| منى فهد عبدالرزاق الوهيب |
لقد خُلقنا لنفوز، فلنبدأ من النهاية لنفلح ونفوز، كلنا يعلم بأن الحياة تشبه الصدى، ما نقدمه لها يعود إلينا، وما نزرعه نحصده، وما نراه في الآخرين هو ما يوجد لدينا، إن كنا نبحث عن أفضل طريقة لحصد أكثر وأفضل المكافآت في جميع مجالات الحياة، فينبغي علينا أن نبحث عن الخير في كل موقف نمر به.
ربما كانت طريقة البداية من النهاية غير عادية ويراها البعض شاذة، ولكننا نؤمن بأن الفلاح والفوز يأتي عند بدء نهاية الأفكار السلبية، والأفعال غير الإيجابية، وردود الأفعال السلبية، ونهاية الانهزامية والقنوط هي بداية القناعة بأننا نستحق كل ما هو أفضل، ونهاية التأثر بالأشخاص السلبيين التافهين، هي بداية انتعاشنا وتخلصنا من تصلب وتجلط المواقف الفكرية والسلوكية.
إن معظم الناس يفكرون بمنطق النهاية، ولأنك مختلف ومتميز، ولك ذاتك المستقلة، وتدرك أنه لم يكن ولن يكون هناك شخص مثلك، ستعرف الحقيقة عن نفسك وعن الأشياء الأخرى أيضا، وستفكر بمنطق بداية النهاية للسلبيات الفكرية والشعورية والسلوكية، وستنظر للحياة بأنها صفقة رابحة فعليك أن تستثمر أرباحها، عندما تسعى جاهدا لتوليد المقدرة من الهمة وتوليد الهمة من احتساب النوايا التي هي أساس وعماد كل عمل، بحسب قدراتك وإمكاناتك التي ملَّكَك الله إياها.
إن السعادة ليست متعة، بل هي فلاح ونصر، وما أجمل شعور الفلاح والفوز بشهر رمضان، شهر الحقيقة، شهر يعرينا ويكشف كل ما لدينا من طاقات سلبية وإيجابية، وأفكار سوية وغير سوية، وسلوكيات مرغوبة وغير مرغوبة، فهو فرصتنا التي لا تعوض لنبدأ من النهاية، نهاية ذاتنا القديمة، وطريقة حياتنا التقليدية، المملوءة بالتحبيط والتثبيط لذاتنا ومقدرتنا من خلال صورتنا الذهنية التي هي أفكارنا، رسمناها للأشياء في أذهننا ومخيلتنا، بداية نهاية أن رمضان ضغوط متتالية، وسهر بالليل ونوم بالنهار، وتجنب الملهيات في هذا الشهر العظيم لنفلح ونفوز بمكافآت الله لنا عندما نحتسب الأجور ونستثمر النوايا، رغبةً وإرادةً منا بما عند الله من مكافآت وجوائز أعدها لنا أعظمها وأعلاها جنات عرضها السموات والأرض.
رمضان صفقتنا الرابحة مع الحياة إن بدأنا من نهاية حياة العجز والكسل والخمول، كل ما علينا هو وضع أهدافنا لرمضان والسعي لتحقيقها، فليكن لدينا عدة أهداف منها ما هو.. اجتماعي، قيمي، تربوي، أخلاقي، روحاني، أسري، مهاري، وغيرها من أهداف، لأن الهدف يفتح أذهاننا، ويستثير خيالنا، ويجعلنا دائمين التفكر بكيفية بلوغ أهدافنا، كما أن الهدف يستنهض فضولنا ويعيننا على التحسين والتغيير عن وضعنا الراهن لنبحث عما هو أفضل وأرقى، ولن يتم ذلك إلا بوضع خطة زمنية ترتب أولوياتنا وتساعدنا على تحقيق أهدافنا، وحتى لا نصبح جزءاً من خطط الآخرين، هذه الآليات خير معين لنا من بعد الله على توثيق علاقتنا بأنفسنا وعقد صلح دائم معها، ومع محيطنا بما يتلاءم مع قدراتنا وإمكاناتنا النفسية والشعورية.
الحقيقة هي أحد أركان الحياة الإنسانية، ورمضان حقيقة وصفقة رابحة مع الحياة، فلنجعل من رمضان نظاماً لحياتنا، بالبدء من نهاية حياة التوهم والظن التي كنا نعيشها، ونتعاهد أنفسنا بأن ننقل خبرات صفقتنا مع رمضان إلى ما بعد رمضان وتكون هذه التجربة والحنكة والخبرة هي صفقتنا الرابحة مع الحياة.


m.alwohaib@gmail.com
twitter: @mona_alwohaib