رجا أبو شقرا

ما يبعث الامل في النفوس ويخفف قليلا من ضغط الهواجس التي تقض مضاجعنا، اننا جميعا على ما يظهر سلمنا اخيرا امورنا وصيرورتنا في وطننا لبنان وتركناها في حراسة الله سبحانه وتعالى الواحد الاحد الذي لا يستثني احدا من بركاته وخيراته، فسبحانه يغدقها على جميع عباده من دون تفرقة او تمييز، ويستجيب للدعاء... انه السميع المجيب،على هذا الصعيد، صعيد الايمان بالله ومحبته يلتقي الجميع ويتوافقون امامه عز وجل. فكيف لا يتوافق قوم فيما بينهم ويتصافون وينبذون خلافاتهم ويتمسكون باختلافاتهم نحو مزيد من التآلف والوحدة في ضوء الحكمة والتعقل لما فيه خير الجميع وامانهم... خصوصا عندما يكون القاسم المشترك بينهم هو الله سبحانه وتعالى؟في هذا الخضم من القلق والحيرة والمسلسل الخطر من المشاكل والعناد وارتكاب الجرائم والغموض في الرؤى، جئت كمواطن يجهل فن السياسة في اسرارها وغياهبها، اعرض بعض الخواطر المتواضعة التي قدرني الله على التعبير عنها.أ- في السطحية والابتذال والضياعأولا: ان تحريك بعض حبيبات الرمل على الشاطئ لا تفيد اطلاقا في سبر اغوار البحر واسراره! متى نغوص إلى الاعماق في نهجنا وتفكيرنا كي ندرك اسباب الفوضى السياسية التي تشل حياتنا وتتقاذفنا نحو المجهول؟ثانيا: رذالة الجاهل وتحايله يسهل التخلص منهما كون تبنيهما جاء عفويا وعشوائيا، اما رذالة الدجال المنافق وصاحب المصالح الشخصية وتحايله فيصعب التخلص منهم كونهم جاؤوا عن تصميم وقصد وجشع وطمع!ثالثا: زهرة دوار الشمس تتجه دائما نحو الشمس حتى في الايام الغائمة، فلماذا لا نتجه نحو التعقل والحكمة في ايامنا السوداء؟رابعا: اقولها بالعربية الفصحى، ان ما تقولونه وتناقشونه باللغة المحكية يا قادة الرأي وأولي الامر والنهي في هذا البلد، نفهمه وندركه نحن معشر اللبنانيين «بالسنسكريتي»!ب- في المغامرات والمقامرات السياسية والمذهبيةأولا: التشويش من أجل الاخلال بسلامة الحكم وترهيبه هو بغض لسلطة الشعب، كما الالحاد هو بغض للسلطة الدينية انهما وجهان لعملة واحدة.ثانيا: ان العنتريات و«المراجل» في الاصوات التي تطلق عاليا من على المنابر في المناسبات السياسية وعبر وسائل الاعلام، انما هي دقة الحزن يطلقها اللسان ناعيا موت الحكمة والتعقل في الفكر.ثالثا: المحاور السياسي الفاشل هو ذلك المتعصب لأرائه والذي يرفض ان يعدلها او يجددها كما يقضي موضوع التحاور.رابعا: الحماقة السياسية هي استنتاج احكام خاطئة من مبادئ عادلة ويميزها عن الجنون المطلق كونها تستنتج احكاما عادلة من مبادئ خاطئة! كفانا الله شر الحماقة في مؤسسات دولتنا.خامسا: عندما يهتز احد الاعمدة الاربعة التي تقوم عليها الدولة وتدعم سقفها (الدين والعدل والشورى والخزينة) دعونا نصلي لاجل طقس صحو في الشتاء ومعتدل في بقية الفصول!سادسا: على دماء اصحاب التعصب الديني والعقائدي تنمو بذور الكفر وتزدهر في تربة من الحقد والشر.سابعا: القائد السياسي المميز والمبدع هو الذي يحاور على خطين متناقضين في آن معا ويستمر في اداء خدماته نحو الجميع من دون استثناء.ج- في الصحافة والإعلام والقضاءاولا: الصحافي الحق يجمع معلوماته ويقف على حقائقها اولا، ثم يستنتج منها بموضوعية وصدق ما يراه مفيدا و«مناسبا» في أرائه.ثانيا: اننا في هذه الايام نحارب من اجل حرية الفكر وسيادة الشعب وحماية الوطن والعدالة في النهج السياسي الحكيم وقلاعنا هي الجرائد والمجلات وغيرها من وسائل الاعلام المتحررة.ثالثا: من اجل العدالة تنبذ المحسوبية وصلة القرابة والصداقة... لهذا السبب يجب ان تبقى العدالة فاقدة البصر لا البصيرة حاملة قسطاسها المستقيم.رابعا: لكل جريمة ترتكب وتمر من دون عقاب انما تحرم الانساني في اي مكان في العالم قدرا كبيرا من أمنه وطمأنينته واستقراره.خامسا: العدالة والقانون شريعتان ربطهما الله ببعضهما البعض... فكيف نجرؤ على فصلهما؟سادسا: عندما يشتري الغموض ويستفحل في الدساتير تنتهي العدالة وتفقد مـــــــــعناها في الدولة.سابعا:  قال الخليفة ابو بكر الصديق في خطبة له: «ايها الناس الا ان اقواكم عندي الضعيف حتى اخذ الحق له، واضعفكم عندي القوي حتى اخذ الحق منه»، فاعتبروا يا اولي الالباب. عليكم بحسن التخلص وعدم التربص لان التربص اشر الشرور.

