كتب رضا السناري

ماذا تريد لجنة السوق وإدارتها؟ لا يمكن لأحد أن يعرف طالما أن جميع القرارات يمكن أن تغطى بشبه جملة هي «من دون إبداء الأسباب».

كلما فتحت شركة باباً إلى البورصة أقفل بوجهها ألف باب، وكلما اهتدت مجموعة استثمارية إلى سبيل قانوني مشروع لإدراج واحدة من شركاتها المساهمة، تفاجأ بأن القانون يتغير.

المجموعات تركض والقانون يركض من أمامها. توضع الخطط وتنفق الملايين للاستثمار على الأسس القانونية المعلنة وحين تقترب من قطف الثمرة يهرب منها القانون، الذي بات لعبة في يد الإدارة تغيره كلما أرادت أن تقفل البورصة في وجه شركة ما، متسلحة بالقاعدة الذهبية «من دون إبداء الأسباب».

لم يقل القانون إن بإمكان الإدارة أن ترفض الإدراج من دون سبب، بل قال «دون ابداء الأسباب». ولم يكن في ذهن المشترع حينها أن الأسباب يمكن أن تتغير كل يوم، لكي لا يتاح لأي الشركة الدخول إلى السوق الرسمي، من دون ان تفصح لجنة السوق عن وجهة نظرها للرأي العام.

في اجتماع ادارة السوق الاخير، الذي عقد نهاية الاسبوع الماضي، وجد العديد من اعضاء لجنة سوق الكويت للاوراق المالية، من دون سابق انذار، حيث لم يكن مدرج على جدول اعمال اللجنة، مذكرة من ادارة السوق تطلب فيها رفض خطة دمج شركة جيزان العقارية، مع شركة الكويت القابضة، ولم بقتصر الامر على ذلك، بل ذهب الامر الى حد طلب تعميم هذا التوجه على جميع الشركات، التي تم رفض طلب ادراجها في البورصة وتسعى للاندماج او الاستحواذ على شركات مدرجة، ومن يخالف القواعد الجديدة، يتم ايقاف شركته عن التداول لمدة عام، وبعد ذلك على هذه الشركات ان تتقدم بطلب ادراج جديد، ومن حق لجنة السوق قبول او رفض الطلب، فهل هذا يعقل؟

ويبدو ان مدير السوق اراد ان يختصر المسافات على الاعضاء، مدافعا عن قرراه، بانه يمثل فزعة لمواجهة الشركات التي تربد الدخول من الشباك الى البورصة، بعد رفض طلب ادراجها من الباب، ليكون العقاب في هذه الحالة مبني على محاسبة الضمائر، في ملاحقة بعض المجاميع!

بالطبع لا احد يستطيع ان يتملص من القانون، او يطالب بان تفرط لجنة السوق يدها في التساهل مع الشركات، بيد انه من الطبيعي ان يكون لدى ادارة السوق الدافع المدروس، والمعلن وراء قرراتها، لان النتيجة وقتها، ان كل شركة رفض طلبها، ستسعى لترتيب اوراقها من جديد. بدلا من ان ترتب اوراقها نحو القضاء، فزعا من المفاجأة.

سلب للصلاحيات

رئيس مجلس ادارة شركة الصفاة للاستثمار وليد الشرهان يرى ان سوق الكويت للاوراق المالية يعيش زمن العجائب، متسائلا: هل حق الدمج او الاستحواذ يعد في حسابات ادارة السوق حرام؟.

ويقول الشرهان انه من حق ادارة السوق وضع القرارات المنظمة للسوق، بيد انه من الطبيعي في الوقت نفسه ان يعرف الجميع السبب، ويضيف ان الشركات التي تقدمت الى ادارة السوق بطلب ادراج او دمج او استحواذ او حتى لزيادة رؤوس اموالها، كان بناء على شروط معلنة، والان تغيرت، من دون ابداء الاسباب.

ويشير الشرهان الى ان المفهوم من قرارات ادارة السوق الاخيرة انها تغمز الى رغبتها في تجميد الادراجات وادواتها في سوق الكويت للاوراق المالية لمدة عامين او ثلاثة، ليبقى الحال كما هو عليه، لكن من دون افصاح، قائلا «اذا كان هذا هدفكم قولوها وخلصونا».

