يعقوب احمد الشراحتعكس المؤشرات السياسية والعسكرية في المنطقة تحركاً دوليا يبدو أنه يسير في اتجاه مواجهة عسكرية لا يعلم عواقبها الا الله. الأميركيون قلقون من النشاطات الإيرانية ويرون ضرورة في اتخاذ تدابير عسكرية ضد ايران بعد ان انسدت كل الطرق السابقة لاحتواء الملف النووي الإيراني ووقف نشاطاتها في العراق ولبنان، بل وايجاد ارضية للتفاوض أو التفاهم في شأن قضايا حيوية منها الملف النووي الذي أنهك وكالة الطاقة الذرية في محاولاتها اليائسة لوقف تخصيب اليورانيوم، وعدم الاستمرار في النشاطات النووية.
لا شك ان التهديد العسكري الأميركي لإيران ليس في صالح احد، خصوصاً دول الخليج التي تربطها بإيران مصالح مشتركة سكانية وجغرافية وتجارية وتاريخية وغيرها تماماً مثلما يرتبط الخليج بأميركا بعلاقات سياسية وأمنية واقتصادية لا ينبغي زعزعتها تحت أي ذريعة سياسية او عسكرية او اقتصادية او غيرها.
لقد حاولت دول الخليج مع ايران ابعادها عن تكرار الوقوع في المصيدة التي وقعت فيها العراق عندما أقدم على الحرب بكامل ارادته فكانت التداعيات التي مازالت إلى الآن يعيش مراراتها ليس العراق وحده وإنما سائر دول المنطقة ورغم معرفتنا بأن الأوضاع في ايران والعراق مختلفة، وعلى جبهات متعددة، الا ان الأعمال العسكرية واحدة من حيث انعكاساتها التي لا تستثني احداً من الخسائر في الأرواح والممتلكات، وحجم الدمار الهائل الذي تظل ايران تعاني منه في حال سريان مفعول العمل العسكري وامتداده إلى كل ما هو قريب من الأراضي الإيرانية، فضلاً عن ان الحرب لا تؤدي إلى دمار يعاني الناس منه فقط، وانما ايضاً معاناة الناس من أهواله تظل سارية لأعوام طوال.
بإمكان ايران ان توقف نشاطاتها النووية غير السلمية، وتؤكد على ذلك عبر وكالة الطاقة الذرية، وتقطع الأهداف الأميركية في العمل العسكري، وتبين للعالم أنها صادقة في نشاطاتها النووية السلمية، وأنها لا تتحدى أحداً أسوة بما قامت به كوريا الشمالية التي علقت كل نشاطاتها الآن، وطلبت من كل الخبراء والمختصين في المجال النووي ان يأتوا لمشاهدة مفاعلاتها التي كما تقول اليابان والصين من ان كوريا أقدمت فعلاً على تفكيك هذه المفاعلات، مقابل معاهدة سلام وعدم اعتداء عليها من أميركا.
أملنا في أن تبتعد ايران عن كل ما يؤدي إلى نشوب الحرب في المنطقة، خصوصاً وان الخليج خاض حربين بسبب سوء تصرفات صدام وزمرته، فكانت الحرب الخليجية الأولى بين العراق وإيران ادت إلى خسائر هائلة في الأرواح والمنجزات، ثم جاءت الحرب الخليجية الثانية فدخلت جيوش العالم إلى المنطقة لتحرير الكويت وما استتبع ذلك من ملاحقة صدام وزمرته وتحرير العراق من براثن نظام «البعث» لكن تداعيات هذه الحروب مازالت قائمة يعاني منها الجميع.