قرأت خبر تقدم خمسة نواب باقتراح قانون يقضي بإنشاء مركز مستقل لإعداد القياديين... وذهبت الذاكرة إلى بحث الدكتوراه القريب البعيد حول أهمية القيادة الجيدة والأخلاقية في تحويل الاقتصاد الكويتي والذي طبقناه على كبرى شركات القطاع الخاص!
الاقتراح بقانون خصص فقط للقطاع العام الحكومي ولم يتضمن القطاع الخاص أو على الأقل الشركات الخاصة التي تمتلك فيها الحكومة نسبة مؤثرة تبدأ من 5 في المئة!
ليعلم النواب أن مفاهيم القيادة السليمة لا يمكن تطبيقها على القطاع الحكومي للأسباب التالية:
- القطاع العام/ الحكومي قطاع مسيس والقيادة الاحترافية لا تتدخل فيها السياسة!
- طريقة اختيار القياديين تأتي على هيئة محاصصة و«ترضية» ومصالح.
- لا يمكن فصل المؤثرات السياسية والاجتماعية عن المركز المراد إنشاؤه لأنها باتت عرف أخذ صفة القانون.
- ثقافة المجتمعات الغربية ( قيم ومعتقدات ) تختلف عن ثقافتنا وبالتالي لا يمكن تطبيقها.
- قبل أن نفكر في إنشاء هذا المركز يجب تعديل المنظومة الإدارية وتجهيز مركز خاص بإعداد القياديين متوافق مع طبيعة مجتمعنا شريطة عدم تدخل أصحاب النفوذ في طريقة اختيار القياديين.
إنه مقترح طيب المقاصد صعب التطبيق، ولا أبالغ إن قلت إنه من المستحيل تطبيقه في ظل «الخلطة» التي تميز بها مجتمعنا حيث نجد البعض لا يفهم أبجديات قواعد اختيار القياديين، وتجده هو صاحب الكلمة حتى وإن ضمت قائمة المرشحين أسماء لمؤهلين كفاءات لا «واسطة» لديهم.
أنتم تعلمون أن أداة «الواسطة» هي صاحبة القول الفصل ليس في اختيار القياديين فحسب بل حتى لحجز موعد عند الطبيب، فكيف لنا أن نحلم بتطبيق ممارسات احترافية غربية في مؤسساتنا المهترئة وبجانب «الواسطة»... تبادل المصالح والمحاصصة التي أشرنا إليها ويعلم بها النواب والجميع!
وقد كان لي حديث مع بعض النواب السابقين والحاليين حول طريقة اختيار القياديين وأخبرتهم عن الأسباب، وكي لا يتأثروا بخطط الحكومة الإنشائية، طلبت منهم التركيز على مهمة فصل المؤثرات السلبية التي تتسبب في تسمية قياديين دون المستوى!
النواب تحديدا يعلمون ان الضغوط على أصحاب القرار مستمرة للفوز بالمنصب القيادي وأن المسألة لا علاقة لها بالكفاءة إطلاقا وقد طالبتهم بمراجعة الاسباب لمعالجتها قبل التفكير بأي توجه مثالي أشبه بالمقترح النيابي المقدم.
في السياسة مناورات، كذب، مصالح، نفوذ (اجتماعي، سياسي، فئوي) وهي بطبيعتها غير منسجمة مع المفاهيم القيادية ولا يمكن أن تعالج من قبل رجال القيادة، ولو أن الأمر يعود لي كمختص في القيادة لما قبلت بخروج هكذا اقتراح... وإذا كان الواقع يشير إلى أن القطاع الخاص بات مشابها للنمط المتبع في اختيار القياديين في الحكومة وهو قطاع خاص فكيف يحق لنا التفكير بنجاح فكرة إنشاء مركز لإعداد القياديين في القطاع الحكومي وإن أسندت المهام إلى مراكز غربية وكما قيل «مزمار الحي لا يطرب» وهذه علة «ربعنا»!
خلاصة القول، صححوا مفاهيمكم في عملية الاختيار أولا ومن ثم لكل حادثة حديث.. والله المستعان!

د. تركي العازمي
Twitter : @Terki_ALazmi
terki.alazmi@gmail.com