| محمد موسى صالح |
عندما استعرت حروب العرب العظيمة كالبسوس وداحس والغبراء... تورّط فيها العديد من قبائل العرب وبطونها، بالإضافة إلى انجرار زعمائها إلى العصبيّة القبلية والنعرات البغيضة، فكثر القتل وانتهكت الحرمات واستُنزِفت الموارد ودام الاقتتال في بعض تلك الحروب لسنوات بل ولعقود، قبل أن يستقرّ الحال وتضع الحرب اوزارها مخلّفةً ورائها الثكالى واليتامى.
وكان لافتاً أن عقلاء وحكماء العرب ممن سعى إلى اصلاح ذات البين بين أطراف النزاع وفرقاء الاحتراب، هم من خلّدهم التاريخ بالذكر الحسن والقول الطيب، فقد اشترك ثعلبة العبدي (الذي حظي بعد ذلك بلقب المُصلح) مع قيس بن شرحبيل في اصلاح ذات البين بين الحيّين المتحاربين من وائل وهم بكر وتغلب وانتهت بذلك حرب البسوس التي دامت زهاء اربعين عاما.. وفي ذلك يفخر الشاعر عائذ العبدي المعروف بالمثقّب بجده «المصلح» فقال:
أبي اصلح الحيين بكراً وتغلبا...
وقد ارعشت بكرٍ وخفَّ حلومها
وقام بصلحٍ بين عوفٍ وعامرٍ..
وخطةَ فصلٍ ما يُعابُ زعيمها
وقيل ان عمر بن هند أحد ملوك الحيرة كان له دور في عقد هذا الصلح.
كما ذكر التاريخ كلاً من هرم بن سنان والحارث بن عوف المريّان لفضلهما في انهاء حرب داحس والغبراء التي نشبت بين بني العمومة عبس وذبيان بعد أن حُملت عنهم الديّات فكانت ثلاثة آلاف بعير، وقد خلّد زهير بن أبي سلمى هذا الموقف من هرم والحارث بمدحهما في معلّقته الشهيرة والتي منها:
اقسمتُ بالبيت الذي طاف حولهُ..
رجالٌ بنوهُ من قريشٍ وجُرهُمِ
يميناً،لَنِعمَ (السيدانِ) وُجِدتُما..
على كل حالٍ، من سحيلٍ ومُبرمِ
(عظيمين)، في علُيا مَعد، هُدِيتُما..
ومن يستَبِح كنزاً من المجدِ يُعظَمِ
هذان مثالان من حروب العرب العظيمة التي ربّما ما كانت لتنتهي إلى ما انتهت عليه من الحفاظ على المقدّرات وحفظ الأرواح لولا تدخّل المصلحين من عقلاء العرب وحكمائهم.
من خلال مرور عابر على تعليقات المغرّدين والمعلقين على أي موضوع أو وسم يتعلق بسورية وحزب الله والقصير وغيرها من العناوين ستجدها باتت مرتعاً للشتائم والسباب وتداولا لعبارات طائفية وعصبية مستهجنة ومنفّرة تعرف من خلالها عِظَم الشق الذي حصل في نسيج الأمة العربية والإسلامية بشكلٍ لم يحدث ربما طوال تاريخ هذه المنطقة سببه عدم المعالجة العاقلة والحكيمة من قبل الدول العربية لما يحدث في سورية..
الحرب الأهلية في سورية ما كانت لتبدأ لو ضغط الزعماء العرب الذين يمسكون بزمام الملف السوري كي يجلس أخوة الوطن الواحد لمنع نزيف الدم وأن يتم تقريب المواقف بين المتخاصمين قبل أن تنفلت الامور ويقع المحظور من اقتتال الأخوة الذي جرّ البلد إلى الدمار.. وبرغم مرور سنتين على اندلاع الحرب مازالت الدول الماسكة بالملف السوري تجنح إلى تأجيج نار الحرب، ودخل من دخل من مريدي الجهاد و ذوي المصالح من القوى الاقليمية والعالمية ليزداد المشهد تعقيداً ودماراً..
كم هُمُ العرب بحاجة لقائد حكيم كمثل الشيخ زايد آل نهيان رحمه الله الذي كانت له مواقف مشهودة في تليف القلوب وتقريب المواقف عند اشتداد الفتن بين الدول حاز بسببها على لقب حكيم العرب.. كم نحنُ نفتقدك يا زايد!.
