د. وائل الحساوي

سقوط الكويت الى المركز الستين في قائمة مؤشر الفساد العالمي الذي يضم 180 دولة مقابل المركز 46 في العام الماضي يجعلنا نشعر بالحزن الحقيقي، فما بال دولتنا تتهاوى في كل شيء ويسبقها الجميع حتى دول الخليج الناشئة التي ساهمنا في بنائها وتطوير مرافقها؟!كثيراً ما نفتخر بأن لدينا ديموقراطية يحسدنا الجميع عليها وحرية رأي وانفتاحا ولكن الديموقراطية وحدها لا تنفع ما لم يصاحبها قرار صائب وقانون حازم.لدينا أكبر نسبة من المتعلمين والمثقفين، ونحن أكثر الشعوب انفتاحاً على العالم، ولدينا مجالس منتخبة وقوانين  كثيرة وصحافة حرة، ومع هذا فإن الفساد يزداد عندنا!!نشرت جريدة «الجريدة» قبل أيام تقريراً يمثل هجوماً حكومياً على اللجان الحكومية التي يتم تشكيلها في معظم الجهات الحكومية متهماً تلك اللجان بأنها للتنفيع والفساد وأنها لا تمارس دورها كما يجب، وأن كثيراً منها وهمي ولا يتماشى مع ما يتم تشكيلها له، كما أنها مخالفة لقوانين الخدمة المدنية، وأن رؤساء وأعضاء تلك اللجان يتقاضون مبالغ اضافية لا يستحقونها مع غيابهم المستمر ويذكر التقرير بأن نصاب تلك اللجان لا يكتمل في كثير من الأحيان رغم تقاضي أعضائها مكافآتهم، وأن هنالك تسابقاً محموماً من قبل القياديين والموظفين في تعيين الموظفين في هذه اللجان.هذا جانب واحد من جوانب الفساد المستشري في الحكومة، وهو دلالة واضحة على أن القيادات العليا في الدولة هي السبب المباشر فيه، واعتراف الحكومة به هو سيد الأدلة ولك أن تصعد في السلم الهرمي لما هو أخطر مثل لجان المناقصات وادارات المشاريع، والتعيين في المناصب القيادية، فسترى حجم الفساد، يقابل ذلك ضعف الرقابة والتجاوز على الأخطاء بل والكوارث.دعني أضرب مثلاً على اننا نساهم فعلياً في تحويل الكويت الى «ديرة بطيخ» وهو موقفنا من قضية التفريط في بناء محطات للكهرباء والماء فقد تسبب ذلك التفريط في ارباك جميع فئات الشعب وعيشهم هاجس الخوف من قطع الكهرباء هذا الصيف، وقطع الماء في الصيف الماضي، كما شوه صورة ذلك البلد الغني الذي لا يستطيع توفير أبسط مقومات الحياة لشعبه، واضطرت الحكومة لدفع مبالغ مضاعفة لاستيراد مولدات طوارئ بكفاءة أقل، ومازالت الأزمة قائمة.والسؤال الذي يجب أن نطرحه هو: ماذا فعلنا لمحاسبة من تسبب بتلك الأزمة، سواء أكانوا وزراء أم وكلاء وغيرهم؟ ومن يضمن لنا ألا يتكرر ذلك السيناريو في أمور أخرى؟!إن محاربة الفساد تتطلب البدء من أعلى الهرم وتفعيل القانون على الجميع ومحاسبة جميع المقصرين، ومن دون ذلك سنظل نتكلم ونتكلم عن الفساد في كل مكان، لكن الفساد سيزداد وينتشر، وأهلا وسهلا بأسعار النفط العالية ليزداد مؤشر الفساد ويغطي على الفضائح مصداقاً لقول الإمام الشافعي:تغطي السماحة كل عيبوكم عيب يغطيه السخاء

د. وائل الحساويwael_al_hasawi@hotmail.com