من خلال التجربة مع مجالس الأمة السابقة ثبت للجميع أن التأزيم سمة غالبة على طبيعة التعاون بين الحكومة والمجلس، وأن الغالب حالات الاحتقان السياسي التي تجعل الشارع الكويتي يعيش حالة امتعاض أصبحت مع الأسف شبه دائمة، والدليل استقالة حكومات أربع وحل المجلس مرتين في خلال أقل من عامين.نعود من جديد إلى نقطة الصفر، وهي التي نبدأها الآن مع المجلس الجديد وأيضاً الحكومة الجديدة، وهنا أتساءل: لماذا لا تتم محاسبة النواب كما تتم محاسبة الوزراء؟ ولماذا لا نستجوب النائب كما نستجوب الوزير؟ لماذا لا تتم محاسبة هذا النائب وتقييم أدائه في المجلس؟ ولنقل استجوابه كالوزير تماماً.ففي بريطانيا يوجد مجلس أعيان منتخب يُسمى مجلس الظل، فلماذا لا يكون لدينا مجلس ظل يحاسب مجلس النواب؟ ولماذا لا يتم تعيين المرشحين الذين لم يوفقوا من الوصول للمجلس ليكونوا هم مجلس الظل، كأن نختار الحاصلين على المركز الحادي عشر والثاني عشر من كل دائرة من الدوائر الخمس، ومن ثم يكون لدينا مجلس ظل مكوناً من عشرة نواب؟مجلس الظل هذا يكون مجلساً رقابياً على مجلس الأمة المنتخب، وفي الوقت نفسه يكون مسؤولاً عن أداء النواب ويحاسبهم ويستجوبهم. فمن أحسن نال الثناء، ومن أخفق ولم يخدم الشعب تتم محاسبته أو على الأقل كشفه أمام الجميع، حتى لا ينتخبه الشعب مرة أخرى، ويعلن في الصحف بشكل مستمر عن إنجازات النواب، وما هي الاقتراحات والقوانين التي قدموها وتقييم هذه الاقتراحات حتى لا يقدم النواب على تقديم الاقتراحات بسبب ومن دون سبب.مجلس الظل قد يستطيع تهذيب وترتيب عمل النواب ويكون بمثابة الرقيب والمنظم والمقيم لعمل النواب وفق أسس قواعد وقوانين. وفي هذا ننقل حالة التأزيم ما بين النواب والحكومة، ليكون التأزيم بين النواب وبين مجلس الظل ونتجنب التأزيم بين النواب والحكومة أو الوصول إلى طريق مظلم، ومن ثم الحل.«حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا»، منهج من المفترض أن يتبعه النواب، وأن يعوا تماماً من الدروس الماضية، وأن يضعوا مصلحة البلد فوق كل اعتبار، وتكون هي الأهم من أن يقال عن هذا النائب بطلاً أو فارساً، ونحن هنا لا نلقي باللوم كله على النواب، بل قبلهم نلقي اللوم على الحكومة التي تجعل الأمور تصل إلى هذا الحد. نتمنى في الفترة المقبلة أن نجد التعاون الفعلي سمة تسود العلاقة بين السلطتين، فالأمر لم يعد يحتمل إضاعة وقت أكثر مما مضى في الصراع والصراخ والردح السياسي.مجلس الظل فكرة تحتاج إلى دراسة، ومن ثم إلى قرار سياسي جريء لتطبيقه، وأعتقد أنه سيثمر وسيجنبنا الكثير من المشكلات المقبلة التي من المتوقع أن تحدث، بعدما جاء إلى المجلس بعض النواب الساعين إلى التأزيم ودغدغة مشاعر المواطنين من دون الاستناد إلى حجج أو براهين وبرامج علمية وعملية، فمتى يصدر القرار بتشكيل مجلس الظل؟

د. حنان المطوع

كاتبة كويتية