د. وائل الحساوي

انتشرت صحافة التحقيق في الولايات المتحدة الأميركية منذ ستينات القرن الماضي وكان لها دور كبير في كشف كثير من مواطن الفساد وتسليط الضوء على أمور مهمة منها فضيحة الـ «ووتر-غيت» التي كشفتها صحيفة الواشنطن بوست وأدت الى استقالة الرئيــــس الاسبق «ريتشـــــارد نيكســــون»، وأصــــــبح الصحافـــــي «بوب وودورد» صاحب الفضيحــــة أشهر الإعلامييـــن في العــالــم، ثم قــــام بوب بكشف فضائح ادارة الرئيس بوش في غزو العراق وألف كتبا عدة مشهورة.لقد خطت جريدة «الراي» خطوة كبيرة في صحافة التحقيق عندما سلطت الضوء على بعض قياديي الداخلية وكشفت بالأدلة تواطؤهم في بيع الخمور وأوراق اليانصيب والحصول على إتاوات من آسيويين يديرون أوكاراً للدعارة ولعب القمار، وقد استجاب وزير الداخلية مشكوراً لتلك الحملة الصحافية وأوقف قياديين في مباحث العاصمة ومبارك الكبير عن العمل، وبدأ التحقيق في ذلك الملف المتورم والذي لا يشكل عندنا في الكويت إلا رأس الجبل الجليدي الطافي بينما يختفي تحته الكثير من الملفات المثيرة لبعض قياديي الداخلية.إن انتشار الجرائم والفساد في الكويت لم يعد أمراً يمكن التخفي عليه وحصره في دائرة ضيقة، وهذا ليس خاصا بالكويت وحدها بل هي ظاهرة عالمية، لكن أخطر ما في ذلك الموضوع هو أن يكون بعض حماة البلد والمعول عليهم حفظ الأمن ضالعين في ذلك الفساد، وقد تحدث الكثيرون مراراً وتكراراً عن وجوب تصفية الجهاز الأمني ورجال الداخلية من هؤلاء المشبوهين الذين يساهمون في التستر على المجرمين وايجاد المخارج القانونية لهم، بل ويشاركونهم في الجريمة، ولا شك أن تسليط الصحف الأضواء على ذلك الموضوع المهم وكشف أبعاده للرأي العام هو اول الطريق لمعالجته.نشكر كتلة العمل الشعبي على تفاعلها مع الملف الأمني الذي كشفته جريدة «الراي»، ونتمنى من جميع التجمعات السياسية ومنظمات المجتمع المدني المساهمة الفعالة في حماية بلدنا من المفسدين، فالداخلية وحدها لا تستطيع تحقيق المطلوب دون دعم شعبي قوي.أطباؤنا لا بواكي لهمالرسالة التي بعثتها وزارة الصحة الى مجلس الوزراء وكشفتها صحيفة «القبس» بالأمس حول الفارق الكبير في رواتب ومكافآت الاطباء الكويتيين مقارنة بقرنائهم في دول الخليج والتي قد تصل الى ستة أضعاف راتب الكويتي، والتي قد تسببت في هجرة ما لا يقل عن 300 طبيب كويتي الى تلك الدول، هذه الرسالة هي نذير خطير في بيان سوء التخطيط الذي تعاني منه الكويت وتفريطها في أهم مرفق حيوي تمتلكه وهو الصحة وفي خيرة كفاءاتها وهم الأطباء.لقد ذكرنا كثيراً أن نظام  اقرار الكوادر في الخدمة المدنية هو نظام عقيم يخضع للذين هم أعلى صوتاً وأكثر صراخاً، وكم من كوادر لا فائدة من ورائها زادت رواتبها بسبب النفوذ والصراخ بينما الأطباء والمهندسون وأصحاب المهن المهمة لا نصيب لهم بسبب سكوتهم. لا شك أننا نلوم الأخوة في الجمعية الطبية ونقابات الأطباء على ضعف مبادراتهم من أجل اقرار كوادرهم، وانشغالهم بالصراعات العقيمة بينهم، لكن ذلك لا يعفي الحكومة من الالتفات الى مطالبهم وانصافهم.

د. وائل الحساويwae_al_hasawi@hotmail.com