| أنوار مرزوق الجويسري |
فن التقاط الصورة هو فن ناشئ أخذ الجيل الجديد بالتعلق به ومزاولته بل وجعله نظام حياة، وكما أن لكل جيل اهتماماته فقد سيطرت الصورة على اهتمامات مراهقي وشباب اليوم، كما أن مواقع التواصل الاجتماعي التي تنقل الصورة والصوت ساهمت في نمو هذا الفن حتى صار هوساً مقلقاً، وأصبحت مشاركة الآخرين بالصورة نظاما يوميا يبدأ في تصوير قهوة الصباح وينتهي بتصوير العشاء مروراً بنقل تفاصيل اليوم والأهل الخاصة جداً!
من الرائع أن تكون مبدعاً في تصوير المناظر التي تعجبك من طبيعة وبنايات وتحف وأحداث، ومن الرائع أيضاً أن تشجع ابنك المراهق وابنتك الشابة على اقتناء كاميرا لتنمية موهبة التصوير ونشر ثقافة الفن الراقي بصور احترافية لا تخرج عن الأخلاق والآداب، لكن من المخجل أن تصوّر لباسك اليومي ووجباتك الثلاث ومشترياتك الاستهلاكية، فتروّج بذلك للثقافة الاستهلاكة الرائجة أصلاً، وتدفع أبناءك للعيش في مجتمع مثالي مزيّف بين صور لا تمس الواقع أحياناً، وفي أحيان أخرى قد تجعله يرفض واقعه ويطالب بواقع آخر يشابه الصور الانستغرامية، ويطالب بأكل أجود الطعام ولبس أثمن اللباس واقتناء كل جديد حرّضه التوجه العام على اقتنائه، فينسى روحه وخلقه وأدبه ثم يغرق في تصوير ما يملك من ماديات دون ما يملك من علم وأدب.
من الإنصاف أن نذكر ما جلبته لنا الصورة من منافع، حيث قرّبت البعيد وجعلت الأسرة الكبيرة متقاربة دون أدنى جهد يذكر مقارنة بتقريب الأسر من خلال المناسبات العامة، ونشرت كذلك ثقافات حسنة كاقتناء الكتب، وبلا شك رفعت من مستوى الذوق العام لكنها مع ذلك وحّدت الأذواق، فبات الناس نسخاً مكررة متشابهين في كل شيء.
إن التقاط الصورة الرائعة فن جميل متى ما هذّبناه وجعلناه مقتصرا على مجال معين لا يتعدى الخصوصية، ومن المثمر لو جعلنا هذا الفن لا ينحصر بالصورة المادية بل يتعداها لنحترف التقاط صورة رائعة لمجتمعنا وأهلنا وأصدقائنا، وذلك بأن نراهم على سجيتهم ونحسن الظن بهم بل ونلتقط أجمل ما فيهم ونركز على الزاوية المشرقة بمن نحب، هنا فقط نحقق التوازن ونمارس الفن في التفاصيل المهمة والخفيّة دون التفاصيل الزائفة والسطحية.

@anwar1992m
anwar aljuwaisri@hotmail.com