| بيروت - من هيام بنوت |
تُعتبر الكاتبة كلوديا مارشليان «رقماً صعباً» في صناعة الدراما اللبنانية في شكل خاص والدراما العربية في شكل عام، بعدما نجحت كل أعمالها وبدرجة «ممتاز»** لأنها عرفت من خلال ما تكتبه كيف تحوّل التمثيل إلى واقع وكيف تخاطب عبر شخصيات أعمالها الجمهور بحوارات «تشبهه» بعيداً عن الزيف والكلام المنمّق.
مارشليان التي تقطف اليوم ثمار نجاح مسلسلها «جذور» تتحضر خلال الفترة المقبلة لمسلسل من 120 حلقة لمصلحة تلفزيون «ام. بي.سي» بعدما أظهرت «رشاقتها» ككاتبة في المسلسلات الطويلة كما في التليفيلم والخماسية والثلاثينية.
وفي حوارها مع «الراي» ردت مارشليان على ما قاله المخرج سيف الدين السبيعي عن أن الدراما اللبنانية بعيدة عن الواقع ولا تعكسه، بأنه إذا كان السبيعي يرغب في الحديث دائماً عن هذا الموضوع «يضل يحكي»، ربما هو يملك وقت فراغ أكثر مني، وقالت: مرة واحدة تكفي للردّ
عليه؛ «ما عندي وقت أكثر».. «عيب نتلاسن على بعضنا» لأننا اشتغلنا في يوم من الأيام في ورق واحد».. وإليكم التفاصيل:
• ككاتبة، هل ترين أن مسلسل «جذور» يعبّر عنك أكثر من مسلسل «روبي»، من منطلق أن العمل الأول يحمل أفكارك بينما الثاني مأخوذ عن عمل فنزويلي لكنك أجريت عليه تعديلات بما يتلاءم مع خصوصية المجتمع العربي؟
- هذا الكلام صحيح، لأنني أنا المسؤولة ككاتبة عن نصّ مسلسل «جذور» رغم أنني أعدتُ كتابة مسلسل «روبي» من جديد كحوارات، ولكن كشخصيات كان هناك خط أساسي لها. مثلاً هناك شخصية «روبي» التي يفتن الجميع بجمالها، وانا لا أحب أن تكون صورة المرأة على هذا النحو في هذا الزمن، بل افضّل ان تكون الشخصيات التي تدور حولها القصة، مهمة أو تعاني من مشكلة ما. لكنني استطعت أن أكتب الخلطة الأساسية في «روبي» بطريقة تشبهنا وتتلاءم مع مجتمعنا.
• قلتِ ان «روبي» لا يشبه طريقة تفكيرك لأنه يركز على الجمال وعقدة الجمال، فما الذي جعلك تقبلين بعمل غير مقتنعة به؟
- أنا مقتنعة به، ولو لم اكن كذلك لما كنت قبلت به، ولكن مسلسل «جذور» أغنى بأحداثه وشخصياته وحواراته. والحوارات هي التي تشكل نقطة الارتكاز في أعمالي، ولذلك مَن يتابع أعمالي ينجذب إلى حواراتي. «روبي» لم يزعجني أبداً بل على العكس أنا أحببته وكنت مقتنعة به مليون في المئة، ولو لم يكن كذلك لما كان وصل إلى الناس بهذه الطريقة.
• كثيرون قالوا ان مسلسل «روبي» لم يكن على الموضة لأننا نعيش حالياً زمن البطولات المشتركة. فهل ترين أن هناك «موضة» حتى في الدراما التلفزيونية ام ان نجاح العمل هو المقياس الأول والأخير؟
- من الواضح جداً أن «جذور» كما «روبي» يقومان على البطولات المشتركة ولا يجوز أن يقوم اي مسلسل في لبنان أو خارجه على انسان واحد والكل يدور في فلكه. في الماضي كنا معتادين على هذا النوع من المسلسلات، حتى أننا لم نكن نعرف ماذا تعمل صديقة البطلة او جيرانها، وكل ما كنا نراه ما ترويه لتلك الصديقة حتى اننا لم نكن نعرف اسمها. كي نصدّق الشخصيات يجب أن نشاهدها وهي تعيش في مطارحها، في بيوتها وبين أصدقائها. لا يمكن ان أكتفي بـوجود «كارلا» و«مالك» في مسلسل «جذور» لأنه إذا لم نُبرز الصراع بين العائلتين وكره الوالدتين والماضي والأب وحبيبته وزوجها الأول، فكيف يمكن أن يقوم المسلسل.
• ولكن مسلسل «روبي» متهمَ بأنه يقوم على بطلة واحدة وهذا ما أكدت عليه ممثلات «جذور»؟
- لا أعرف لماذا بدأت الاتهامات توجَّه الآن إلى «روبي»، لأنه خلال عرضه لم توجه إليه اي تهمة، ولا أفهم ما الذي يحصل فجأة. الكل يعرف أنه حظي بنسبة مشاهدة تفوق الوصف في كل العالم العربي وكان اول مسلسل لبناني يدخل بمثل هذه الطريق، وهو ونال جائزة أفضل مسلسل عربي، وسيرين عبد النور فازت بجائزة أفضل ممثلة عربية. سواء وُجهت أو لم تُوجه إليه اتهامات، وسواء أحبه أم لم يحبه الناس فهذا أمر طبيعي. لا شك أنه يقوم على شخصية «روبي» التي كانت محور المسلسل ولكن يجب ألا ننسى أن «عمر» (مكسيم خليل) نال نصيبه من الشهرة والأمر نفسه ينطبق على أمير كرارة وتقلا شمعون التي حققت بفضله شهرة عربية على الرغم من انها ممثلة كبيرة في لبنان، وكل مَن شارك في «روبي» تلقى عروضاً عربية من الخارج سواء بياريت قطريب أو فادي ابراهيم او سواهما.
