زاوية فقهية يقدمها الداعية الإسلامي الدكتور
عبدالرؤوف الكمالي
أستاذ الفقه
بكلية التربية الأساسية
الوليمة: مشتقة من الولم, بفتح الواو وسكون اللام، وهو الجمع؛ لان الزوجين يجتمعان, قاله الازهري وغيره, والفعل منها: اولم.
وتقع على كل طعام يتخذ لسرور حادث.
ووليمة العرس: ما يتخذ عند الدخول، وما يتخذ عند الاملاك.
حكم الوليمة
* عن انس بن مالك رضي الله عنه: «ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف اثر صفرة, فقال: ما هذا؟ قال: يا رسول الله! اني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب, قال: فبارك الله لك، اولم ولو بشاة» متفق عليه, واللفظ لمسلم.
الشرح:
(اثر صفرة): جاء في الروايات تفسير الصفرة: بانها ردغ من زعفران، اثر الزعفران.
(على وزن نواة من ذهب): قيل: المراد: واحدة نوى التمر، قيل: ان النواة من ذهب عبارة عما قيمته خمسة دراهم من الورق، وجزم به الخطابي، واختاره الازهري، ونقله عياض عن اكثر العلماء.
ويؤيده: ان في رواية البيهقي: «وزن نواة من ذهب, قومت خمسة دراهم».
وعن بعض المالكية: ان النواة عند اهل المدينة ربع دينار.
(فان قلت): قد علم النهي عن التزعفر, فكيف لم ينكره صلى الله عليه وسلم؟
(قلت): هذا مخصص للنهي بجوازه للعروس.
وقيل: يحتمل انها كانت في ثيابه دون بدنه؛ بناء على جوازه في الثوب، وقد منع جوازه فيه ابو حنيفة والشافعي ومن تبعهما.
والقول بجوازه في الثياب مروي عن مالك وعلماء المدينة، واستدل لهم بمفهوم النهي الثابت في الاحاديث الصحيحة, كحديث ابي موسى مرفوعا: «لا يقبل الله صلاة رجل في جسده شيء من الخلوق».
واجيب: بان ذلك مفهوم لا يقاوم النهي الثابت في الاحاديث الصحيحة، وبان قصة عبد الرحمن كانت قبل النهي في اول الهجرة، وبانه يحتمل ان الصفرة التي رآها صلى الله عليه وسلم كانت من جهة امرأته علقت به فكان ذلك غير مقصود له، ورجح هذا النووي، وعزاه للمحققين، وبنى عليه البيضاوي. [ويقوي هذا الجواب: ان الذي رآه صلى الله عليه وسلم على عبد الرحمن انما هو اثر صفرة, وليس صفرة كاملة, والله تعالى اعلم].
الدعوة للعروس بالبركة:
الحديث دليل انه يدعى للعروس بالبركة، وقد نال عبد الرحمن بركة الدعوة النبوية, حتى قال كما رواه البخاري عنه في آخر هذه الرواية -: «فلقد رأيتني لو رفعت حجرا لرجوت ان اصيب ذهبا او فضة».
حكم الوليمة في العرس:
1 - في قوله: «اولم ولو بشاة» دليل على وجوب الوليمة في العرس، وهو قول الظاهرية, ورواية عن مالك وقول بعض الشافعية.
ويدل له: ما اخرجه احمد من حديث بريدة: «انه صلى الله عليه وسلم قال لما خطب علي فاطمة: لا بد من وليمة»، وسنده لا باس به، وهو يدل على لزوم الوليمة، وهو في معنى الوجوب.
[واخرج احمد وغيره عن ابي هريرة رضي الله عنه قوله موقوفا عليه -: «شر الطعام طعام الوليمة، يدعى الغني، ويترك المسكين، وهي حق، ومن تركها، فقد عصى» قال الصنعاني رحمه الله: «والظاهر من الحق الوجوب».
[وبوب البخاري في «صحيحه»: «الوليمة حق»].
2 - وقال الجمهور: الوليمة مندوبة (سنة).
وقت الوليمة:
اختلف العلماء في وقت الوليمة: هل هي عند العقد او عقبه او عند الدخول؟ وهي اقوال في مذهب المالكية، ومنهم من قال: عند العقد وبعد الدخول.
وصرح الماوردي من الشافعية بانها عند الدخول.
قال ابن السبكي: والمنقول من فعل النبي صلى الله عليه وسلم انها بعد الدخول، وكأنه يشير الى قصة زواج زينب بنت جحش؛ لقول انس: «اصبح - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - عروسا بزينب, فدعا القوم»، وقد ترجم عليه البيهقي: باب وقت الوليمة.
مقدار الوليمة:
ظاهر الحديث: ان الشاة اقل ما يجزئ في الوليمة, الا انه قد ثبت «انه صلى الله عليه وسلم أولم على ام سلمة وغيرها باقل من شاة، وأولم على زينب بشاة، وقال انس:: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أولم على امرأة ما أولم على زينب؛ فانه ذبح شاة « [اخرجه البخاري ومسلم], الا انه أولم على ميمونة بنت الحارث - لما تزوجها بمكة عام القضية، وطلب من اهل مكة ان يحضروا فامتنعوا - باكثر من وليمته على زينب».
وكان انسا يريد انه وقع في وليمة زينب بالشاة من البركة في الطعام ما لم يقع في غيرها؛ فانه اشبع الناس خبزا ولحما؛ [ففي رواية لمسلم: فقال ثابت البناني: بما اولم؟ قال: «اطعمهم خبزا ولحما حتى تركوه»].
