| منى فهد عبدالرزاق الوهيب |
عبارات كانت دارجة على الألسنة افتقدناها منذ زمن ليس ببعيد... ديني لا يسمح لي بكذا... كرامتي تثنيني عن تجاوز الحدود... مروءتي تمنعني عن ارتكاب الخطأ..، من كان يصدح بهذه العبارات ولا يخجل من قولها لأي شخص كان، فهو لديه أشياء عزيزة لا يمكن أن يتنازل عنها أو يبذلها مهما كانت المغريات التي تقدم، ولديه أشياء كثيرة ليست للبيع.
إن هذه الدنيا هي الأسئلة الموجهة إلينا من قبل حاجاتنا وطموحاتنا، وكل واحد من الناس يجيب عن تلك الأسئلة بطريقته الخاصة، والتي تبلورت لديه من خلال التربية التي تلقّاها، والأهداف التي يسعى إليها، والظروف التي يحيا فيها، كما هي دار الابتلاء والاختبار، والعقبات والأزمات والمشكلات التي تواجهنا في شتى ميادين الحياة.
ابتداءً نقول إن وجود المشكلات في حياة الناس ليس هو الشأن، إنما يكمن الشأن كله في تكرار المشكلات نفسها سواء كانت مع أنفسنا أو مع أشخاص آخرين، من الواضح هنا أن عقولنا تعاني من الارتباك في التعامل مع خبراتنا ومع المعطيات والمعلومات الواردة إلينا، لذا نكرر الوقوع في المشكلة نفسها، ومن هنا يبدو لنا أن كثيرا من الناس لا توجد لديها أطر مرجعية تستند إليها في فهم الواقع وفي بلورة المواقف المناسبة تجاه ما تراه وتسمعه وتعانيه، للحد من حجم ذلك الارتباك الذي تعاني منه العقول.
من لا يردعه دين أو كرامة أو مروءة وخلافه، كيف يكون التعامل إن واجهتنا مشكلات معه؟! لا نعتقد بأن المشكلات عبارة عن أزمات وضائقات تعكّر مزاج الواحد منا فحسب، فهذه تشكل جزءا يسيرا من مشكلاتنا، إنما جلها يتأتى من مساحة الفجوة بين واقعنا وبين الوضعية التي نطمح إليها، لذا إن تبين للواحد منا أنه فعلا في مأزق حقيقي، كــــــالمـــأزق الذي أواجهه الآن مع أناس تفتقد لكثير من القيم التي تقّوم حياتهم وتحصنهم من تكرار المشكلات مع الأشخاص انفسهم. في البداية وجب علينا التزام الهـــدوء وهو ضروري جداً لمن أراد تحديد جوهر المشكلة التي يعاني منها، أو نوعيتها، أو حجمها، فالإنسان المضطرب يفقد بعضاً من توازنه العقلي والنفسي لإدراك المشكلة موضع الشكوى، لأن العجلة في هذه الأمور سيئة للغاية.
إن تجزئة المشكلة إلى أصغر وحدات ممكنة، ووضعها تحت المجهر، يمكننا من وضع حواجز بين هذه المشكلات، والتعامل مع كل منها على نحو منفرد، وحتى لا نهمل المشكلات الصغيرة بعد أن جزّأناها لوحدات، فتتحول بالإهمال إلى مشكلات كبيرة ذي طبيعة تفاعلية، فتزداد وتتفاقم، كما هو الشأن في كثير فمن الأمراض الخبيثة، لابد من النظر في أسباب المشكلة، قد يكون سلوكنا الشخصي هو السبب، أو البيئة الذي نعيش فيها، فإذا كانت المشكلة متولدة من سلوكنا الشخصي، من اليسير علينا تغيير ذلك السلوك، وإذا كانت بسبب البيئة التي نعيش فيها، فعلاجها يطول، لكن يمكن إجراء بعض التغيير في العلاقة مع بعض الناس.
في الختام نقول نحتاج أن نفتش عن منهج للعلاج، إذ ان أكبر عقدة في التعامل مع المشكــــــلات تكــــــمن في العـــــثور على منهـــــج ملائم لطبيعة المشكلة، وقد لا نحصل دائماً على حلول مثالية، فلنؤمن أن لكل مشكلة حلاً، ولكن الحل قد لا يكون مرضياً دائما، ولا يرقى لطموحنا، فلنوطن أنفسنا على ذلك، فشيء خير أفضل من لا شيء.
 
m.alwohaib@gmail.com
twitter: @mona_alwohaib