«روبي» يقوم على شخصية معينة، وهذا صحيح، ولكن إذا تابعنا مسلسل «جذور» نجد ان كارلا هي محور المسلسل. ولو لم تحطّ الطائرة ولو لم تنزل منها لما كان هناك مسلسل. ولكنه كُتب بطريقة، بحيث ان كل الشخصيات الأخرى الموجودة فيه تنال وقتها ومطرحها بطريقة تسمح لها بالتفاعل مع القصة. لا بد من وجود نقطة واضحة ينطلق منها العمل ولا يمكن ان نركض بالطرق. يجب أن نعرف كيف نشدّ المشاهد من خلال حبكة معينة تكون بمثابة حجة لوجود العمل ومن ثم ننطلق فيه، وهذا ما يحصل في كل عمل.
• هل انت مَن رشّح باميلا الكيك لتجسيد دور كارلا، ولا سيما أن الكل يشيد بأدائها في مصر كما في سائر الدول العربية؟
- نعم لأنها تشبهه كثيراً، وانا أضع عادة قائمة بالأسماء والأعمار والممثلين المناسبين للأدوار. والجميل أنني والمنتج نرشح الأسماء نفسها. وهذا يعني أن الادوار تشبه الممثلين الذين لعبوها. رولا حمادة كان متفق عليها وكذلك باميلا الكيك ويوسف الخال وتقلا شمعون. نسبة التطابق في الترشيحات كانت عالية جداً، مما جعلنا نتجه نحو «كاستينغ» صحيح مئة في المئة. اذا حصلت بعض الأخطاء، لا يتحملها الممثلون لأنهم في أماكنهم ويؤدون أدوارهم على الشكل المطلوب وانا سعيدة جداً لأن الرؤية التي توافقتُ عليها مع المخرج كما المنتج كانت صائبة جداً وهذا ما ألمسه من الأصداء التي تصلني من نقاد وكبار الممثلين من الخليج ومصر والتي يمكن القول انها أكثر من رائعة. أنها المرة الأولى التي يحظى فيها الممثل اللبناني بمثل هذا التكريم وهذا الأمر يسعدني.
• كم تبلغ نسبة مساهمتك ككاتبة بإيصال الدراما اللبنانية إلى الخارج؟
- أرفض أن أختصر تجربتي ككاتبة بمسلسليْ «روبي» و«جذور»، لان عدد الأعمال التي كتبتُها حتى اليوم هو 36 عملاً. عندما أشاهد مسلسل «باب ادريس» الذي تعيد شاشة «ال.بي.سي» عرضه، أكتشف كم هو جميل وكم اشتغلناه «بقلب حلو»، وكم أبدع الممثلون فيه، هذا عدا الإخراج والنص الذي كتبتُه. كذلك عندما عُرض مسلسل «سارة» على الفضائيات العربية، حظي بنسبة مشاهدة عالية ومثله «لونا» و«أجيال».
أنا لا أفرح فقط لأنني أساعد على انتشار الدراما العربية في الخارج بل لأن كل المسلسلات التي تعاملتُ فيها مع شركة «مروى غروب» تنتقل من شاشة إلى أخرى وهذا الأمر لم يكن موجوداً في السابق. لا شك ان تجربتي داخل لبنان هي التي ساهمت بإيصال أعمالي إلى خارجه، وتلك التجربة تطلبت مني تعباً وجهداً ووقتاً ونجاحاً وانتشاراً.
عندما طُلبت لكتابة مسلسل «روبي» كنت قد كتبت قبلها «مدام كارمن»، وقد زاروني وهم يحملونه بين أيديهم، وكان هناك ايضاً «سارة» وأجيال» و«غلطة عمري» و«باب ادريس» الذي عرض في رمضان والذي حاول أن يخترق عربياً على الرغم من أنه لبناني وبممثلين لبنانيين وعلى شاشة لبنانية. حتى أن المنتج الراحل أديب خير قال خلال المؤتمر الصحافي الخاص بمسلسل «روبي» أن مسلسل «باب ادريس» عمل مشجع. الدراما التي صنعناها في لبنان «بقرشين أو ثلاثة قروش» وبتعب وبعدم انتشار ساهمت بانتشارها في الخارج. لن أكذب عليك وأقول انني لم أساهم بهذا الدور لأن هذا الكلام غير حقيقي، وانا أعرف من خلال العروض العربية التي أتلقاها من الأشخاص الذين يطلبون مني نصوصاً، أنهم يريدونها بالطريقة نفسها اي لبنانية مع القليل من المشاركة العربية. لا شك أن اسمي صار معروفاً في الخارج أكثر من سائر الكتّاب اللبنانيين وأتمنى من كل قلبي أن تتم الاستعانة بنصوص كل الكتاب اللبنانيين كي نتمكن من الانتشار على الشكل المطلوب، لأن ما أفعله اليوم يصب في مصلحة كل الكتاب اللبنانيين والعكس صحيح أيضاً. الخرق لا يمكن أن يحصل عبر مسلسل واحد او مسلسلين، لأنني في النهاية «انسان واحد وهلقد قدرتي».
• برأيك ما هي العناصر التي تتوافر في نصك دون سائر الكتاب اللبنانيين؟
- لا أعرف. أنا لا اجيد تقييم نفسي بهذه الطريقة.
• وماذا يقول لك الذين يطلبون منك نصوصاً؟
- مَن يطلب مني نصاً لا يكون هدفه تقييمي فنياً. لست من الأشخاص الذين يحبون سماع الإطراء او كيله بل أفضّل كل ما هو عمليّ. اعتقد ان النجاح يجر بعضه تماماً كما يحصل في تجربة الممثل الشاطر الذي تتم الاستعانة به من عمل إلى آخر، لأنه يكون هناك ضمانة بأنه سيكون مبدعاً. ربما هم رأوا أن تجربتي في لبنان ناجحة وكذلك تجربتيّ العربيتين ولذلك هم يقصدونني لأن ذلك أكثر ضمانا لتحقيق النجاح. أرفض الادعاء ولا يمكنني أن أقول ان ما أكتبه متميز عن غيري وغير موجود في نصوص الآخرين. ربما اسمي سبق أسماء أخرى هم أهمّ مني بكثير ولكن علينا أن ننطلق جميعاً نحو الخارج لأن العالم يتجه نحو انفتاح كبير وواسع جداً ليس في مجال الدراما وحدها بل في كل المجالات الأخرى، ولا يجوز أن نتقوقع على انفسنا، «ما بقى تظبط» لانه لم يكن بإمكان محطة لبنانية ترصد ميزانية معينة أن تتحمل بمفردها تكلفة انتاج مسلسل ضخم، ولذلك يجب أن يحصل تعاون بين الداخل والخارج كي يكون الانتاج سخياً.
