أرأيت إن أخبرنا انسان بأنه قد شاهد جيشا كبيرا خلف الوادي يستعد للإغارة على بلادنا وأنه يتقدم ببطء ولكن بخطوات ثابتة، فهل نتصرف ببرود ونقول له بأننا لسنا واثقين مما يقول، او نقول له: كذبت، فليس هناك عدو يريد ان يغير علينا؟!
لا أدري لماذا نتصرف أمام التحذيرات المتكررة لنا من عاقبة التسويف والتأجيل والمماطلة في معالجة الاختلالات الكبيرة في الميزانية والتي تطوع بتقديمها لنا جميع المطلعين على عواقب الامور، ولم تأت تلك التحذيرات من فراغ وانما من حسبة بسيطة يستطيع كل انسان ان يقوم بها بسهولة ان الزيادة الجنونية في حجم الانفاق السنوي وزيادة عدد السكان وما يصاحبها من زيادة في عدد الوظائف المتوقعة مع الاعتماد على مصدر واحد للدخل ليس له أمان، هذه المعطيات تحتم بأن نصل إلى نقطة الافلاس والوقوع في العجز المالي الرهيب بأسرع مما نتوقع!!
ونحن لا نطلب من الحكومة او المجلس المقبل اتخاذ اجراءات تقشفية صارمة و موجعة لكي نتغلب على ذلك العجز المرتقب ولكن كل ما نطلبه هو حسن التخطيط ووقف الهدر، وللاسف بأن جميع مجالس الامة المتعاقبة منذ عشرين عاما وحتى اليوم تتسابق على المزيد من الانفاق وتبديد الفائض في الميزانية، وللاسف ان الحكومة قد زايدت على المجالس في تبديد الاموال وتوزيعها بعكس ما يرسمه لها مخططوها، ان المطلوب اليوم من الشعب هو ان يأخذ زمام المبادرة بأن يختار نوعية من النواب لا يهمهم كسب الشعبية ودغدغة مشاعر الناس وانما الحرص على قيادة دفة البلاد نحو بر الأمان.
ولكي يتحقق الانجاز المطلوب فان السلطة لابد لها ان تختار حكومة يكون برنامجها شبه الوحيد للمرحلة المقبلة هو التخطيط لانقاذ الكويت من الكارثة المقبلة، وان تختار وزراء من التكتلات النيابية التي تضع لها برنامجا واضحا للانقاذ أو من النواب الذين يمثلون تلك التكتلات، ثم تقدم خطة واضحة للمجلس خلال الاربع سنوات المقبلة وبرنامج عمل متكاملا مع تعهدها أمام البرلمان بأن يتم تنفيذه او الاستقالة الكاملة للحكومة.
هذا البرنامج الذي ذكرناه هو نفس النظام الحزبي في الدول الديموقراطية وهو سر نجاحها، بالطبع سيبقى في المجلس عشرات النواب ممن لا يخضعون لذلك البرنامج والذين جاءوا إلى المجلس بهدف التكسب وتنفيع المحسوبين عليهم، وهؤلاء يمكن للحكومة ان تغلق صنبور الماء عنهم وتضيق عليهم عن طريق وقف انجاز المعاملات وتسهيل الامور لهم بحيث تجعلهم يفشلون شعبيا فيضطرون للحــــاق بالفــــئة التي تنشــــد الاصلاح.
لقد استطاع مجلس 1992 ان يحقق جزءا من تلك الخطة وان يحقق نجاحات كبيرة ولكن لضيق صدر الحكومة بالمجلس وسعيها لافشاله وكذلك لنمو نفوذ التكتلات المشاغبة وسعيها للاستئثار بالغنائم اضافة إلى بروز الخلافات حتى بين الفئات الاصلاحية وتنافرها، كل ذلك عجل بفشل الخطة الاصلاحية، ثم عاشت الكويت مرحلة التدهور والتخبط لاكثر من عقدين من الزمان، بل كانت السنوات الست الماضية هي قمة الرسوب على جميع مستويات التخطيط والتدبير بالرغم من زيادة الفوائض المالية التي غطت على الواقع الاليم.
حلم الدكتور العجيري
ذكر الدكتور صالح العجيري - حفظه الله - ضمن طرائفه التي تمثل الواقع قصة للكويت، في القرن المقبل، حيث يسير اثنان من المواطنين على شاطئ البحر ويقول الاول للثاني: سامح الله آباءنا فقد بددوا جميع ثرواتنا ولم يتركوا لنا شيئاً!! قال له الآخر، إذاً ما الحل؟! قال الأول: ليس لنا إلا أن نجفف ماء البحر لنستخرج منه الملح ثم نبيعه على دول العالم، هذا اذا اشتراه أحد منا!!
