معظم نوابنا لم يبذلوا خلال السنة الماضية الا اقل القليل من الجهد اما لكونهم نواباً جدداً او غير مشاركين في المجالس المبطلة لعام 2012، وكل مابذلوه خلال فترة الانتخابات هو بضعة ايام من التحرك والدعاية.
تعجبت لمبادرة المجلس باعطاء اعضائه اجازة برلمانية طويلة بينما هنالك مئات القضايا المعلقة التي تتطلب جهوداً مضنية للوصول الى حلول لها، لاسيما وان البلد مشلول منذ سنوات طويلة والشعب ينتظر تشريع قوانين مهمة لحل المشاكل المستعصية مثل المشكلة الاسكانية وقوانين النزاهة ومقاومة الفساد وقانون الـ BOT وقانون الاعلام الموحد وقانون العمل في القطاع الأهلي وتشجيع المستثمر الاجنبي وقانون الخدمة العسكرية وعشرات القوانين.
ويجب الا ننسى اننا نعيش وسط عالم مضطرب من حولنا ونحن من اكثر الدول المهددة بالعدوان، والواجب هو شحذ جميع الهمم وعدم النوم وقت يقظة الجميع، والواجب هو وضع خطط للطوارئ بكل جد وهمة بدلاً من الاستعداد الوهمي الذي نسمعه من حكومتنا ولا نراه!
«يواش»... «يواش»... يانوابنا!!
بالرغم من ان المجلس لم يجتمع والحكومة لم تقدم برنامجها حتى الآن، والوزراء مازالوا لم يمارسوا اعمالهم الا ان وتيرة التصعيد النيابي ترتفع بقوة ضد بعض الوزراء وضد بعضهم البعض، وتهديدات بالاستجوابات تتكرر لوزراء عدة، ومنهم وزيرة الشؤون ووزيرة التخطيط ورئيس الوزراء ووزير الأوقاف.
لا نريد ان نجادل في ان الاستجواب من حق النائب وان بعض الوزراء الذين اعيد تعيينهم ليسوا بالكفاءة المطلوبة وكان الاجدر عدم اعادة تعيينهم، ولكن نحن نتكلم اليوم عن مجلس لم يجتمع ولم يحصل اي لقاء بين النواب والحكومة ومع هذا فإن السكاكين حامية لنحر الوزراء دون استماع لمبرراتهم في ما فعلوه او اتهموا به ان كل قضية في البلد او خطأ للوزير او تقصير من مسؤول هو مادة دسمة لاستجواب مقترح، ولكن تصور لو ان المجال قد فتح لكل نائب لان يستعرض عضلاته ويسن اسنانه ليستجوب من شاء من الوزراء في اي موضوع فان عقد المجلس سينفرط قبل نهاية الدورة الاولى، ان لكل نظام اصولاً متفقاً عليها ومتى تم تجاوز تلك الاصول فان العمل يختل والعقد ينفرط.
انا اعلم ان بعض النواب الجدد يعتقدون بأن التصعيد المبالغ فيه ضد الوزراء هو طريقهم لكسب تعاطف الناخبين ولكن تجربتنا خلال المجالس الأربعة الماضية وارتفاع نبرة المعارضة والتهديد والوعيد قد اتت بنتائج عكسية لما ارادها مطلقوها وقد اوصلت بعضهم الى الجنون السياسي، حيث لم يكتفوا بالاستجوابات المتكررة والشتيمة والحط من قدر الحكومة وانما انفجرت لتصبح مسيرات غاضبة وتهديداً ووعيداً!!
ثم ماذا حدث، هل انصلحت الاوضاع وانتهت المفاسد؟! الواقع يقول بأنها قد ازدادت سوءاً وشجعت المفسدين على ممارسة المزيد من الفساد!!
لماذا لا يضع النواب المتحمسون جهدهم وغضبهم في تشريع قوانين لمحاربة الفساد وزيادة الرقابة على الجهاز التنفيذي؟!
ولماذا لا يشرعون قوانين تلزم الوزراء بأخذ تصديق من المجلس على جميع المناصب القيادية التي يختارونها، وقوانين لمحاسبة القياديين مالياً وادارياً، ولماذا لا يلتفتون الى الدول المتقدمة للاستفادة من تجربتها الديموقراطية بما يرفع من مستوى تجربتنا بدلاً من تحويل مجلس الأمة الى سوق عكاظ او حلبة مصارعة لاثبات بطولاتهم وفرد عضلاتهم؟!
ما هكذا تورد الإبل ياصفاء!!
استمعت الى لقاء النائبة صفاء الهاشم قبل بضعة ايام على قناة العدالة، وشعرت بالخوف مما جاء فيها، فقد امتلأت بالغضب الشديد والشتم المتواصل لجميع فئات المجتمع، فابتدأت برئيس مجلس الامة حول تصريح فسرته بأنه ضدها وهددت باللجوء للقضاء ان لم يعتذر عن تصريحه، ثم عرجت على رئيس مجلس الوزراء وكالته بالشتائم والنقص وهددت باستجوابه، وعرجت الى غرفة التجارة وجريدة «الراي» والقبس وعالم اليوم ثم طعنت في الوزيرة رولا دشتي، وكلام طويل اسهبت به من خلال تلك القناة..
نصيحة لصفاء بألا تكرر ما فعله من قبلها من استخدام اسلوب الشتم والتهديد والوعيد، فهذا الاسلوب قد ثبت فشله ولفظه الكويتيون وكرهوا قائله، وتأملي في سقوط أصحاب هذا المنهج في الوصول الى المجلس الاخير ورفض الناخبين لهم!!


د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com