• هل يمكن القول ان جرأة أعمالك كانت السبب الأول والرئيسي في الترويج لاسمك عربياً؟
- بل الجرأة في تجديد الأفكار وطرحها والحوارات التي تقوم بين شخصيات أعمالي. في الماضي كنا نشاهد مسلسلات وكنا نقول انها لا تشبه الواقع أو نقول «عم بتمثل عليّ» اي «عم بتكذب عليّ». الفكرة التي كانت سائدة في الماضي هي أن الدراما تنقل أحداثاً غير واقعية ومنمقة في حواراتها، كأن يقول الابن لوالده عندما يتحدث معه «حضرتك»! لم يعد هناك وجود لمثل هذه المفردات لاننا نسمع «الصراخ
ونحن داخل بيوتنا، ويتبين أن الصراخ هو بين الأب وابنه أو ابنته. المسلسل ليس درس أخلاق وتوجيهاً وتربية مدنية، والدراما تشبه الواقع تماماً، وعندما نعرضها كما هي، نساهم في الإضاءة على الحقيقة وكشفها وفي جعل الناس يفكرون في اليوم التالي «ايه مظبوط هيك». انها نظرتي إلى الدراما وربما هي التي تجعلني قريبة من الناس، أنا لا أريد تقديم دروس في الأخلاق ولست كالبرامج الإذاعية التي تبث مشاكل الناس الحياتية عبر أثيرها من أجل إيجاد حلول لها. نحن في الدراما نعرض مشاكلنا ونوجِد «كاراكتيرات» مختلفة، بعضها كاذب وبعضها الآخر جيد وهي تعكس الخليط الموجود في المجتمع.
• لكن المخرج سيف الدين السبيعي يرى أن الدراما اللبنانية بعيدة عن الواقع ولا تعكسه، فهي لا تتناول مثلاً مشاكل الكهرباء وازدحام السير وسواها من المشاكل الأخرى الموجودة في مجتمعنا؟
- هذا رأيه.
• هل توافقينه أم تعارضينه؟
- لنترك الحكم للناس. لا يوجد لدي رد على هذا الكلام.
• لأنك مسالمة أم لأنه غير حقيقي؟
- «رديت عليه مرة شو بقضّيها عم رد عليه؟». مرة واحدة تكفي «ما عندي وقت أكثر». إذا كان السبيعي يرغب في الحديث دائماً عن هذا الموضوع «يضل يحكي». ربما هو يملك وقت فراغ أكثر مني. ليس المطلوب منا كفنانين أن نردّ على بعضنا بل المشاهد هو الذي يرى ويحكم. «عيب نتلاسن على بعضنا» لأننا اشتغلنا في يوم من الأيام في ورق واحد. عندما أعرض في مسلسل «جذور» فتاة تملس شعر اختها بواسطة المكواة وفجأة تنقطع الكهرباء وبقي نصفه من دون تمليس وظهر وكأنه على الموضة. ربما سيف لم يشاهد هذه الحلقة بل فقط الحلقات التي لم تنقطع الكهرباء فيها. هناك حرية رأي وسيف يشاهد وهو حر في التعبير عن رأيه.
• هل يمكننا القول ان مسلسل كلوديا مارشليان ينافس المسلسل المكسيكي الذي عاد إلى الأضواء مجدداً كما المسلسل التركي وكل المسلسلات العربية؟
- أنا أضعف من أن أدخل في منافسة شخصية. يُعرض لي حالياً مسلسل «جذور» وتكمن قوتي في كتاباتي وفي الاستعانة بممثلين نؤمن بقدراتهم وهم آمنوا بالعمل وبإنتاج آمَن بالنص وأمّن له التمويل اللازم وبمخرج «قتل نفسه» لإنجاحه، وبوجود فريق تقني وفني وأشخاص لهم دورهم وبينهم حتى الذين أمنوا الطعام للممثلين. نحن قدمنا هذا العمل من أجل النجاح وليس من أجل أن «نضرب» أحداً. نحن نريد أن نثبت أنفسنا لا أكثر ولا أقل ولا نريد أن نحمل سيوفاً على الآخرين. وهذا الأمر تحقق فعلا وجعلني أشعر بالسعادة.
• أنا أتحدث عن منافسة فنية وهي مشروعة لتقديم الأفضل؟
- هذا صحيح. لكن بعض الصحافيين يسألونني «هل تريدين الانتقام من...». انا لا أريد الانتقام من أحد وما حدا عاملي شي». برافو على الاتراك لأنهم غزوا السوق وكذلك المكسيكيين الذين وصلوا إلى عندنا من آخر الدنيا وجعلونا نقبع في بيوتنا. اتمنى أن تصل الدراما العربية إلى بلدانهم أيضاً. العام الماضي قالوا لنا ان مسلسل «روبي» نجح بمنافسة المسلسل التركي «فاطمة» وهذا الكلام جعلني أطير فرحاً، ولكنني عندما كنت أكتبه لم أكن أفكر أن هناك مسلسلاً اسمه «فاطمة» سيتنافس معه.