عبدالرؤوف الكمالي
أستاذ الفقه
بكلية التربية الأساسية
الوليمة: مشتقة من الولم, بفتح الواو وسكون اللام، وهو الجمع؛ لان الزوجين يجتمعان, قاله الازهري وغيره, والفعل منها: اولم.
وتقع على كل طعام يتخذ لسرور حادث.
ووليمة العرس: ما يتخذ عند الدخول، وما يتخذ عند الاملاك.
حكم الوليمة
* عن انس بن مالك رضي الله عنه: «ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف اثر صفرة, فقال: ما هذا؟ قال: يا رسول الله! اني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب, قال: فبارك الله لك، اولم ولو بشاة» متفق عليه, واللفظ لمسلم.
الشرح:
(اثر صفرة): جاء في الروايات تفسير الصفرة: بانها ردغ من زعفران، اثر الزعفران.
(على وزن نواة من ذهب): قيل: المراد: واحدة نوى التمر، قيل: ان النواة من ذهب عبارة عما قيمته خمسة دراهم من الورق، وجزم به الخطابي، واختاره الازهري، ونقله عياض عن اكثر العلماء.
ويؤيده: ان في رواية البيهقي: «وزن نواة من ذهب, قومت خمسة دراهم».
وعن بعض المالكية: ان النواة عند اهل المدينة ربع دينار.
(فان قلت): قد علم النهي عن التزعفر, فكيف لم ينكره صلى الله عليه وسلم؟
(قلت): هذا مخصص للنهي بجوازه للعروس.
وقيل: يحتمل انها كانت في ثيابه دون بدنه؛ بناء على جوازه في الثوب، وقد منع جوازه فيه ابو حنيفة والشافعي ومن تبعهما.
والقول بجوازه في الثياب مروي عن مالك وعلماء المدينة، واستدل لهم بمفهوم النهي الثابت في الاحاديث الصحيحة, كحديث ابي موسى مرفوعا: «لا يقبل الله صلاة رجل في جسده شيء من الخلوق».
واجيب: بان ذلك مفهوم لا يقاوم النهي الثابت في الاحاديث الصحيحة، وبان قصة عبد الرحمن كانت قبل النهي في اول الهجرة، وبانه يحتمل ان الصفرة التي رآها صلى الله عليه وسلم كانت من جهة امرأته علقت به فكان ذلك غير مقصود له، ورجح هذا النووي، وعزاه للمحققين، وبنى عليه البيضاوي. [ويقوي هذا الجواب: ان الذي رآه صلى الله عليه وسلم على عبد الرحمن انما هو اثر صفرة, وليس صفرة كاملة, والله تعالى اعلم].
الدعوة للعروس بالبركة:
الحديث دليل انه يدعى للعروس بالبركة، وقد نال عبد الرحمن بركة الدعوة النبوية, حتى قال كما رواه البخاري عنه في آخر هذه الرواية -: «فلقد رأيتني لو رفعت حجرا لرجوت ان اصيب ذهبا او فضة».
حكم الوليمة في العرس:
1 - في قوله: «اولم ولو بشاة» دليل على وجوب الوليمة في العرس، وهو قول الظاهرية, ورواية عن مالك وقول بعض الشافعية.
ويدل له: ما اخرجه احمد من حديث بريدة: «انه صلى الله عليه وسلم قال لما خطب علي فاطمة: لا بد من وليمة»، وسنده لا باس به، وهو يدل على لزوم الوليمة، وهو في معنى الوجوب.
[واخرج احمد وغيره عن ابي هريرة رضي الله عنه قوله موقوفا عليه -: «شر الطعام طعام الوليمة، يدعى الغني، ويترك المسكين، وهي حق، ومن تركها، فقد عصى» قال الصنعاني رحمه الله: «والظاهر من الحق الوجوب».
[وبوب البخاري في «صحيحه»: «الوليمة حق»].
2 - وقال الجمهور: الوليمة مندوبة (سنة).
وقت الوليمة:
اختلف العلماء في وقت الوليمة: هل هي عند العقد او عقبه او عند الدخول؟ وهي اقوال في مذهب المالكية، ومنهم من قال: عند العقد وبعد الدخول.
وصرح الماوردي من الشافعية بانها عند الدخول.
قال ابن السبكي: والمنقول من فعل النبي صلى الله عليه وسلم انها بعد الدخول، وكأنه يشير الى قصة زواج زينب بنت جحش؛ لقول انس: «اصبح - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - عروسا بزينب, فدعا القوم»، وقد ترجم عليه البيهقي: باب وقت الوليمة.
مقدار الوليمة:
ظاهر الحديث: ان الشاة اقل ما يجزئ في الوليمة, الا انه قد ثبت «انه صلى الله عليه وسلم أولم على ام سلمة وغيرها باقل من شاة، وأولم على زينب بشاة، وقال انس:: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أولم على امرأة ما أولم على زينب؛ فانه ذبح شاة « [اخرجه البخاري ومسلم], الا انه أولم على ميمونة بنت الحارث - لما تزوجها بمكة عام القضية، وطلب من اهل مكة ان يحضروا فامتنعوا - باكثر من وليمته على زينب».
وكان انسا يريد انه وقع في وليمة زينب بالشاة من البركة في الطعام ما لم يقع في غيرها؛ فانه اشبع الناس خبزا ولحما؛ [ففي رواية لمسلم: فقال ثابت البناني: بما اولم؟ قال: «اطعمهم خبزا ولحما حتى تركوه»].