هل سمعتم عن الإنسان الذي كان اقرباؤه يضطهدونه، وكلما تكلم يسكتونه ويبينون له بأنه ليس في مستوى الحديث معهم أو الادلاء برأيه، حتى كبر وهو يعتقد بأنه اقل من غيره في كل شيء، ولابد له من ان يتبع الآخرين؟!
هذه هي قصتنا مع الدول الغربية التي استطاعت اقناعنا خلال قرون عدة بأنها متفوقة علينا عقلا وذكاء وقوة، وان الواجب علينا اتباعها في كل شيء لننجو من المصائب والمحن، وقد كان كافيا اخذ العبرة من الدولة العثمانية التي تآمروا عليها حتى اسقطوها ثم تقاسموا الدول التابعة لها في اكبر مؤامرة (سايكس بيكو)، واستعانوا ببعض العرب من اجل تحقيق احلامهم ثم استعمروهم بعدما قسموا بلادهم بين دول الحلفاء!
نحن نعيش اليوم مرحلة الاستعباد والاضطهاد السابقة نفسها حيث اقنعونا بأننا لا مكان لنا في العالم إلا ان نكون تبعا للاسياد نأتمر بأمرهم ونفعل ما يطلبون منا فعله، وللاسف فقد صدقنا تلك الكذبة وسرنا وراءهم من دون هدي وسلمناهم رقابنا عن قناعة بأن الغرب هو الضمان الحقيقي لنا!
لقد تابعنا خلال الايام الماضية ازمة الدين الاميركية التي كادت تنفجر لولا التنازل الذي ابداه اعضاء الكونغرس للسماح بالاقتراض للحكومة حتى بداية السنة المقبلة، ولكم ان تطلعوا على مئات التقارير الاقتصادية التي تبين بأن الدين العام الاميركي الذي تخطى 17 تريليون دولار (100 في المئة من حجم الانتاج) يمثل مرحلة حرجة سيعقبها انفجار الفقاعة الكبرى لا محالة حيث ستعجز الولايات المتحدة عن تسديد ديونها للداخل وللخارج ما يتسبب بانتكاسة اقتصادية تفوق ما حدث في عام 2008.
فإذا علمنا بأن اكثر من نصف استثمارات الكويت الخارجية هي في سندات الخزينة الاميركية (اكثر من 100 مليار دولار) فإننا نتوقع انهيارا عاما لاحتياطاتنا اذا ما حدثت تلك المأساة ناهيك عن بقية دول الخليج!
وتشير التقارير الاقتصادية بأن الحل شبه الوحيد لدى الولايات المتحدة لمنع انهيار اقتصادها - المحتم - هو إشعالها لحروب جديدة في العالم لكي تشغّل مصانع السلاح، وبالطبع ليس هنالك مكان افضل من منطقتنا لإشعال الحروب، فقد ادت الحرب العالمية الثانية ودخول اميركا طرفا فيها الى الخروج من ازمة الكساد الاقتصادي!
نشرت صحيفة الفاينانشال تايمز وغيرها تقارير مبالغا بها عن ان انتاج الولايات المتحدة للغاز والنفط الصخري سيكتسح الانتاج العالمي من النفط، وجاء في التحليلات الاقتصادية ان الكساد سيصيب الدول العربية لعجزها عن تسويق نفطها، وهو امر خيالي لا يصدقه من يفهم في الاقتصاد، فالانتاج الاميركي من النفط والنفط الصخري والغاز لا يوازي انتاج السعودية وحدها، ناهيك عن ان الدول العربية تنتج 40 في المئة من النفط العالمي وان احتياطها من النفط يفوق 65 - 70 في المئة من الاحتياطي العالمي، وتشير التقارير الى ان العالم سينفق 750 مليار دولار في العام 2014 للتزود بالنفط والغاز.
اذا فعندما امتدحنا السعودية في رفضها مقعد دولة غير دائمة العضوية في مجلس الأمن، فنحن محقون، فيكفي هذا الاحتقار والازدراء لدولنا وإلقاء الفتات لها، فنحن نملك من الاموال والاهمية الاستراتيجية ما يفوق كثيرا من دول العالم، وقد آن الاوان لان يتوقف العالم عن معاملتنا كدول هامشية ويخطط ما يريد من ورائنا، وكذلك الامر بالنسبة للثورة السورية فيجب ان تفرض شروطها على العالم وتستمر في ثورتها حتى وان لم تستجب الدول الغربية، فمن الواضح بأن النظام السوري يترنح وسيسقط قريبا بإذن الله تعالى مهما كثرت التضحيات ، وهذا افضل من ان يجرجروهم الى معاهدات ممسوخة تجرد الشعب السوري من كرامته وتفرض عليه شروطا مهينة دون ان تعطيه حريته، كما قال الشاعر:
تريدين نيل المعالي رخيصة
ولابد دون الشهد من لسع النحل!!

د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com