• نعرف أنك أرمنية ولديك حساسية تجاه الأتراك، ولكن الم تتأثري بهم درامياً ولو بطريقة غير مباشرة عندما كتبتِ المسلسل الطويل الذي يتناول مواضيع الحب والسلطة والمال والصراع العائلي؟
- الأتراك تأثروا في الأساس بالمكسيكي، وأين هي المسلسلات التركية الطويلة سابقاً. كلنا تأثرنا بالمسلسل المكسيكي، «أنت أو لا أحد»، وقبله لم نكن نعرف المسلسل الطويل. المسلسلات الطويلة منتشرة في كل العالم والكل تأثر ببعضه البعض والأتراك قرروا أن يجعلوا من الدراما صناعة عندما اكتشفوا انها تدرّ عليهم المال والجمهور وتشجع السياحة. ليس الاتراك هم الذين اخترعوا موضة المسلسلات الطويلة.
• صحيح أن المسلسل المكسيكي كان موجوداً ولكننا لم نتجه إلى المسلسلات الطويلة إلا بعد نجاح التركي؟
- بل نحن قدمنا «نساء في العاصفة» و«العاصفة تهب مرتين» قبل عشرين عاماً و«كسّرنا الدنيا». أنا شخصياً شاركت كممثلة في 300 حلقة متتالية في كلا العملين.
• ولكننا غبنا لفترة طويلة؟
- غبنا لأنه لم يكن هناك انتاج درامي. إلى المسلسلات الطويلة، لا ازال أكتب «ثلاثينات» لرمضان وأجزاء و«خماسيات» وقصة غير محدودة الحلقات متل «مدام كارمن» المؤلف من 6 حلقات و»غلطة عمري» المؤلف من 10 حلقات، وأيضاً «آدم وحواء» الذي لا تتجاوز مدة عرض الحلقة الواحدة منه سبع دقائق، كما أكتب «التليفلم» وقصصاً سينمائية وسلسلة «الحياة دراما» المؤلف من حلقة واحدة. أنا اليوم بصدد كتابة مسلسل مؤلف من 120 حلقة لمصلحة تلفزيون «أم.بي.سي» ومن بعده سوف اكتب 30 حلقة لمحطة أخرى، كما انتهيت من كتابة فيلمين سينمائيين جاهزين للتصوير. الكتابة ليست موضة بل فن وماذا يمكن أن نقدم، ولكن لا مانع من مواكبتها ما دمنا نقدم أعمالاً جيدة وناجحة وما دامت المحطة المصرية تتحدث عن نجاح لافت لمسلسل «جذور» وما دامت محطة «أبو ظبي» ايضاً تتحدث عن نسبة مشاهدة عالية لم تحقق مثلها سابقاً.
• هل لا تزالين تشعرين بالحسد لأنك غزيرة الانتاج؟
- لا أؤمن بالحسد.
• رغم أنك بررتِ غزارة انتاجك بانه يعود إلى حبك الكبير للكتابة وبقدرتك على تنفيذها من دون جهد أو تعب وبشغفك الكبير تجاهها، إلا ان بعض الناس لا يزالون يشككون بذلك. فماذا تقولين لهم؟
- هم أحرار. لا مشكلة عندي في كل ما يقال وفي كل ما سيقال، أنا قلت أكثر من مرة أنني أتمتع بغزارة أفكار بالإضافة إلى أنني كرست كل حياتي للكتابة وهذا خياري وانا حرة وسعيدة بقراري. انا لا أعرف كاتباً واحداً كرس حياته للكتابة بل لا بد وأن يقوم بشيء آخر الى جانبها كالتعليم بالجامعات أو حتى الاهتمام بعائلاتهم.
• يبدو أنك اقلعت نهائياً عن التمثيل؟
- لا يمكنني ذلك. لا استطيع أن امضي 6 شهور أو 8 شهور في التمثيل ولا سيما انني اليوم في مرحلة انتقالية على مستوى الكتابة وهناك ذروة في الطلب على أعمالي عربياً. أنا احتاج إلى كل شهر ويوم ودقيقة، ولا أقصد أن التمثيل مضيعة للوقت بل هو صعب جداً ويحتاج إلى تفرغ. التمثيل والكتابة مهنتان يجب أن «نترهّب « من اجلهما كي ننجح فيهما. لن اقبل بتمثيل دور «نص نص واتبهدل» بل الافضل ان اظل في مجال الكتابة.
• تفضيلك للكتابة يؤكد انك شغوفة به أكثر من التمثيل؟
- ليس إلى هذه الدرجة ولكن لا توجد أدوار عظيمة يمكن انتظارها. لا توجد كمية مسلسلات تحتوي كل الممثلين في أدوار مهمة.
• ولا حتى في مسلسلاتك؟
- لا أحب الخلط بين الأمور ولا أعرف كيف يمكن أن يجمع الآخرون بين الكتابة والتمثيل والإخراج في وقت واحد. كل مجال له رؤية خاصة به، ومنَ يجمع بين مختلف المجالات يتعب وينهار ولا يصل إلى أبعاد أخرى. أنا أتحدث عن نفسي وربما هناك من يملكون القدرة على الجمع بين كل شيء حتى في الغرب. عادة عندما أنتهي من كتابة مسلسل انتقل إلى آخر يعمل الآخرون على تنفيذه وانا أتابعهم. أحب هذه اللعبة ومشاركة الآخرين في أعمالي وليس أن أكتب لنفسي. لماذا أظهر على الشاشة وعندما أسير في الشارع يركض الناس ورائي. مثل هذه الأمور لا تعني لي شيئاً.
• عادة يستثمر المنتجون نجاح اي عمل بتصوير أجزاء له. لماذا لا تفعلون الشيء نفسه؟
- «شو مسخرة القصة». هل يجب أن يكون هناك جزء ثالث ورابع لكل عمل ناجح؟
لكن كان هناك تلميح لجزء ثاني من مسلسل «روبي»؟
- «روبي» انتهى. «حلو الواحد ينجح فوق، بدل اللعي اللي بلا عازة» إلى أن نصل إلى الفشل. يجب أن نعرف كيف نقطف النجاح ومن ثم الانتقال إلى نجاح آخر.
• أشرتِ إلى مسلسل من 120 حلقة لمصلحة «أم.بي.سي». لماذا لا توجد مشاركة للممثلين الخليجيين في المسلسلات المشتركة التي تعرضها قنوات خليجية؟
- هذه المرة سيشارك في العمل بعض الممثلين الخليجيين.
