نعرض اليوم لكتاب جديد من الكتب التي اصدرها مكتب الشؤون الفنية بقطاع المساجد بوزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت والذي هو بعنوان: «شرح منظومة الآداب الشرعية» للإمام موسى بن احمد الحجاوي، وهو كتاب يجمع فوائد جمة، واحكاما شرعية مهمة، ويشرح كثيرا من الحكم والمأثورات الحميدة، وهو من الكتب النافعة المفيدة، لا يستغني عنه طلاب العلم، وكذلك عموم الدعاة والقائمين على وعظ الناس وتذكيرهم وارشادهم، واوسع الشرائح انتفاعا به الائمة والخطباء.
محاسن الشريعةان الناظر في محاسن الشريعة الإسلامية، وما احتوته من آداب شرعية، واخلاق مرعية، ليدرك - حتى وان كان مخالفا لها، شاردا عن منهجها، معرضا عن الاعتقاد بها - انها من تنزيل خالق هذا الانسان، العالم بمكونات فطرته، والخبير بخبايا نفسه.ذلك انها لم تترك ادبا من آداب جسمه، او خلقا من اخلاق ذاته، او نزعة من نزعات نفسه، او ميلا من ميول نزواته، إلا وبينت كيف يتعامل هذا الإنسان معه.فإن كان خيرا وبرا: دعت اليه، وحضت النفس عليه، ورغبت فيه، واقامت الثواب الجزيل لمن اتى به.وان كان شرا: نفرت منه، وكرهت النفس له، ورهبت من اتيانه، وتوعدت بالعقاب الأليم من اقترفه واصر عليه، لكن فتحت باب التوبة لمن احب الاوبة.> فتأمل في مجال السلوك العملي للإنسان، كيف دعته إلى صيانة جوارحه عما نهى الله تعالى عنه.- فمن ذلك: حفظ اللسان، فإن من ملك لسانه، فقد ملك امره واحكمه وضبطه، ومن ارسل لسانه يعبث كيف شاء، فقد ساق نفسه للمهالك، ولذا كانت حصائد الالسن اكثر ما يدخل الناس النار، فإن الانسان يزرع بقوله وعمله الحسنات والسيئات، ثم يحصد يوم القيامة ما زرع فمن زرع خيرا من قول او عمل، حصد الجنة والكرامة ومن زرع شرا من قول او عمل، حصد النار والندامة.وآفات اللسان كثيرة لا يحصرها عاد، منها: الشرك بالله، وشهادة الزور، والسحر، والقذف، والكذب، والغيبة، والنميمة، والمدح المذموم، وافشاء السر، والفحش في القول، والبذاءة في المنطق، والسخرية، والهزء، واللعن، وغيرها.ومن ذلك: غض البصر، لأن اطلاقه من اوسع مداخل الشيطان، والبصر شهوة ممتدة لا تشبع ولا ترتوي ولا تكف، وفضول النظر وتركه على غاربه باب مباشر للمعصية، فإن من اطلق بصره، كان ذلك رسول فرجه للزنا والفاحشة، لأن النظر يدعو إلى استحسان المنظور اليه، ووقوع صورته في القلب، ثم يتلو ذلك فكر في النظر، فيتلوه داع إلى الفعل لا ينفك عن صاحبه حتى يوقعه في المحظور.ولم تترك الشريعة امر النظر بحكم عام: حلال او حرام، وانما فصلت انواع النظر، من نظر واجب او مستحب او مباح او مكروه او حرام، فلكل نظرة حكم خاص بها.- ومن ذلك: حفظ الفرج، فدعت الشريعة إلى العفة والنقاء والطهر، فحرمت الزنا واللواط والسحاق، وكل طريق لإشباع الشهوة خارج حدود الزواج، ولم تترك الامر - كالرهبانية - مكبوتا، ولم تلزم الانسان عنتا، وانما قالت له: تمتع! لكن بالحلال المباح من زوجة او امة.- ومن ذلك: حفظ البطن، فدعت إلى عدم الاسراف في الطعام، وعدم الشبع المفرط، وعدم الاكثار من الاصناف المأكولة سرفا وكبرا، واعطت الإنسان حقه: كل وتلذذ وتقو، لكن بحدود المباح النافع.> ورتبت الشريعة ادبا لكل حركة من حركات الإنسان، فهناك: آداب السلام، واللقاء، والاستئذان، والعطاس، والتثاؤب، والمشي، والحركة، والطعام، واللباس، والنوم.... الخ.وهناك آداب مع الناس: كالأمر بالمعروف، او النهي عن المنكر، وآداب اخرى مع الحيوان والجماد: كالرفق به، وعدم تعذيبه... الخوهكذا لكل عمل ادب، ولكل ادب حث او نهي، ولكل ذلك ثواب او عقاب.