عندما استعرت حروب العرب العظيمة كالبسوس وداحس والغبراء... تورّط فيها العديد من قبائل العرب وبطونها، بالإضافة إلى انجرار زعمائها إلى العصبيّة القبلية والنعرات البغيضة، فكثر القتل وانتهكت الحرمات واستُنزِفت الموارد ودام الاقتتال في بعض تلك الحروب لسنوات بل ولعقود، قبل أن يستقرّ الحال وتضع الحرب اوزارها مخلّفةً ورائها الثكالى واليتامى.
وكان لافتاً أن عقلاء وحكماء العرب ممن سعى إلى اصلاح ذات البين بين أطراف النزاع وفرقاء الاحتراب، هم من خلّدهم التاريخ بالذكر الحسن والقول الطيب، فقد اشترك ثعلبة العبدي (الذي حظي بعد ذلك بلقب المُصلح) مع قيس بن شرحبيل في اصلاح ذات البين بين الحيّين المتحاربين من وائل وهم بكر وتغلب وانتهت بذلك حرب البسوس التي دامت زهاء اربعين عاما.. وفي ذلك يفخر الشاعر عائذ العبدي المعروف بالمثقّب بجده «المصلح» فقال:
أبي اصلح الحيين بكراً وتغلبا...
وقد ارعشت بكرٍ وخفَّ حلومها
وقام بصلحٍ بين عوفٍ وعامرٍ..
وخطةَ فصلٍ ما يُعابُ زعيمها
وقيل ان عمر بن هند أحد ملوك الحيرة كان له دور في عقد هذا الصلح.
كما ذكر التاريخ كلاً من هرم بن سنان والحارث بن عوف المريّان لفضلهما في انهاء حرب داحس والغبراء التي نشبت بين بني العمومة عبس وذبيان بعد أن حُملت عنهم الديّات فكانت ثلاثة آلاف بعير، وقد خلّد زهير بن أبي سلمى هذا الموقف من هرم والحارث بمدحهما في معلّقته الشهيرة والتي منها:
اقسمتُ بالبيت الذي طاف حولهُ..
رجالٌ بنوهُ من قريشٍ وجُرهُمِ
يميناً،لَنِعمَ (السيدانِ) وُجِدتُما..
على كل حالٍ، من سحيلٍ ومُبرمِ
(عظيمين)، في علُيا مَعد، هُدِيتُما..
ومن يستَبِح كنزاً من المجدِ يُعظَمِ
هذان مثالان من حروب العرب العظيمة التي ربّما ما كانت لتنتهي إلى ما انتهت عليه من الحفاظ على المقدّرات وحفظ الأرواح لولا تدخّل المصلحين من عقلاء العرب وحكمائهم.
من خلال مرور عابر على تعليقات المغرّدين والمعلقين على أي موضوع أو وسم يتعلق بسورية وحزب الله والقصير وغيرها من العناوين ستجدها باتت مرتعاً للشتائم والسباب وتداولا لعبارات طائفية وعصبية مستهجنة ومنفّرة تعرف من خلالها عِظَم الشق الذي حصل في نسيج الأمة العربية والإسلامية بشكلٍ لم يحدث ربما طوال تاريخ هذه المنطقة سببه عدم المعالجة العاقلة والحكيمة من قبل الدول العربية لما يحدث في سورية..
الحرب الأهلية في سورية ما كانت لتبدأ لو ضغط الزعماء العرب الذين يمسكون بزمام الملف السوري كي يجلس أخوة الوطن الواحد لمنع نزيف الدم وأن يتم تقريب المواقف بين المتخاصمين قبل أن تنفلت الامور ويقع المحظور من اقتتال الأخوة الذي جرّ البلد إلى الدمار.. وبرغم مرور سنتين على اندلاع الحرب مازالت الدول الماسكة بالملف السوري تجنح إلى تأجيج نار الحرب، ودخل من دخل من مريدي الجهاد و ذوي المصالح من القوى الاقليمية والعالمية ليزداد المشهد تعقيداً ودماراً..
كم هُمُ العرب بحاجة لقائد حكيم كمثل الشيخ زايد آل نهيان رحمه الله الذي كانت له مواقف مشهودة في تليف القلوب وتقريب المواقف عند اشتداد الفتن بين الدول حاز بسببها على لقب حكيم العرب.. كم نحنُ نفتقدك يا زايد!.