محمد البغيلي

تعتبر المساجد المنتشرة في الأحياء السكنية وحسب تصميمها الهندسي من الأماكن الآمنة نوعاً ما، لأنها تتكون من الفناء الداخلي غير المسقوف وصحن المسجد (الصالة الداخلية للمسجد) ويتم الدخول والخروج من ثلاثة أبواب في ثلاثة اتجاهات. هذا وصف بسيط لما عليه وضعية المساجد في الوقت الحالي، ولكن المشكلة تكمن في التوسعة لهذة المساجد، كما هي الحال في مساجد كثيرة تمت توسعتها بأن يتم العمل على سقف الفناء الداخلي وتوصيلة مع الصالة القديمة، مما يجعل هناك صالتين متلاصقتين مع بعض، يتم الدخول من الصالة الجديدة الى الصالة القديمة عن طريق أبواب الدخول التي أساساً موجودة في الصالة القديمة، وحتى نيسر الأمر فسوف نسمي الصالة القديمة ( الصالة 1) والصالة الجديدة (الصالة 2). بدهياً وضع المصلين يكون في الاتجاة نحو القبلة والوقوف في صفوف متجاورين. الآن لتوضيح المشكلة يجب علينا أن نقوم بوضع احتمالات عدة مثال على ذلك نقول:ماذا لو حدث حريق في المسجد كيف يكون العمل لاخراج المصلين من المسجد؟ماذا لو حدث انبعاث الدخان من أجهزة التكييف وعن طريق الدكتات الخاصة بالتهوية؟ماذا لو انقطعت الكهرباء وفقدنا الانارة داخل المسجد فجأة؟في هذه الاحتمالات السابقة كلها يكون اخلاء المسجد من المصلين هو الاجراء الأولى ويحتل المرتبة الأولى من الأهمية، وسوف يكون الاخلاء في اتجاة واحد لجميع المصلين وهو الاتجاة نحو الأبواب الفاصلة بين الصالتين، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المصلين من فئات عمرية مختلفة وأيضاً الحالة الصحية تكون متفاوتة منهم المقعد، الأعمى، ومنهم الذي يعانى من الأمراض المزمنة مثل الضغط، السكر، الربو، أمراض المفاصل وأن المصلين في الصفوف الأولى عادة ما يكونون من كبار السن.فقط نريد أن نتخيل جميعاً ماذا يحصل لو حدث شي ما من الاحتمالات السابقة، لا سمح الله، ونحن نتواجد في المساجد لأداء صلاة التراويح في هذة الليالي المباركة من الشهر الفضيل وكذلك في صلاة القيام من العشر الأواخر، لأن هذة الصلوات تقام في الفترة المسائية، سوف يكون الأمر كالتالي اندفاع عنيف وتزاحم شديد للخروج بطريقة عشوائية لأن المسافة المقطوعة التي يحتاجها المصلون للوصول الى الخارج تكون بعيدة وهي ما تسمى «Travel Distance». ناهيك عن النتائج التي يسببها هذا الاخلاء العشوائي من تصادم وتلاحم واصابات يكون أبسطها ضيق في التنفس واعياء وأعظمها وفيات.ماذا يكون الحل؟ وهل هناك طريقة نستطيع العمل من خلالها للقيام بالاخلاء الآمن اثناء حدوث أي مكروه لا سمح الله؟ الجواب جداً بسيط ولا يوجد به أي تعقيدات فقط أرجو أن يحظى بنوع من الجدية والأخذ به على محمل الجد، وهو كالتالي:1 - بالنسبة الى الصالة رقم 1 - لماذا لا يكون بها أبواب على الجانبين لاستعمالها للطوارئ فقط، وتكون دفة الأبواب تفتح للخارج ويتم توزيع أبواب الطوارئ حسب طول الصالة، مثلا اذا كانت المسافة المقطوعة في حدود 18 متراً أو اقل يكون هناك باب واحد على كلا الجانبين، واذا كانت المسافة في حدود 45 مترا أو أكثر يكون هناك بابان، أو حسب تقدير المهندس المختص من خلال رؤيتة للحاجة أكثر من ذلك. وبهذا يستطيع المصلون في الصفوف الأولى الخروج بسلام من خلال الباب المخصص للامام، والذي يكون في المقدمة وعلى جانب المنبر وكذلك المصلون الباقون يستطيعون استخدام أبواب الطوارئ على الجانبين هذه من دون الحاجة الى التزاحم على الأبواب المؤدية للصالة رقم 2 - وهناك من يقول بأن هذا الحل لا يمكن أن يصلح للمساجد التي تم العمل والانتهاء من توسعتها وصيانتها الآن ولكنه مهم للمساجد في المرحلة المقبلة مستقبلاً.2 - بالنسبة الى المساجد التي تمت توسعتها يكون الحل في القيام بخلع الأبواب الفاصلة بين الصالتين والغائها وان أمكن القيام بازالة الجدار القائم بينهما حتى تكون صالة واحدة.3 - اذا تعذر العمل