكل ماقدمته البي بي سي هو سيرة ذاتية مختلقة من صفحة واحدة، ولم تسلم الجامعة الوهمية أي وثائق أخرى، حتى انها لم تسلمهم شهادة البكالوريوس أو صورة شخصية «للكلب» أو شهادة مستوى اللغة (TOEFL or IELTS).
طبعا كان صدى هذه الفضيحة كبيرا جدا على مستوى العالم، وتمت فضيحة جامعة من جامعات طواحين الشهادات، كما يسميها الغرب، وهي بالمناسبة جامعة في اسمها اسم دولتين عظميين، ورخصتها من جزر الكاريبي، وصندوق بريدها في بريطانيا، وأكثر خريجيها من العرب.
للأسف هذه الجامعة تقيم حفل تخرج سنوي في الكويت، آخر احتفال أقيم هذا العام ومقطع فيديو الاحتفال الذي يحمل اسم الكويت موجود الان على الصفحة الإلكترونية الأولى لهذه الجامعة الوهمية، والتعليم العالي اعتمد الكثير من شهاداتها في فترة من الفترات السابقة (قبل عام 2009)، ويفتخر الكثير من هؤلاء «الدكاترة» الوهميين بأنهم حصلوا على شهادة من «دكان» الوهم هذا، ويضعون حتى الان هذا اللقب المشبوه في سيرتهم الذاتية المنشورة على صفحات الإنترنت.
وهناك جامعة أخرى كرتونية تسمى «الجامعة» الأميركية في لندن (The American University in London)، وهي لا تقل هشاشة عن الأخرى، وأيضا التعليم العالي اعتمد الكثير من شهاداتها في فترة من الفترات (قبل عام 2009) ويفتخر حاملو ألقابها في صفحات الإنترنت بأن شهادتهم معتمدة من التعليم العالي.
وهناك جامعة ثالثة كرتونية، تسمى «جامعة» كولومبوس (Columbus University) وهي جامعة أميركية تنتج الشهادات الوهمية، وأكثر خريجيها من العرب كذلك.
ويحمي هذه الجامعة ويديرها من داخل السجن سيناتور سابق مسجون لمدة 19 عاما بتهمة تتعلق بالاستيلاء على أموال شركة تأمين!!، والإعلام الأميركي أيضا فضح هذه الطاحونة الوهمية للشهادات التي للأسف أغلب خريجيها من الدول العربية، وكان يقام حفل تخريج الطلبة في دبي، وهذه الجامعات فضحها الغرب وصفحات الإنترنت تتكلم عن فسادها، حتى أن موسوعة الويكيبيديا وثقت ذلك عن هذه الجامعات.
طبعا ما تكشف من موضوع الشهادات الوهيمة، هو ذرة في محيط، وأنا أجزم بأن الكويت اعتمدت الكثير من هذه الشهادات، وتعليمنا العالي فشل فشلا ذريعا في هذا الأمر، وأصبح غير مؤتمن على مصلحة الوطن، فمن بعد الفضيحة المدوية لشهادات الهند والفيليبين، اليوم يتبين لنا أن التعليم العالي اعتمد شهادات وهمية أخرى من «جامعات» لاتمانع أن تمنح شهادة عليا لـ«كلب» خلال أسبوعين على الأكثر ودون حاجه الى أي دراسة أو بحث!!!.
لذلك أعتقد أنه يجب سحب صلاحية اعتماد الشهادات من التعليم العالي، وإسداء الأمر إلى جهاز آخر يتمتع بالمصداقية التي خسرها التعليم العالي إلى غير رجعة.
ويجب أن يتم تحديد مهام هذا الجهاز الجديد عبر تشريعات قانونية، ويكون من واجبات هذا الجهاز بالإضافة الى اعتماد الشهادات الجديدة فحص جميع الشهادات السابقة، والتأكد من أنها من جامعات حقيقة ومن ثم سحب الاعتماد من كل شهادة صدرت من جامعة وهمية، وأيضا اختبار من تخرج من جامعة معتمدة في تخصصات علمية مهمة مثل الطب والهندسة وغيرها لأن الفساد كبير وهناك من حصل على الشهادة في جامعة غير وهمية ولكن بطرق ملتوية، ولذلك فلابد من إزاحة الشك باليقين، كما أن هذا الجهاز يكون مسؤولا عن تحريك الدعوات القضائية ضد من تسول له نفسه الحصول على شهاده وهمية أو الترويج لها.
إننا بحاجة ماسة إلى نظام عقوبات رادع لمن تسول له نفسه شراء شهادة وهمية أو من يسوق لمثل هذه الشهادات في الكويت، أو حتى من يشارك أكاديميا في الإشراف على مشاريع أو درجات علمية لجامعة وهمية أو حتى عمل الدعاية الإعلامية لجامعات الوهم.
وهذا النظام يجب أن يحاسب المدربين الأسريين والاجتماعيين ومستشاري التغذية وغيرهم الذين يدعون حصولهم على الدكتوراه ويستغلون ذلك في إغراء منتسبي دوراتهم أو عياداتهم.
وهذا النظام يجب أيضا أن يعاقب بشدة مسؤولي الجهاز المقترح الجديد المنوط عليه اعتماد الشهادات في حال اعتمادهم شهادات من جامعات وهمية أو التقاعس عن مراقبة مدعي الشهادات العليا وتحريك الدعاوى ضدهم. ختاما أقولها بصوت عال، وأعلم أنه لن يسمع لى أي من نوابنا «الأكاديميين»، ولكن عزائي أن التاريخ لا ينسى، وأبناؤنا وأحفادنا سيعلمون يوما من خذلهم ومن يدعي تمثيلهم، «ستذهب الكراسي والمصالح يوما ما وسيبقى... هلكوني كرتوني... شاهدا على التخاذل في زمن يخّون فيه الأمين ويؤتمن الخائن».
* عضو الهيئة الإدارية في جمعية أعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت