| كمال علي الخرس |
تشير الاحصائيات الى ان تعداد سكان الكويت عام 2005 كان اقل من مليونين وربع نسمة، يبلغ عدد الكويتيين منهم ما يقارب تسعمائة الف نسمة، وبعدها بسنتين تقريبا يرتفع عدد سكان الكويت الى ما يزيد على ثلاثة ملايين نسمة وربع، منهم حوالي مليون كويتي والباقي من غير الكويتيين، يعني في غضون سنتين تقريبا ارتفع عدد السكان مليون نسمة تقريبا.
كيف وخلال أشهر تمتد الى سنة او سنتين تفتح ابواب البلاد لاستقبال مليون إنسان في زيادة تعادل نصف السكان خلال فترة قصيرة؟ هل سمع احد ان بلاد الهجرة والمهاجرين مثل الولايات المتحدة الاميركية بتعداد سكانها البالغ حوالي مائتي مليون نسمة، وبمساحتها الكبيرة البالغة تسعة ملايين كيلومتر مربع وبقدراتها الخدمية الهائلة قامت بإدخال تسعين او مئة مليون مهاجر في ظرف بضعة سنين او اقل من ذلك؟ هل سمع احد او شاهد بلادا شاسعة المساحة من بين البلدان الاقل كثافة في السكان في العالم بتعداد مئة وأربعين مليون انسان مثل روسيا تقوم بفتح البلاد لإدخال ستين او سبعين مليون انسان في ظرف زمني قصير؟
لو يتكرم القارئ ويراجع احصائيات السكان في الكويت يرى قفزة كبيرة في تعداد السكان خلال فترة قصيرة، فقبل ثمانية اعوام كان عدد السكان اكثر من مليونين نسمة بقليل، والآن يقارب العدد أربعة ملايين نسمة.
لماذا فتح ابواب البلاد من دون دراسة ومن دون تخطيط وإدخال اكثر من مليون انسان في بلاد تحتاج اساسا توسعة لبنيتها التحتية والخدمية؟ ولماذا الزج بهذا العدد الضخم في بلد صغير كالكويت من دون معنى مفهوم، فلا هؤلاء لاجئو حرب، ولا هم يد عاملة استقدمت للمساهمة في نهضة عمرانية، ولم يتم استقدام هؤلاء في المساهمة مثلا في خطة صناعية في البلاد لتكون منتجة مثلا للأسلحة الثقيلة كالدبابات والمدافع، او منتجة للصناعات الثقيلة كالسيارات والشاحنات، أو حتى مصنعة للمنتجات الدقيقة كالأجهزة الالكترونية والساعات؟!
فلماذا ادخال هذه الاعداد الضخمة من الوافدين وكأن الكويت ملجأ دوليا مليئا بالخدمات الفائضة فأحب اهل البلد والوافدين القدماء فيها الذين بذلوا فيها مهجاتهم ان يتشاطروا فائض الخدمات الصحية والتعليمة وسلاسة السير والمرور مع اخرين استقدموا من مختلف مناطق العالم؟
الفتح العشوائي الفوضوي للإقامة بالكويت، اضر بمستوى حياة الفرد في الكويت سواء للمواطن او المقيم الذي خدم في الكويت طويلا في فترة سابقة، ونغص على من هو موجود في الكويت من مواطنين ومن وافدين حياتهم بعد فتح الباب العشوائي، حيث تراجع مستوى الراحة والرفاه في البلد بشكل غير مسبوق. وان فتح باب الاقامة في البلاد من دون دراسة وتخطيط شوه صورة البلاد مع تراجع خدمات متعددة فيها.
هل ادرك من هو مسؤول عن فتح البلاد بلا دراسة مستوى العبء والحمل الثقيل الذي سيلقيه على عاتق السكان من مواطن او مقيم سابق، وعلى العبء الذي سيلقيه على الخدمات المختلفة؟ ففي المرور يصدم المسؤولون هناك من قيادات ومن افراد بأن عليهم ان يقوموا بعمل المستحيل حتى يستطيعوا مواكبة هذه الزيادة، وعليهم ان يحضروا قائد مرور خارق، يكون كالمارد الذي يخرج من القمقم حتى يقوم بعمل المستحيل ويحل ازمة مرور سببها اكبر من ان يسمى سوء تخطيط.
هل ادرك المسؤول عن فتح الابواب بلا تخطيط العبء النفسي والعصبي على من يتنقل بين هذه الطرق المزدحمة من مواطن ومن مقيم؟ وهل ادرك كيف سيكون تأثير زيادة كبيرة ومفاجئة لعدد السكان على شكل الخدمات في البلاد الصغيرة ومن اهمها الخدمات الصحية، حيث امتلأت مستوصفات المناطق، وضاقت المستشفيات بأهلها، وليذهب أي مسؤول الى المستشفيات الحكومية الرئيسية ويسأل عن استيعابية المستشفى المفترضة، والعدد المضاعف الذي تستوعبه الآن وما يشكله من عبء على الطاقم الطبي والاداري في المستشفيات وعلى المريض نفسه الذي يحسب نفسه وهو في غرف الطوارئ وكأنه في احدى جمهوريات الموز؟
هل ادرك من ادخل هذا العدد الكبير من المقيمين بلا دراسة، اثر ذلك على الخدمات التعليمية في البلاد وخصوصا الاثر التعليمي والخدمي في المدارس الخاصة وحتى الجامعات الخاصة التي بات بعضها مسرورا من العدد الكبير من المتقدمين من الطلبة ولو على حساب النوعية في التدريس ففغرت فاهها مستقبلة أي عدد من الطلبة، ولسان حالها يقول هل من مزيد؟
هذا البلد الذي حباه الله بكنوز الأرض بدل ان يكافئ المسؤولون فيه سكان البلد بخدمات اضافية وببنية تحتية متجددة وببناء مستشفيات إضافية بدل من ذلك يكافأ الناس فيه بزيادات سكانية من دون دراسة ومن دون تخطيط، ولأهداف غير مفهومة، إلا بالانتفاع الضيق وملء بعض الجيوب المتسعة لعيون ضيقة لا ترى ابعد من مصلحتها الشخصية.
ليس هناك دعوة لحل تعسفي، فقد وقع الفأس بالرأس، ومن هم مسؤولون عن فتح ابواب الاقامة في البلاد بلا دراسة وبلا تخطيط، وبلا مراعاة لسكان البلد من مواطنين او مقيمين، هم عليهم ان يجدوا الحل، أن يجدوا حلولا منطقية سليمة وإنسانيه ايضا، على أن تكون سريعة وناجعة للأزمة التي سببتها القرارات المفتقرة الى أدنى حد من التخطيط والحكمة.


alzoor3@yahoo.com