ويعتبر الشرهان ان مثل هذه القررات تسلب صلاحية الجمعيات العمومية للشركات، مطالبا ادارة السوق بانها اذا كانت تملك الدراسات التي اعدتها في خصوص قراراتها فعليها طرحها على سطح الطاولة، وليس على ظهرها، حتى يتمكن الجميع من رؤيتها.

قرارات مصيرية

بالرغم من ان لغة الاندماجات باتت سلاحا مشهرا في الاسواق العالمية، واصبحت اسواق المال معروضة في مزادات لحساب القطاع الخاص، الا ان الكويت مازالت تتعامل اقتصاديا بمبدأ النوايا رغم انها تحضر نفسها للانفتاح الاقتصادي، ويمكن اعتبار ذلك التوجه حسب وصف رئيس مجلس الادارة العضو المنتدب في شركة بيت الاوراق المالية ايمن بودي بانه تكميم للافواه وشل للقوى الاقتصادية في البلاد، والنتيجة توجه المجاميع المحلية نحو ادراج شركاتها في الاسواق الخارجية، عوضا عن السوق المحلي، الذي من المفترض ان يكون جاذبا للادراجات المحلية والخارجية في الوقت نفسه، ويلفت بودي الى انه كلما زادت الشركات كلما زادت ايرادات الجهات الرقابية، فلماذا الخوف؟..

ويقول انه يجب في الوقت الراهن، مواكبة الرغبة الاميرية في تحويل البلاد مركزا ماليا وتجاريا في المنطقة، وذلك يحتاج الى ان نساهم في «تشحيم» عجلة الاقتصاد الوطني، وليس وضع المكابح، التي تحد من الدوران.

ويشير الى ان المستثمر لا يحتاج الى قرارات من هذا النوع لتحميه، لانه في النهاية ذكي، ويعلم اين يستطيع وضع امواله.

ويحذر بودي من القرارات التي تصدرها ادارة السوق من دون دراسة، او استنادا الى النوايا، ويلفت الى ان اكبر الاخطاء التي يمكن ان تقع فيها الجهة الرقابية، التعامل مع اي حدث بناء على فعل او ردة فعل، اذ انه من المفترض ان يكون قرارها مدروسا، وليس ارتجاليا، لا سيما وان القرارات التي تخص الشركات تعتبر مصيرية، وقضاياها يتعين ان تكون مطروحة بعلانية، حتى لا تجر ادارة السوق الى ساحة المحكمة، وتخسر وقتها بعد فوات ويشير بودي الى ان سوق الكويت للاوراق المالية مكتمل القوانين، ويتعين التروي في اصدار قرارته، لخدمة المرحلة الحالية التي يمر بها الاقتصاد العالمي من عولمة واندماجات.

ورغم انه من حق الشركات الاستثمارية،وهذا من اساسيات نشاطها البيع والشراء، الا ان موقف ادارة السوق في خصوص الاندماج والاستحواذ، املا في الادراج يتعارض مع هذا الحق، حسب قول احد قيادي المجاميع الاستثمارية، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لا سيما وان عين السوق باتت تترقب خطوة مماثلة من مجموعته على غرار التوجه نحو اندماج «جيزان» والكويت القابضة». ويؤكد هذا القيادي ان القانون لا يعارض ان تقوم الشركات الاستثمارية بالقيام بنشاطها، ويلفت الى انه اذا كان القانون كذلك، فعلى الجهات الاستثمارية التي ترغب في التوسع على غرار الشركات الكبرى، والبنوك مثل «الوطني» والتجاري» و«بيتك»، الدوران في دائرة مغلقة، وعدم التوجه الى التوسع، او تكوين كيانات كبرى.

ويقول، لماذا تتمسك ادارة السوق بقرارت تخالف التطورات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، ويضيف انه من القانون يطالب الشركات ان تخطر ادارة السوق بعملياتها الاستثمارية التي باتت على نار حامية حسب وصفه،حفاظا على الشفافية، على غرارالية اخطار البورصة ببيانات الشركات عن ارباحها، وليس من حق ادارة السوق ان تعترض، على قرار الشركات في الاستثمار، وفقا للقانون، والتي ياتي ضمنها خيار الدمج والاستحواذ، خصوصا وان عكس ذلك هو ما يتعارض مع القانون.