تُعتبر الكاتبة كلوديا مارشليان «رقماً صعباً» في صناعة الدراما اللبنانية في شكل خاص والدراما العربية في شكل عام، بعدما نجحت كل أعمالها وبدرجة «ممتاز»** لأنها عرفت من خلال ما تكتبه كيف تحوّل التمثيل إلى واقع وكيف تخاطب عبر شخصيات أعمالها الجمهور بحوارات «تشبهه» بعيداً عن الزيف والكلام المنمّق.
مارشليان التي تقطف اليوم ثمار نجاح مسلسلها «جذور» تتحضر خلال الفترة المقبلة لمسلسل من 120 حلقة لمصلحة تلفزيون «ام. بي.سي» بعدما أظهرت «رشاقتها» ككاتبة في المسلسلات الطويلة كما في التليفيلم والخماسية والثلاثينية.
وفي حوارها مع «الراي» ردت مارشليان على ما قاله المخرج سيف الدين السبيعي عن أن الدراما اللبنانية بعيدة عن الواقع ولا تعكسه، بأنه إذا كان السبيعي يرغب في الحديث دائماً عن هذا الموضوع «يضل يحكي»، ربما هو يملك وقت فراغ أكثر مني، وقالت: مرة واحدة تكفي للردّ
عليه؛ «ما عندي وقت أكثر».. «عيب نتلاسن على بعضنا» لأننا اشتغلنا في يوم من الأيام في ورق واحد».. وإليكم التفاصيل:
• ككاتبة، هل ترين أن مسلسل «جذور» يعبّر عنك أكثر من مسلسل «روبي»، من منطلق أن العمل الأول يحمل أفكارك بينما الثاني مأخوذ عن عمل فنزويلي لكنك أجريت عليه تعديلات بما يتلاءم مع خصوصية المجتمع العربي؟
- هذا الكلام صحيح، لأنني أنا المسؤولة ككاتبة عن نصّ مسلسل «جذور» رغم أنني أعدتُ كتابة مسلسل «روبي» من جديد كحوارات، ولكن كشخصيات كان هناك خط أساسي لها. مثلاً هناك شخصية «روبي» التي يفتن الجميع بجمالها، وانا لا أحب أن تكون صورة المرأة على هذا النحو في هذا الزمن، بل افضّل ان تكون الشخصيات التي تدور حولها القصة، مهمة أو تعاني من مشكلة ما. لكنني استطعت أن أكتب الخلطة الأساسية في «روبي» بطريقة تشبهنا وتتلاءم مع مجتمعنا.
• قلتِ ان «روبي» لا يشبه طريقة تفكيرك لأنه يركز على الجمال وعقدة الجمال، فما الذي جعلك تقبلين بعمل غير مقتنعة به؟
- أنا مقتنعة به، ولو لم اكن كذلك لما كنت قبلت به، ولكن مسلسل «جذور» أغنى بأحداثه وشخصياته وحواراته. والحوارات هي التي تشكل نقطة الارتكاز في أعمالي، ولذلك مَن يتابع أعمالي ينجذب إلى حواراتي. «روبي» لم يزعجني أبداً بل على العكس أنا أحببته وكنت مقتنعة به مليون في المئة، ولو لم يكن كذلك لما كان وصل إلى الناس بهذه الطريقة.
• كثيرون قالوا ان مسلسل «روبي» لم يكن على الموضة لأننا نعيش حالياً زمن البطولات المشتركة. فهل ترين أن هناك «موضة» حتى في الدراما التلفزيونية ام ان نجاح العمل هو المقياس الأول والأخير؟
- من الواضح جداً أن «جذور» كما «روبي» يقومان على البطولات المشتركة ولا يجوز أن يقوم اي مسلسل في لبنان أو خارجه على انسان واحد والكل يدور في فلكه. في الماضي كنا معتادين على هذا النوع من المسلسلات، حتى أننا لم نكن نعرف ماذا تعمل صديقة البطلة او جيرانها، وكل ما كنا نراه ما ترويه لتلك الصديقة حتى اننا لم نكن نعرف اسمها. كي نصدّق الشخصيات يجب أن نشاهدها وهي تعيش في مطارحها، في بيوتها وبين أصدقائها. لا يمكن ان أكتفي بـوجود «كارلا» و«مالك» في مسلسل «جذور» لأنه إذا لم نُبرز الصراع بين العائلتين وكره الوالدتين والماضي والأب وحبيبته وزوجها الأول، فكيف يمكن أن يقوم المسلسل.
• ولكن مسلسل «روبي» متهمَ بأنه يقوم على بطلة واحدة وهذا ما أكدت عليه ممثلات «جذور»؟
- لا أعرف لماذا بدأت الاتهامات توجَّه الآن إلى «روبي»، لأنه خلال عرضه لم توجه إليه اي تهمة، ولا أفهم ما الذي يحصل فجأة. الكل يعرف أنه حظي بنسبة مشاهدة تفوق الوصف في كل العالم العربي وكان اول مسلسل لبناني يدخل بمثل هذه الطريق، وهو ونال جائزة أفضل مسلسل عربي، وسيرين عبد النور فازت بجائزة أفضل ممثلة عربية. سواء وُجهت أو لم تُوجه إليه اتهامات، وسواء أحبه أم لم يحبه الناس فهذا أمر طبيعي. لا شك أنه يقوم على شخصية «روبي» التي كانت محور المسلسل ولكن يجب ألا ننسى أن «عمر» (مكسيم خليل) نال نصيبه من الشهرة والأمر نفسه ينطبق على أمير كرارة وتقلا شمعون التي حققت بفضله شهرة عربية على الرغم من انها ممثلة كبيرة في لبنان، وكل مَن شارك في «روبي» تلقى عروضاً عربية من الخارج سواء بياريت قطريب أو فادي ابراهيم او سواهما.
