يسألني كثير من الناس ليس من باب الجهل بالشيء ولكن رغبة في معرفة رأيي في نتائج انتخابات مجلس 2008، وهل هنالك تغيير حقيقي في المقاعد، وهل يلبي المجلس الجديد طموحات الناس وهل سيحقق التغيير المنشود؟! واسئلة كثيرة لا يمكن لاحد ان يجيب عنها من خلال التفحص في وجوه الخمسين نائبا الذين حالفهم الحظ او كتابة معادلة حسابية للإجابة عن تلك الاسئلة.ولكن دعوني اكرر قول الشاعر (وكل اناء بما فيه ينضح)، فالشعب الكويتي يمثل فسيفساء من التوجهات والآراء والقبائل والعادات ونتيجة كل انتخابات برلمانية تأتي ممثلة لتلك الفسيفساء تزيد هنا قليلا وتقل هنا قليلا، فنسبة التغيير بحدود 45 في المئة هي نسبة طبيعية، ومنهم 24 في المئة ممن قرروا ترك الساحة السياسية بأنفسهم، ومنهم عدة وجوه كانت في المجالس السابقة ولكن ليس في مجلس 2006، اما نتائج القبائل فقد حافظت على نسب متقاربة من السابق، وتوزعت بنسب تقارب اعدادهم الحقيقية، فالعوازم 6 نواب والمطران 6 نواب وعنزة نائبان، والرشايدة 4 نواب، اما التوجهات فقد كانت 5 للشيعة من دائرة واحدة وحوالي 18 نائبا يمثلون توجهات دينية اسلامية سنية، وعدد كبير من المحافظين، واربعة نواب يمثلون التكــــتل الليبرالي، ويتساءل البعض عن مدى بقاء التكتلات السابقة، وفي الواقع فإن تلك التكتلات لم تكن قوية ومتماسكة سابقا، لذا فإن تصدعها قد بدأ قبل حل المجلس ومن الطبيعي ان تقوم مكانها تكتلات جديدة بمسميات مختلفة او متشابهة.هذه اجوبة سطحية عن تقسيمة النواب الفائزين يعلمها كل من يقرأ الاسماء او «يتمحص» في الوجوه، ولكن الاسئلة الأهم التي لا ادعي بأني اعرف لها جوابا، بل ادلي بدلوي بها كغيري فهي: هل المجلس سيكون صداميا ام مهادنا؟! وهل سيستمر المجلس إلى انتهاء دورته ام سيصله مقص الرقيب ليفسد على نوابه متعتهم في ممارسة الصراخ «وزف» الوزراء؟! وهل سيكون للمجلس قيادة منضبطة تقود اعضاءه وتدفع باتجاه التركيز على الانجازات وتحقيق طموحات الشعب؟! وهل ستخترق قوى الفساد بعض الاعضاء وتسخرهم ضد بعض الوزراء او من اجل افساد مسيرة المجلس كما حدث بوضوح في مجلس 2006؟!اعتقد بأن بعض نواب المجلس الحالي بطبيعتهم صداميون وقد يفسرون حصولهم على كثير من الاصوات في الانتخابات بأنه ضوء اخضر لهم لمزيد من التصادم، وبعضهم لديه تصفية حسابات مع اطراف في الحكومة مثل وزير الداخلية، لكن في اعتقادي بأن تجربة حل المجلس قد كانت مؤلمة كثيرا، وأن كثيرا من المزايدين سيقفون قليلا قبل الاقدام على خلق اجواء التصادم، وقد حمدت الله تعالى على رسوب بعض النواب السابقين من «شرّاية» الأصوات والتابعين لقوى الفساد، ونزول اسهم بعض اصحاب الحناجر الكبيرة وتدهور مكانتهم، فهي رسالة واضحة بأن الشعب قد ملَّ من المزايدة والتخريب، بقي امر مهم ورسالة طلب مني كثير من الاخوة توجيهها الى نواب التجمع السلفي وعلى رأسهم الاخ خالد سلطان وهي انهم يمثلون اليوم اكبر تكتل برلماني مع حدس والتكتل الاسلامي، ودورهم اكبر من كبير في تمثيل عنصر التهدئة والعقلانية في المجلس وقيادة دفة المجلس نحو الانجاز الحقيقي وترك المهاترات، والتعاون مع الحكومة في تحقيق طموحات الشعب الذي استأمنهم عليها ووضع ثقته فيهم، وهم اهل لذلك بإذن الله.
د. وائل الحساويwae_al_hasawi@hotmail.com