على ما تم ذكرة في البند 1 و2 أعلاه، وعليه تكون الحاجة الى تزويد المسجد باجهزة انذار الحريق. وهذا سيكون كافياً للغرض، مع العلم بأن بعض المساجد تم تزويدها ببعض المطفآت اليدوية بحدود اسطوانتين من الحجم المتوسط للمسجد الواحد ومقفل عليها بالمفتاح خوفاً من سرقتها أو العبث بها، لأنها تعتبر عهدة عند حارس المسجد!4 - أن يقوم الامام بتوضيح أماكن الخروج للمصلين والتأكد من معرفتهم للاتجاة الصحيح لأبواب الخروجلأن بعض المصلين من خارج الحي كما هي الحال مع الزوار أو عابري الطريق.5 - أن يكون هناك متطوعون من شباب المسجد والذي تقع على عاتقهم مسؤولية اخراج الناس اثناء الاخلاء، مع المامهم بطرق ومبادئ الاخلاء. ماذا عن المصلين المقعدين؟الآن هناك شيء مهم يجب التطرق لة وهو خاص بالأخوة المصلين الذين يعانون من الاعاقة، والذين لم تمنعهم اعاقتهم من الحضور الى المسجد وللقيام بأداء الصلاة كل حسب نوع الاعاقة التي يعاني منها، هل يحتوي المسجد على ما يحتاجه المعاق من امكانيات وأجهزة تساعده على الوصول الى داخل المسجد من دون الحاجة للمساعدة من الآخرين؟ مثال ذلك هل المساجد تكون مصممة بممرات خاصة لاستخدامها من قبل المقعدين الذين يتنقلون بواسطة الكراسي المتحركة وأصحاب العكازات، عوضاً عن العتبات والتي تكون بها حماية على الجانبين بالدرابزين وذات سطح خشن مانع للانزلاق. حالياً أرى بعض المساجد تحتوي عليها، ولكن تم بناؤها بطريق بدائية وذات مساحة صغيرة ومن دون حماية جانبية.ماذا عن الأماكن المخصصة لصلاة النساء والملحقة بالمسجد؟ ان الأماكن المخصصة لصلاة النساء والملحقة بالمسجد تكون اما قاطع من القماش لفصل النساء عن الرجال، واما مبنى خاص بالنساء.في كلتا الحالتين يكون المدخل الى هذة الأماكن واحداً فقط. مساحة نوعا ما كبيرة ومنطقة يتواجد بها عدد كبير بالنسبة للنساء اللواتىيواظبن على أداء الصلاة بالمسجد وفيهن الكبيرات بالسن، كيف يكون التعامل في هذا المكان بالذات أثناء الاخلاء في صالة مزودة بباب واحد فقط وحجم الباب يقل عن المترين ومن الألمنيوم ذي مقاومة ضعيفة لتحمل الحريق، ولا توجد بها مكائن للتهوية للحد من خطر انتشار الدخان، مع الأخذ بين الاعتبار بقلة الوعي للتعامل مع هذة الظروف وما يحتاجه الموقف من ضبط النفس وعدم الهلع.ان ما سبق ذكره ليس اختراعاً جديداً أو طريقة مبتكرة، ولكنها عوامل ومقومات أساسية يتم العمل بها في الكثير من بلدان العالم، والتي تجبر القائمين على المباني ذات الطابع العام، والتي يتواجد بها الناس العامة حسب الغرض المصمم له هذا المبنى بأن يقوموا بتزويد هذة المباني بما تحتاجه من تصميم وأجهزة لحماية الذين يتواجدون بهذه المبانى من خطر الحريق أو الاختناق، مع التأكد من جاهزية وملائمة هذة المباني للعمل بما يتوافق مع المواصفات القياسية سواء المحلية أو الدولية.عموماً ما أريد توضيحة هو شيء واحد، أنه يجب علينا سواء كنا أفراداً أو مؤسسات أن نكون على درجة عالية من الوعي والثقافة للتعامل مع الأخطار الناجمة من الحريق والتي للأسف يكون السبب الرئيسي لها الاهمال وعدم اخذ الحيطة والحذر. ان السلوك البشرى لة اهمية قصوى فى التأثير على نتيجة الاخلاء، حيث ان الخوف والهلع والتسرع باتخاذ القرار الفردي لة اثاره السلبية في جعل عملية الاخلاء من الصعوبة السيطرة عليها.في الحقيقة أريد أن أسجل شكري وتقديري لرجال الاطفاء الذين يقومون بانقاذ أرواحنا حتى لو تطلب منهم الأمر أن يضحوا بأرواحهم لأجلنا، فنحن نكون السبب في تعبهم ومعاناتهم نتيجة اهمالنا وتقصيرنا في حماية أنفسنا وممتلكاتنا. وكذلك تحية للسيد الفاضل اللواء جاسم المنصوري، مدير عام الادارة العامة للاطفاء، لأنه صرح منذ فترة بأنه يسعى الى اصدار تشريع جديد يلزم توفير معدات الاطفاء في السكن الخاص، فله كل الشكر على ذلك.

محمد البغيلي مهندس مكافحة ووقاية من الحريق