«روبي» يقوم على شخصية معينة، وهذا صحيح، ولكن إذا تابعنا مسلسل «جذور» نجد ان كارلا هي محور المسلسل. ولو لم تحطّ الطائرة ولو لم تنزل منها لما كان هناك مسلسل. ولكنه كُتب بطريقة، بحيث ان كل الشخصيات الأخرى الموجودة فيه تنال وقتها ومطرحها بطريقة تسمح لها بالتفاعل مع القصة. لا بد من وجود نقطة واضحة ينطلق منها العمل ولا يمكن ان نركض بالطرق. يجب أن نعرف كيف نشدّ المشاهد من خلال حبكة معينة تكون بمثابة حجة لوجود العمل ومن ثم ننطلق فيه، وهذا ما يحصل في كل عمل.
• هل انت مَن رشّح باميلا الكيك لتجسيد دور كارلا، ولا سيما أن الكل يشيد بأدائها في مصر كما في سائر الدول العربية؟
- نعم لأنها تشبهه كثيراً، وانا أضع عادة قائمة بالأسماء والأعمار والممثلين المناسبين للأدوار. والجميل أنني والمنتج نرشح الأسماء نفسها. وهذا يعني أن الادوار تشبه الممثلين الذين لعبوها. رولا حمادة كان متفق عليها وكذلك باميلا الكيك ويوسف الخال وتقلا شمعون. نسبة التطابق في الترشيحات كانت عالية جداً، مما جعلنا نتجه نحو «كاستينغ» صحيح مئة في المئة. اذا حصلت بعض الأخطاء، لا يتحملها الممثلون لأنهم في أماكنهم ويؤدون أدوارهم على الشكل المطلوب وانا سعيدة جداً لأن الرؤية التي توافقتُ عليها مع المخرج كما المنتج كانت صائبة جداً وهذا ما ألمسه من الأصداء التي تصلني من نقاد وكبار الممثلين من الخليج ومصر والتي يمكن القول انها أكثر من رائعة. أنها المرة الأولى التي يحظى فيها الممثل اللبناني بمثل هذا التكريم وهذا الأمر يسعدني.
• كم تبلغ نسبة مساهمتك ككاتبة بإيصال الدراما اللبنانية إلى الخارج؟
- أرفض أن أختصر تجربتي ككاتبة بمسلسليْ «روبي» و«جذور»، لان عدد الأعمال التي كتبتُها حتى اليوم هو 36 عملاً. عندما أشاهد مسلسل «باب ادريس» الذي تعيد شاشة «ال.بي.سي» عرضه، أكتشف كم هو جميل وكم اشتغلناه «بقلب حلو»، وكم أبدع الممثلون فيه، هذا عدا الإخراج والنص الذي كتبتُه. كذلك عندما عُرض مسلسل «سارة» على الفضائيات العربية، حظي بنسبة مشاهدة عالية ومثله «لونا» و«أجيال».
أنا لا أفرح فقط لأنني أساعد على انتشار الدراما العربية في الخارج بل لأن كل المسلسلات التي تعاملتُ فيها مع شركة «مروى غروب» تنتقل من شاشة إلى أخرى وهذا الأمر لم يكن موجوداً في السابق. لا شك ان تجربتي داخل لبنان هي التي ساهمت بإيصال أعمالي إلى خارجه، وتلك التجربة تطلبت مني تعباً وجهداً ووقتاً ونجاحاً وانتشاراً.
عندما طُلبت لكتابة مسلسل «روبي» كنت قد كتبت قبلها «مدام كارمن»، وقد زاروني وهم يحملونه بين أيديهم، وكان هناك ايضاً «سارة» وأجيال» و«غلطة عمري» و«باب ادريس» الذي عرض في رمضان والذي حاول أن يخترق عربياً على الرغم من أنه لبناني وبممثلين لبنانيين وعلى شاشة لبنانية. حتى أن المنتج الراحل أديب خير قال خلال المؤتمر الصحافي الخاص بمسلسل «روبي» أن مسلسل «باب ادريس» عمل مشجع. الدراما التي صنعناها في لبنان «بقرشين أو ثلاثة قروش» وبتعب وبعدم انتشار ساهمت بانتشارها في الخارج. لن أكذب عليك وأقول انني لم أساهم بهذا الدور لأن هذا الكلام غير حقيقي، وانا أعرف من خلال العروض العربية التي أتلقاها من الأشخاص الذين يطلبون مني نصوصاً، أنهم يريدونها بالطريقة نفسها اي لبنانية مع القليل من المشاركة العربية. لا شك أن اسمي صار معروفاً في الخارج أكثر من سائر الكتّاب اللبنانيين وأتمنى من كل قلبي أن تتم الاستعانة بنصوص كل الكتاب اللبنانيين كي نتمكن من الانتشار على الشكل المطلوب، لأن ما أفعله اليوم يصب في مصلحة كل الكتاب اللبنانيين والعكس صحيح أيضاً. الخرق لا يمكن أن يحصل عبر مسلسل واحد او مسلسلين، لأنني في النهاية «انسان واحد وهلقد قدرتي».
• برأيك ما هي العناصر التي تتوافر في نصك دون سائر الكتاب اللبنانيين؟
- لا أعرف. أنا لا اجيد تقييم نفسي بهذه الطريقة.
• وماذا يقول لك الذين يطلبون منك نصوصاً؟
- مَن يطلب مني نصاً لا يكون هدفه تقييمي فنياً. لست من الأشخاص الذين يحبون سماع الإطراء او كيله بل أفضّل كل ما هو عمليّ. اعتقد ان النجاح يجر بعضه تماماً كما يحصل في تجربة الممثل الشاطر الذي تتم الاستعانة به من عمل إلى آخر، لأنه يكون هناك ضمانة بأنه سيكون مبدعاً. ربما هم رأوا أن تجربتي في لبنان ناجحة وكذلك تجربتيّ العربيتين ولذلك هم يقصدونني لأن ذلك أكثر ضمانا لتحقيق النجاح. أرفض الادعاء ولا يمكنني أن أقول ان ما أكتبه متميز عن غيري وغير موجود في نصوص الآخرين. ربما اسمي سبق أسماء أخرى هم أهمّ مني بكثير ولكن علينا أن ننطلق جميعاً نحو الخارج لأن العالم يتجه نحو انفتاح كبير وواسع جداً ليس في مجال الدراما وحدها بل في كل المجالات الأخرى، ولا يجوز أن نتقوقع على انفسنا، «ما بقى تظبط» لانه لم يكن بإمكان محطة لبنانية ترصد ميزانية معينة أن تتحمل بمفردها تكلفة انتاج مسلسل ضخم، ولذلك يجب أن يحصل تعاون بين الداخل والخارج كي يكون الانتاج سخياً.