كتاب نافعوهذا الذي بين يديك - اخي القارئ الكريم - كتاب نافع ممتع، يجول بك جولة مختصرة مهذبة في آداب الشريعة عموما، مستدلا بكتاب الله تعالى، ثم بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ثم بأقوال السلف الصالح - رضي الله عنهم - ثم بآراء المذاهب الفقهية، وبخاصة مذهب الامام احمد بن حنبل - رحمه الله تعالى -.وهو عبارة عن شرح لمنظومة مشهورة في الآداب الفها الامام العلامة شمس الدين محمد بن عبدالقوي بن بدران المرداوي المقدسي، احد مشاهير علماء الحنابلة في القرن السابع الهجري، المتوفى سنة 699 - رحمه الله تعالى -.وهذه المنظومة مشتملة على 185 بيتا، ابتدأها ناظمها بالحمدلة والصلاة - كعادة الناظمين - ثم اتبعها بذكر الآداب الشرعية، مرتبة ترتيبا جيدا، لكنه غير منظم على نسق واحد.وقد هيأ الله تعالى لها امام الحنابلة في عصره العلامة الفقيه موسى بن احمد الحجاوي - رحمه الله تعالى - فاطلع عليها، فلم ير احدا نشط إلى شرحها، مع كثرة المشتغلين بها وبدرسها في عصره، فاستخار الله تعالى وشرع في جمع شرح لها يبين مشكلها ويوضح به دلائلها واضاف اليها بعض مسائل من غيرها بعد ذكر مسألة الكتاب اذا كان الحكم يشبهها او يلحقها، او كان حقه ان يذكر في ذلك المحل، مما لا يستغني عنه المعتني بها.وقد نص على ان مصدره الاساسي في تأليف هذا الشرح هو: كتابا الامام ابن مفلح المقدسي الحنبلي، وهما: «الآداب الشرعية الوسطى» و«الآداب الشرعية الصغرى» وذلك قبل ظفره بكتاب «الآداب الشرعية الكبرى».وقد جاء هذا الشرح حافلا بالنصوص، موشى بالاقوال، مزينا بالروايات والوجوه بهجة للناظرين، ومتعة للقارئين.
ملكة وعظيةان مكتب الشؤون الفنية يهدف من وراء هذا الاصدار إلى الاهداف التالية:-1 التركيز على مدى عناية الوزارة بالوعظ والارشاد اذ هو بوابة نجاح الامام والخطيب في تعامله مع الناس فأكثر عمل الامام والخطيب انما هو وعظ الناس وارشادهم، ومحاولة هدايتهم، فإذا لم يكن مستعدا لذلك، لم يحالفه التوفيق في دعوته، واذا استعد بقراءة امثال هذه الكتب النافعة، كتب له - باذن الله تعالى - التوفيق وتمام النجاح.-2 حث الائمة والخطباء على مزيد من العناية بقراءة الكتب النافعة ودوام مطالعتها ليتسنى لهم تكوين ملكة وعظية وارشادية شرعية تمكنهم من سلامة التعامل مع الناس على اختلاف شرائحهم وانواعهم الملتزم منهم والمقصر على السواء.كما ان مكتب الشؤون الفنية يحرص دائما على اقتناء كل مفيد وجديد من الكتب الشرعية النافعة، وتوزيعها على الدعاة وطلبة العلم، وعلى الائمة والخطباء تواصلا معهم واثراء لمعلوماتهم واعانة لهم على ما تحملوا من امانة الكلمة وابلاغ الرسالة، وزادا علميا لهم لما اشتملت عليه هذه المصنفات من الفوائد العلمية والآداب المرعية.
محتويات الكتابهذا الكتاب قام بضبطه وتحقيقه وتخريجه الشيخ نور الدين طالب، وطبعته مطبعة «دار الانوار» ويقع في 640 صفحة من القطع المتوسط، ويشتمل بين دفتيه على: المقدمة، ترجمة المؤلف، صور المخطوطات ثم النص المحقق ويشتمل على: مقدمة المؤلف، اداب الجوارح، اداب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، اداب السلام واللقاء والاستئذان، صلة الارحام وبر الوالدين، آداب الحمام، آداب قراءة القرآن، آداب عامة، آداب الطبابة، الآداب مع الحيوان، آداب الطعام والمنام واللباس، آداب اللباس، آداب التوبة، ثم الخاتمة.واخيرا فهو كتاب قيم نافع لطلبة العلم والدعاة وهو اثراء واضافة جديدة للمكتبة الإسلامية، فجزى الله جميع من ساهموا في اصداره خيرا.