استمعت إلى خطبة أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله حيث اخذ يشرح بأسلوب رقيق اهمية الاتصالات السلكية في التصدي للعدو الاسرائيلي، فقلت في نفسي لعل لديه وجهة نظر، ولكن حزب الله لا يخوض اليوم حربا ضد اسرائيل، ولا يستحق الأمر تلك الضجة التي احدثها عندما منعته الحكومة من ذلك، ثم ومن دون مقدمات فإذا بنصر الله يرعد ويزبد ويهدد ويتوعد حكومته بالويل والثبور ويعلنها بصريح العبارة (إذا كانوا يريدونها معركة فلنعلنها معركة) ثم يتقدم مباشرة بميليشياته ليقتل ويسلب ويحتل ضاحية بيروت الغربية وبقية العاصمة.السؤال المحير هو: نصر الله غاضب ومتحمس ويبرر اعماله بأنها من اجل تعزيز قوة المقاومة للتصدي للعدو الاسرائيلي، بينما كل ما فعله هو مواجهة الحكومة الشرعية في بلده واضعافها وقتل مواطنيه وجر لبنان إلى حرب اهلية قد تحرق الاخضر واليابس، بينما اسرائيل تحتفل بعيد تأسيسها الستين وتتفرج على الاوضاع في لبنان بازدراء لانها الفائز الاول والاخير مما يجري؟!ان كان من درس يجب علينا الاستفادة منه من تلك الازمة فهو ان نعلم بأن السماح لكائن من كان ان يشكل قوة داخل البلد بموازاة حكومته الشرعية هو قمة الخطأ القاتل مهما تذرعت تلك القوة بالدفاع عن بلادها، وقد كان الواجب على الشعب اللبناني بعد خروجه من حربه الاهلية والقضاء على الميليشيات المسلحة، كان الواجب هو عدم السماح لحزب الله بالابقاء على سلاحه او تكوين مؤسساته الخاصة التي هي اشبه بالدولة داخل الدولة مهما كان الثمن، ولو ان اللبنانيين قد حسموا امر هذا الحزب منذ البداية ولم يصدقوا ادعاءاته بأنه يقوم بالمقاومة نيابة عن الشعب اللبناني، لكانوا قد ارتاحوا ولكانت دولتهم موحدة وقوية بدلا من هذا الانقسام الذي سببه لهم «حصان طروادة» الذي جاءت به دول معادية لتمزيق واحتلال لبنان.لا أكاد اتصور من طريقة لحل مشاكل لبنان واعادة السلم والأمان في بلاده، فهو اليوم يعيش في مواجهة داخلية مع من كان المفروض ان يكونوا عونا له وجزءا من كيانه، وصدق السنيورة عندما قال في خطابه: «ان مشكلتنا مع حزب الله هو انه هو من يقرر متى تكون الحرب ويكون السلم وكل من لايوافقه على ما يقوله يكون عدوا له».علينا ان نرجع بالذاكرة الى عهد دويلات الطوائف التي مزقت عالمنا العربي والاسلامي، ونربط ظروف نشأتها وانبعاثها ثم هيمنتها على كل شيء وذلك لكي نأخذ منها الدروس والعبر، اننا اليوم امام مؤامرة كبيرة قد نسجت خيوطها بليل واستغلت غباء وسذاجة كثير من شعوبنا العربية وحماسهم ضد الظروف الدولية التي اوقعت الظلم على بلداننا واضطهدت شعوبنا، فما كان من هؤلاء إلا ان تركوا العدو الحقيقي يسرح ويمرح في ظلمه وطغيانه وتفرغوا لبث الفرقة في بلداننا وتمزيق صفوفنا تحت مسمى المقاومة والتصدي للشيطان الاكبر.وقد صدق الشاعر اذ يقول:أعلمه الرماية كل يومفلما اشتد ساعده رمانيوكم علمته نظم القوافيفلما قال قافية هجاني.
د. وائل الحساويwae_al_hasawi@hotmail.com