• هل يمكن القول ان جرأة أعمالك كانت السبب الأول والرئيسي في الترويج لاسمك عربياً؟
- بل الجرأة في تجديد الأفكار وطرحها والحوارات التي تقوم بين شخصيات أعمالي. في الماضي كنا نشاهد مسلسلات وكنا نقول انها لا تشبه الواقع أو نقول «عم بتمثل عليّ» اي «عم بتكذب عليّ». الفكرة التي كانت سائدة في الماضي هي أن الدراما تنقل أحداثاً غير واقعية ومنمقة في حواراتها، كأن يقول الابن لوالده عندما يتحدث معه «حضرتك»! لم يعد هناك وجود لمثل هذه المفردات لاننا نسمع «الصراخ
ونحن داخل بيوتنا، ويتبين أن الصراخ هو بين الأب وابنه أو ابنته. المسلسل ليس درس أخلاق وتوجيهاً وتربية مدنية، والدراما تشبه الواقع تماماً، وعندما نعرضها كما هي، نساهم في الإضاءة على الحقيقة وكشفها وفي جعل الناس يفكرون في اليوم التالي «ايه مظبوط هيك». انها نظرتي إلى الدراما وربما هي التي تجعلني قريبة من الناس، أنا لا أريد تقديم دروس في الأخلاق ولست كالبرامج الإذاعية التي تبث مشاكل الناس الحياتية عبر أثيرها من أجل إيجاد حلول لها. نحن في الدراما نعرض مشاكلنا ونوجِد «كاراكتيرات» مختلفة، بعضها كاذب وبعضها الآخر جيد وهي تعكس الخليط الموجود في المجتمع.
• لكن المخرج سيف الدين السبيعي يرى أن الدراما اللبنانية بعيدة عن الواقع ولا تعكسه، فهي لا تتناول مثلاً مشاكل الكهرباء وازدحام السير وسواها من المشاكل الأخرى الموجودة في مجتمعنا؟
- هذا رأيه.
• هل توافقينه أم تعارضينه؟
- لنترك الحكم للناس. لا يوجد لدي رد على هذا الكلام.
• لأنك مسالمة أم لأنه غير حقيقي؟
- «رديت عليه مرة شو بقضّيها عم رد عليه؟». مرة واحدة تكفي «ما عندي وقت أكثر». إذا كان السبيعي يرغب في الحديث دائماً عن هذا الموضوع «يضل يحكي». ربما هو يملك وقت فراغ أكثر مني. ليس المطلوب منا كفنانين أن نردّ على بعضنا بل المشاهد هو الذي يرى ويحكم. «عيب نتلاسن على بعضنا» لأننا اشتغلنا في يوم من الأيام في ورق واحد. عندما أعرض في مسلسل «جذور» فتاة تملس شعر اختها بواسطة المكواة وفجأة تنقطع الكهرباء وبقي نصفه من دون تمليس وظهر وكأنه على الموضة. ربما سيف لم يشاهد هذه الحلقة بل فقط الحلقات التي لم تنقطع الكهرباء فيها. هناك حرية رأي وسيف يشاهد وهو حر في التعبير عن رأيه.
• هل يمكننا القول ان مسلسل كلوديا مارشليان ينافس المسلسل المكسيكي الذي عاد إلى الأضواء مجدداً كما المسلسل التركي وكل المسلسلات العربية؟
- أنا أضعف من أن أدخل في منافسة شخصية. يُعرض لي حالياً مسلسل «جذور» وتكمن قوتي في كتاباتي وفي الاستعانة بممثلين نؤمن بقدراتهم وهم آمنوا بالعمل وبإنتاج آمَن بالنص وأمّن له التمويل اللازم وبمخرج «قتل نفسه» لإنجاحه، وبوجود فريق تقني وفني وأشخاص لهم دورهم وبينهم حتى الذين أمنوا الطعام للممثلين. نحن قدمنا هذا العمل من أجل النجاح وليس من أجل أن «نضرب» أحداً. نحن نريد أن نثبت أنفسنا لا أكثر ولا أقل ولا نريد أن نحمل سيوفاً على الآخرين. وهذا الأمر تحقق فعلا وجعلني أشعر بالسعادة.
• أنا أتحدث عن منافسة فنية وهي مشروعة لتقديم الأفضل؟
- هذا صحيح. لكن بعض الصحافيين يسألونني «هل تريدين الانتقام من...». انا لا أريد الانتقام من أحد وما حدا عاملي شي». برافو على الاتراك لأنهم غزوا السوق وكذلك المكسيكيين الذين وصلوا إلى عندنا من آخر الدنيا وجعلونا نقبع في بيوتنا. اتمنى أن تصل الدراما العربية إلى بلدانهم أيضاً. العام الماضي قالوا لنا ان مسلسل «روبي» نجح بمنافسة المسلسل التركي «فاطمة» وهذا الكلام جعلني أطير فرحاً، ولكنني عندما كنت أكتبه لم أكن أفكر أن هناك مسلسلاً اسمه «فاطمة» سيتنافس معه.
• نعرف أنك أرمنية ولديك حساسية تجاه الأتراك، ولكن الم تتأثري بهم درامياً ولو بطريقة غير مباشرة عندما كتبتِ المسلسل الطويل الذي يتناول مواضيع الحب والسلطة والمال والصراع العائلي؟
- الأتراك تأثروا في الأساس بالمكسيكي، وأين هي المسلسلات التركية الطويلة سابقاً. كلنا تأثرنا بالمسلسل المكسيكي، «أنت أو لا أحد»، وقبله لم نكن نعرف المسلسل الطويل. المسلسلات الطويلة منتشرة في كل العالم والكل تأثر ببعضه البعض والأتراك قرروا أن يجعلوا من الدراما صناعة عندما اكتشفوا انها تدرّ عليهم المال والجمهور وتشجع السياحة. ليس الاتراك هم الذين اخترعوا موضة المسلسلات الطويلة.