د- في التخاطب والكياسة والموضوعية والتاريخ والجغرافياأولا: البذاءة في التخاطب تعمي البصيرة وتنخر العقل وتشله.ثانيا: انهما بلدان متجاوران ومتلاصقان تاريخيا واجتماعيا تفصل بينهما لغة واحدة مشتركة... جعلها خرقاء واداة للتباعد والفرقة. سامحهم الله وانار السبيل لما فيه خير البلدين.ثالثا: التفاصح في الكلام والاغداق في سرده، دليل علي زهو وغرور صاحبه والاسراف في كلماته المنمقة والمبهمة هو شح فاضح في افعال صاحبه من حيث الفائدة والجدوى.رابعا: الفضائل والقيم هي اشبه بالانهار المتدفقة، كلما زاد عمقها قبل ضجيجها وتشويشها.

هـ - في الأكثرية والأقليةاولا: واحد زائد الحق يساوي اكثرية.ثانيا: إذا عددتم أصوات الناخبين لن تحصوها بل زنوها.ثالثا: ان اسمى درجات الواجب الوطني هو احترام السلطة ومساندتها حتى ولو ضعفت لاي سبب من الاسباب.رابعا: الخلافات لا يمكن ان تستمر طويلا في الدولة لو جاء الخطأ من جهة واحدة فقط.خامسا: اذا اردنا ان نعرف آلام اهل السلطة في الدولة فعلينا ان نسأل اصحابها، اما اذا اردنا ان نعرف ملذاتها فعلينا ان نسأل اولئك الذين يسعون إلى الحصول عليها. فمتى يدرك الجميع ان آلام السلطة العادلة المسؤولة هي آلام حقيقية اما ملذاتها ومباهجها فخيالية!سادسا: يسقط الشهيد تلو الشهيد في مسلسل اجرامي ووحشي في لبنان اين منه فتك الحيوانات المفترسة في البراري والقفار! فمتى يدرك اولو الشر والقتل ان تغييب هؤلاء الشهداء ليس إلا تخليدا لحضورهم الدائم في عقول وقلوب الناس حتى الخصوم منهم، كفانا ما مررنا ونمر فيه في بلد الاشعاع والنور والمحبة من مصائب.

رجا أبو شقرا