يبدو بأن حلم العجيري سيتحقق بأسرع بكثير مما توقعه وعسى الله تعالى أن يستر!
د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com
لا أدري لماذا نتصرف أمام التحذيرات المتكررة لنا من عاقبة التسويف والتأجيل والمماطلة في معالجة الاختلالات الكبيرة في الميزانية والتي تطوع بتقديمها لنا جميع المطلعين على عواقب الامور، ولم تأت تلك التحذيرات من فراغ وانما من حسبة بسيطة يستطيع كل انسان ان يقوم بها بسهولة ان الزيادة الجنونية في حجم الانفاق السنوي وزيادة عدد السكان وما يصاحبها من زيادة في عدد الوظائف المتوقعة مع الاعتماد على مصدر واحد للدخل ليس له أمان، هذه المعطيات تحتم بأن نصل إلى نقطة الافلاس والوقوع في العجز المالي الرهيب بأسرع مما نتوقع!!
ونحن لا نطلب من الحكومة او المجلس المقبل اتخاذ اجراءات تقشفية صارمة و موجعة لكي نتغلب على ذلك العجز المرتقب ولكن كل ما نطلبه هو حسن التخطيط ووقف الهدر، وللاسف بأن جميع مجالس الامة المتعاقبة منذ عشرين عاما وحتى اليوم تتسابق على المزيد من الانفاق وتبديد الفائض في الميزانية، وللاسف ان الحكومة قد زايدت على المجالس في تبديد الاموال وتوزيعها بعكس ما يرسمه لها مخططوها، ان المطلوب اليوم من الشعب هو ان يأخذ زمام المبادرة بأن يختار نوعية من النواب لا يهمهم كسب الشعبية ودغدغة مشاعر الناس وانما الحرص على قيادة دفة البلاد نحو بر الأمان.
ولكي يتحقق الانجاز المطلوب فان السلطة لابد لها ان تختار حكومة يكون برنامجها شبه الوحيد للمرحلة المقبلة هو التخطيط لانقاذ الكويت من الكارثة المقبلة، وان تختار وزراء من التكتلات النيابية التي تضع لها برنامجا واضحا للانقاذ أو من النواب الذين يمثلون تلك التكتلات، ثم تقدم خطة واضحة للمجلس خلال الاربع سنوات المقبلة وبرنامج عمل متكاملا مع تعهدها أمام البرلمان بأن يتم تنفيذه او الاستقالة الكاملة للحكومة.
هذا البرنامج الذي ذكرناه هو نفس النظام الحزبي في الدول الديموقراطية وهو سر نجاحها، بالطبع سيبقى في المجلس عشرات النواب ممن لا يخضعون لذلك البرنامج والذين جاءوا إلى المجلس بهدف التكسب وتنفيع المحسوبين عليهم، وهؤلاء يمكن للحكومة ان تغلق صنبور الماء عنهم وتضيق عليهم عن طريق وقف انجاز المعاملات وتسهيل الامور لهم بحيث تجعلهم يفشلون شعبيا فيضطرون للحــــاق بالفــــئة التي تنشــــد الاصلاح.
لقد استطاع مجلس 1992 ان يحقق جزءا من تلك الخطة وان يحقق نجاحات كبيرة ولكن لضيق صدر الحكومة بالمجلس وسعيها لافشاله وكذلك لنمو نفوذ التكتلات المشاغبة وسعيها للاستئثار بالغنائم اضافة إلى بروز الخلافات حتى بين الفئات الاصلاحية وتنافرها، كل ذلك عجل بفشل الخطة الاصلاحية، ثم عاشت الكويت مرحلة التدهور والتخبط لاكثر من عقدين من الزمان، بل كانت السنوات الست الماضية هي قمة الرسوب على جميع مستويات التخطيط والتدبير بالرغم من زيادة الفوائض المالية التي غطت على الواقع الاليم.
حلم الدكتور العجيري
ذكر الدكتور صالح العجيري - حفظه الله - ضمن طرائفه التي تمثل الواقع قصة للكويت، في القرن المقبل، حيث يسير اثنان من المواطنين على شاطئ البحر ويقول الاول للثاني: سامح الله آباءنا فقد بددوا جميع ثرواتنا ولم يتركوا لنا شيئاً!! قال له الآخر، إذاً ما الحل؟! قال الأول: ليس لنا إلا أن نجفف ماء البحر لنستخرج منه الملح ثم نبيعه على دول العالم، هذا اذا اشتراه أحد منا!!
يبدو بأن حلم العجيري سيتحقق بأسرع بكثير مما توقعه وعسى الله تعالى أن يستر!
د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com