| بيروت - من آمنة منصور |
«ملكة البحار»... صور، المدينة اللبنانية الأقدم التي تطل على البحر الأبيض المتوسط من بوابة الساحل الجنوبي لتقف على مشارف الماضي، تستذكر أمجادها في صدى الموج المتلاطم على الصخور حاملاً معه عبق صمودها في وجه الغزاة على مر التاريخ.
بين هجرة قدموس والبحث عن الأميرة أوريا، اختمر تاريخ المدينة الفينيقية بشيء من الأساطير، وبكثير من الآثار الصامدة حتى اليوم لتجاهر بعراقة صور ماضياً وحاضراً.
الجمعية الدولية للمحافظة على صور، تأخذ اليوم على عاتقها جزءاً مهماً من مسؤولية الحفاظ على «مكتسبات» المدينة من التاريخ، وتسعى الى التعريف عنها انصافاً للذاكرة المشبعة بمآثر أبنائها. في هذا الاطار نظمت الجمعية، بالتعاون مع «رابطة المدن الكنعانية، الفينيقية والبونية»، في قصر الأونيسكو معرض صوَر فوتوغرافية تحت عنوان «ذاكرة صور: مئة عام في مئة صورة»، يختزل قرناً من عمر المدينة يمتدّ من العام 1843 حتى العام 1943.
الصور الشمسية العتيقة الموزعة بعناية في أرجاء المعرض، والتي التُقطت على يد أشهر المصورين الفوتوغرافيين الأوائل بعد حفنة من السنوات على اختراع آلة التصوير الفوتوغرافي، كان جمعها الدكتور خالد تدمري خلال 18 عاماً متنقلاً بين تركيا ولبنان وفرنسا، وهي تعكس لحظات توقّف فيها الزمن لبرهة في صورة على وجوه عاشت بين حقبتي العهد العثماني والاستقلال عن الانتداب الفرنسي، وتنضح في توزعها على جدران المعرض بروعة بحر صور المزدان بالمراكب المرصوصة عند مرفأها، وجمال يابستها المزينة ببعض المنازل الحجرية التقليدية لا المتخمة بالأبنية الفارهة كما اليوم. وقد وثق تدمري هذه الصور بشروحات تبين هوية المصور وتاريخ التصوير وموقع الصورة والأرشيف المحفوظة فيه.
الى هذه الصور تنضم لوحات زيتية تكتب بالألوان قصة مشهد أو واقعة من تاريخ المدينة، فضلاً عن خرائط بحرية وبرية للمدينة يعود بعضها الى القرنين السابع والثامن عشر، بالاضافة الى الصور الجوية الأولى للمدينة، التي التقطها الجيش الفرنسي خلال ثلاثينات القرن الماضي.
الدكتورة مها الخليل الشلبي رئيسة «الجمعية الدولية للمحافظة على صور» توضح لـ «الراي» أن «معرض ذاكرة صور: 100 عام في 100 صورة يندرج في اطار مسعى الجمعية للحفاظ على ذاكرة المدينة وتعريف الأجيال على معالمها التاريخية وتراثها العريق من خلال مئة صورة تختصر مئة عام من تاريخ تطورها»، معلنة أن «المعرض سيجول على عدد من المدن اللبنانية، بدءاً من جبيل، ثم الميناء وبعلبك وصيدا ليحط رحاله في النهاية في مدينة صور»، مشيرة الى أن «هذا المعرض من اعداد وتوثيق الدكتور تدمري، الذي جمع هذه الصور الفوتوغرافية من الأرشيفات العالمية خلال 18 عاماً في كل من لبنان وتركيا وفرنسا. وهذه الصور تعد من أولى الصور الملتقطة بعد اكتشاف الكاميرا، وعرض جميعها للمرة الأولى».
وعلى هامش المعرض، أطلقت «الجمعية الدولية للمحافظة على صور» التي تعنى منذ أكثر من ثلاثين عاماً بمهمة المحافظة على هذه المدينة، يانصيب «لوحة لـ بيكاسو بـ 100 يورو» عبر الانترنت من خلال الموقع الالكتروني www.1picasso100euros.com، بهدف جمع أموال لتنفيذ مشروعين ثقافيين رائدين في لبنان: انشاء قرية حرفية كفيلة بتأمين وظائف عدة للشباب والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة وبمنع زوال التقنيات القديمة وتناقل المهارات الحرفية وتطويرها، ومعهد للدراسات الكنعانية، الفينيقية والبونية في بيروت يركز على العلاقات التاريخية بين مدن البحر الأبيض المتوسط ويحفز التبادل الثقافي والعلمي والتعلم عن بعد في مجال التراث الأثري والثقافي والمحافظة عليه.
الشلبي تلفت في هذا الاطار الى أن «فكرة اليانصيب بدأ العمل عليها قبل عامين مع السلطات الفرنسية»، مشددة على أن «اليانصيب مضمون الشفافية والنزاهة، اذ نلنا ترخيصاً من مديرية الأمن الداخلي في باريس لاجرائه»، موضحة أنه «يخوّل المشتركين شراء بطاقة أو أكثر من أصل خمسين ألف بطاقة عبر الانترنت، ومن أي مكان في العالم حتى الثامن عشر من ديسمبر 2013، تاريخ اجراء السحب في مقر (Sothebys) للمزادات في باريس للفوز بلوحة للرسام العالمي الشهير بابلو بيكاسو تُقدر قيمتها بمليون دولار أميركي، وذلك باشراف لجنة خبراء ومراقب قانوني ويُنقل السحب مباشرة عبر الموقع الالكتروني لهذا اليانصيب الحائز على دعم من مؤسسة بيكاسو وأفراد عائلة بيكاسو ودار سوثبيز».
واذ تشير الشلبي الى أن «اليانصيب تم اطلاقه منذ مدة في فرنسا، وتحدثت عنه الصحف والتلفزيونات الأوروبية»، تعلن عن خطة لاطلاقه قريباً في أميركا، واصفة الاقبال على شراء البطاقات بـ «الجيد جداً». وهي تعتبر أن «فكرة اليانصيب سباقة»، مشددة على أن «الأموال التي سيتم جمعها ستساهم في تحقيق مشروعي الجمعية الأساسيين: القرية الحرفية ومعهد الدراسات اللذين سيؤديان دوراً ثقافياً، حضارياً واقتصادياً بارزاً للبنان».