من بين كل ما قالته المعارضة حول رفضها لحكم المحكمة الدستورية، لم أجد الا نقطة واحدة تستحق الاهتمام والتوقف عندها وهي كلمة الأخ أحمد السعدون: «اننا نمر بحالة ليس وراءها سوابق في الكويت وهي إبطال المجلس في فبراير 2012 ثم مجلس ديسمبر 2012، رغم موقفنا منه، فنحن نتحدث عن الإبطال بحد ذاته نتيجة اخطاء اجرائية من قبل الحكومة»، وتساءل السعدون «ان كانت الحكومة ترتكب مثل هذه الاخطاء التي تؤدي إلى الغاء ارادة الامة، هل تؤتمن على امر في المستقبل؟!».
ونحن نكرر سؤال السعدون على الملأ: كيف يمكن ان نأتمن الحكومة على هذا البلد ونحن نرى مثل تلك الأخطاء الكارثية تتكرر على جميع المستويات فلم نكد نفيق من حل مجلس 2009 والدعوة إلى انتخابات جديدة حتى جاءتنا صدمة حل مجلس 2012 المبطل بسبب اخطاء لادارة الفتوى والتشريع.
بعدها رفعت الحكومة طلبا إلى المحكمة الدستورية تطلب منها الرأي في نظام الخمس دوائر وذلك طمعا في ان تبطل المحكمة نظام الاربعة اصوات، فلما رفضت المحكمة الطعن في دستورية النظام الانتخابي دعت الحكومة إلى الانتخابات بنظام الصوت الواحد، وعاش البلد اياما عصيبة وتحديات واجراءات امنية مشددة وقمعا للمعارضة ثم محاكمات مستمرة وقضايا أشغلت البلد واستنفدت طاقات الجميع.
بعدها اشغلتنا الحكومة بموضوع شركة «الداو» ودفع الغرامة الخيالية، واحالت جميع القيادات النفطية إلى التقاعد، اما القيادات الحكومية التي اتخذت القرارات الكارثية فقد سجلت القضايا التي تخصها ضد مجهول!!
ولم يكد ينطوي ذلك الملف بما فيه من آلام حتى استيقظنا على صراخ نواب مجلس 2013 الذين ضحكوا على مجلس 2012 المبطل واستهزأوا عليه حيث صفوا وراءهم في الدور ليشكلوا المجلس الثاني المنحل خلال سنة واحدة، واللوم كالعادة يقع على الطليان!! اما جهابذة القانون والفقه الدستوري من حاملي الالقاب الكبيرة فقد تبين بأنهم لا يفقهون أبجديات الدستور!!
واليوم نحن نتوجه إلى مرحلة جديدة نتمنى من الله تعالى ان تكون افضل من سابقتها، ولكن النفوس مازالت مثخنة بجراح آلام الماضي، وذكرياته المريرة، كما ان القيادات التنفيذية والقانونية التي اوقعتنا في ذلك الفخ مرارا مازالت على رأس عملها وتعمل دون ان يمسها شيء او يحاسبها أحد!
ان المطلوب من السلطة ان تتبنى الشفافية في المرحلة المقبلة وان تسعى لطي صفحة الماضي ولا بد لها ان تعيد الثقة في نفوس الناس قبل ان تبادر إلى اي خطوة ايجابية، وكما قيل فإن ضربتين في الرأس توجع فكيف بعشرين ضربة في كل مكان في الجسم؟!


د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com