• صحيح أن المسلسل المكسيكي كان موجوداً ولكننا لم نتجه إلى المسلسلات الطويلة إلا بعد نجاح التركي؟
- بل نحن قدمنا «نساء في العاصفة» و«العاصفة تهب مرتين» قبل عشرين عاماً و«كسّرنا الدنيا». أنا شخصياً شاركت كممثلة في 300 حلقة متتالية في كلا العملين.
• ولكننا غبنا لفترة طويلة؟
- غبنا لأنه لم يكن هناك انتاج درامي. إلى المسلسلات الطويلة، لا ازال أكتب «ثلاثينات» لرمضان وأجزاء و«خماسيات» وقصة غير محدودة الحلقات متل «مدام كارمن» المؤلف من 6 حلقات و»غلطة عمري» المؤلف من 10 حلقات، وأيضاً «آدم وحواء» الذي لا تتجاوز مدة عرض الحلقة الواحدة منه سبع دقائق، كما أكتب «التليفلم» وقصصاً سينمائية وسلسلة «الحياة دراما» المؤلف من حلقة واحدة. أنا اليوم بصدد كتابة مسلسل مؤلف من 120 حلقة لمصلحة تلفزيون «أم.بي.سي» ومن بعده سوف اكتب 30 حلقة لمحطة أخرى، كما انتهيت من كتابة فيلمين سينمائيين جاهزين للتصوير. الكتابة ليست موضة بل فن وماذا يمكن أن نقدم، ولكن لا مانع من مواكبتها ما دمنا نقدم أعمالاً جيدة وناجحة وما دامت المحطة المصرية تتحدث عن نجاح لافت لمسلسل «جذور» وما دامت محطة «أبو ظبي» ايضاً تتحدث عن نسبة مشاهدة عالية لم تحقق مثلها سابقاً.
• هل لا تزالين تشعرين بالحسد لأنك غزيرة الانتاج؟
- لا أؤمن بالحسد.
• رغم أنك بررتِ غزارة انتاجك بانه يعود إلى حبك الكبير للكتابة وبقدرتك على تنفيذها من دون جهد أو تعب وبشغفك الكبير تجاهها، إلا ان بعض الناس لا يزالون يشككون بذلك. فماذا تقولين لهم؟
- هم أحرار. لا مشكلة عندي في كل ما يقال وفي كل ما سيقال، أنا قلت أكثر من مرة أنني أتمتع بغزارة أفكار بالإضافة إلى أنني كرست كل حياتي للكتابة وهذا خياري وانا حرة وسعيدة بقراري. انا لا أعرف كاتباً واحداً كرس حياته للكتابة بل لا بد وأن يقوم بشيء آخر الى جانبها كالتعليم بالجامعات أو حتى الاهتمام بعائلاتهم.
• يبدو أنك اقلعت نهائياً عن التمثيل؟
- لا يمكنني ذلك. لا استطيع أن امضي 6 شهور أو 8 شهور في التمثيل ولا سيما انني اليوم في مرحلة انتقالية على مستوى الكتابة وهناك ذروة في الطلب على أعمالي عربياً. أنا احتاج إلى كل شهر ويوم ودقيقة، ولا أقصد أن التمثيل مضيعة للوقت بل هو صعب جداً ويحتاج إلى تفرغ. التمثيل والكتابة مهنتان يجب أن «نترهّب « من اجلهما كي ننجح فيهما. لن اقبل بتمثيل دور «نص نص واتبهدل» بل الافضل ان اظل في مجال الكتابة.
• تفضيلك للكتابة يؤكد انك شغوفة به أكثر من التمثيل؟
- ليس إلى هذه الدرجة ولكن لا توجد أدوار عظيمة يمكن انتظارها. لا توجد كمية مسلسلات تحتوي كل الممثلين في أدوار مهمة.
• ولا حتى في مسلسلاتك؟
- لا أحب الخلط بين الأمور ولا أعرف كيف يمكن أن يجمع الآخرون بين الكتابة والتمثيل والإخراج في وقت واحد. كل مجال له رؤية خاصة به، ومنَ يجمع بين مختلف المجالات يتعب وينهار ولا يصل إلى أبعاد أخرى. أنا أتحدث عن نفسي وربما هناك من يملكون القدرة على الجمع بين كل شيء حتى في الغرب. عادة عندما أنتهي من كتابة مسلسل انتقل إلى آخر يعمل الآخرون على تنفيذه وانا أتابعهم. أحب هذه اللعبة ومشاركة الآخرين في أعمالي وليس أن أكتب لنفسي. لماذا أظهر على الشاشة وعندما أسير في الشارع يركض الناس ورائي. مثل هذه الأمور لا تعني لي شيئاً.
• عادة يستثمر المنتجون نجاح اي عمل بتصوير أجزاء له. لماذا لا تفعلون الشيء نفسه؟
- «شو مسخرة القصة». هل يجب أن يكون هناك جزء ثالث ورابع لكل عمل ناجح؟
لكن كان هناك تلميح لجزء ثاني من مسلسل «روبي»؟
- «روبي» انتهى. «حلو الواحد ينجح فوق، بدل اللعي اللي بلا عازة» إلى أن نصل إلى الفشل. يجب أن نعرف كيف نقطف النجاح ومن ثم الانتقال إلى نجاح آخر.
• أشرتِ إلى مسلسل من 120 حلقة لمصلحة «أم.بي.سي». لماذا لا توجد مشاركة للممثلين الخليجيين في المسلسلات المشتركة التي تعرضها قنوات خليجية؟
- هذه المرة سيشارك في العمل بعض الممثلين الخليجيين.